اخر الاخبار

كانت المحطة مزدحمة، جنود وضباط، نساء ورجال الكل على عجلة من أمره، في ذلك الزحام المرتبك وقف علاء بجوار كشك الهاتف الفارغ، ثمة زحام أخر على ذلك الهاتف، خليط بشري غير متجانس كان يقف على مسافة قريبة من كشك الهاتف لكي يحصل على دوره في الاتصال بفتاته التي لم تحضر في موعدها، والقطار يوشك على الرحيل كان يرقب عقارب الساعة بقلق، الرياح الباردة تعبث بمعطفه الاسود وشعره الفاحم، لكنه لم يكن يشعر بها، وقبيل أن يأتي دوره في استخدام كشك الهاتف، رن جهاز هاتفه النقال استخرجه من جيب معطفه..

- علاء أما زلت في المحطة؟

- نعم أنا انتظرك، فالقطار على وشك المغادرة.

ترددت قليلاً ولكنها همست وهي تضحك بعذوبة

- أنا قريبة منك .. انظر خلفك

استدار بقلب مرتجف، قلق، ليجدها واقفة عند الرصيف المقابل، تحمل حقيبة صغيرة وعيناها تلمعان بالشوق والحب، للحظة نسي كل شيء، حقيبة السفر الصغيرة، المسافرين، نداءات المذياع عبر مكبرات الصوت، نسيَ حتى برودة الطقس لقد خشى أن تنهار احلامه التي اسسها في لحظة طائشة، وضع الهاتف في جيب معطفه، عبر المسافة بينهما بخطوات سريعة ومرتجفة وخائفة وحين التقت أعينهما، لم تكن هناك حاجة للكلمات، كانت تلك اللحظة كافية ليعرفا ان الحب لم تكن به حاجة إلى موعد وساعة ومحطة قطار، ان كشك الهاتف يكفي أن ينصب نفسه شاهداً على ذلك. كانت تقف مسمرة على رصيف محطة القطار، تنتظر حسب الموعد ساعة قدوم القطار الذي سيأخذها برفقة حبيبها إلى مدينة شمالية جديدة لتبدأ فصلاً ناعما من حياتها، كانت تشعر بالقلق والتوتر، لكنها كانت متحمسة للمغامرة الجديدة في حياتها الجديدة. كانت تمسك بحقيبتها الوحيدة فيما غادر ذويها محطة القطار بعد أن ودعوها والقوا التحية على خطيبها، كانت تنظر إلى ساعة المحطة وتفكر أن الوقت لم يحن بعد لانطلاق قطارها فكان هو يقف على مسافة قريبة منها بلا حقيبة فقد نسيها لفرط توتره وقلقه وخشيته من عدم حضورها، نظرت إليه ولاحظت انه لا يحمل حقيبة سفر ، كان شعره مبللاً، مدت يدها وهي تحمل منديلها الابيض ومسحته..

- أين حقيبتك ايها العريس؟

ضرب جبهته وقال:

- لقد نسيتها قرب كشك الهاتف.

عندها أطلق قطارهما صفارته، سارع الجميع للصعود، جلسا معاً متلاصقين، وانخرطا معاً في حديث غامض مبهم قال لها:

- أتذكرين أول لقاء لنا.

- أجل انه هنا في محطة القطار

-  وتحديداً قرب كشك الهاتف

- تبادلنا معاً أرقام الهواتف

- وبقينا على أتصال دائم

لقد بدأت قصة حب جديدة في محطة قطار في يوم ممطر، وانتهت بعد عام بزواجهما انطلاقاً من محطة القطار نفسها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*قاص وروائي من الكوت.

عرض مقالات: