سلامٌ عليكَ، يا وجه النهر حين يفيضُ غضباً
يا رايةً لم تُنكِسْها الريحُ،
يا شعلةً توهجت فيها النارُ، وما انطفأت.
كنتَ تمشي على دربٍ مفروشٍ بالمسامير،
لكنَّ خطاكَ لم تتعثر .
وكانتْ زنازينُهم تضيقُ
لكن روحكَ كانت أوسعَ من ظلمِ الطغاة.
سلام عادل...
أيا سيفاً كُسرَ في سبيل الحقِ،
لكنَّ بريقه ظل يقطع الليل نصفين.
أيا شهيداً لم يُقتل،
بل صار خيطاً في نسيج العراق
وهتافاً يسكنُ شفاه النخيل
كلما عصفت به الريح.
ابنُ الجنوبِ... ابنُ الفقراءِ...
هل كان الدمُ سوى مهرٍ للحرية؟
وهل كانت الزنزانةُ سوى محرابِ الثائرين؟
وهل كان الجسدُ سوى نارٍ تتوهجُ
حتى أحرقت أيدي الجلادين؟
سلامٌ عليكَ، يوم ولدتَ من رحم القصبِ
ويوم سقطت، واقفاً كالنخيل
ويوم تحيا في قلوب البسطاءِ
وفي راياتِ القادمينَ من غدٍ لم يُولد بعد.
سلامٌ عليكَ، وعلى حزبكَ الذي صارَ قِبلةَ الكادحين
سلامٌ عليكَ، يا ابن الجنوبِ، يا رايةً لم تطوها العواصف
و يا سيفاً لم يُغمدْ رغم نزف الجراح.
لقد مضيتَ، لكنّ خطاكَ ظلت تقرع أبوابَ التاريخ
وصرختكَ صارت نشيداً في أفواه الفقراء
وصورتك وشمٌ في جبين العراق.
يا حزب الشهداءِ ... يا قبساً لا تنطفئ نارهُ
يا درباً مفروشاً بالعزم والصبر والجمر
يا رايةً حملها الرجالُ ولم يلقوها
لأنها ليستْ رايةَ حزبٍ فقط، بل رايةُ شعبٍ بأسره.
أنتَ القلعةُ التي لم تهدمها الريح
وأنتَ النهرُ الذي لا يجفُّ
وأنتَ الصرخة التي، وإن حاولوا خنقها
عادت تهدرُ في أزقّةِ الفقراء
وفي معامل العمّال، وفي حقول الفلاحين.
سلامٌ عليكَ، وعلى حزبكَ
أبا ركبِ الشهداءِ
ونصيرَ الجياعِ
وقلبَ العراقِ النابضِ بالعزمِ والمجدِ والنضال.
سلامٌ عليكَ، وعلى حزبكَ
يا راكبَ المواكبِ الحُمرِ، يا سِفْرَ البطولةِ
يا وهجَ العدلِ في ليالي الفقراء
يا نبضَ العراقِ إذا ضاقَ صدرُ الزمان.
سلامٌ على جرحِكَ النازفِ، يروي ترابَ الجنوب،
على رايتكَ التي لا تُنكَّسُ
على ناركَ التي لا تخبو
على حزبكَ، السائرِ فوق شوكِ الدروبِ
يحمل رايةَ الشمسِ في كفّهِ
ويهتفُ: "خبزٌ... وحريةٌ... وكرامة!" .