اخر الاخبار

دأبت إمارة الشارقة ان تضيء سماء الشعر العربي بكوكبة من شعراء العربية لتؤكد علو كعبها في ترسيخ الثقافة العربية والاسلامية وجعلها هوية تتفرد بها عن سائر البلدان العربية.

في 6 كانون الثاني/ 2025 بدأت فعاليات الدورة 21 من المهرجان، بمشاركة أكثر من 70 شاعراً وشاعرة وناقداً وإعلامياً يمثلون الدول العربية.

وتفضل امير الشارقة د. سلطان القاسمي بتكريم الشعراء الفائزين بالجائزة وهما الشاعر طلال الجنيبي/ الإمارات، والشاعر حسين العبدالله/ سوريا. وكانا ساهما بنتاجهما الشعري في إثراء الساحة الإبداعية ورفد المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات الشعرية اللافتة.

كما كرم القاسمي الفائزين بجائزة (الشارقة لنقد الشعر العربي)، وهم: فتحي بن بلقاسم نصري من تونس بالمركز الأول، عن بحثه (السير ذاتية في القصيدة العربية المعاصرة)، ود. أحمد جار الله ياسين من العراق بالمركز الثاني، عن بحثه (تلاقي الأجناس الأدبية في القصيدة العربية المعاصرة)، وإبراهيم الكراوي من المغرب بالمركز الثالث عن بحثه (شعرية النص العابر للأجناس: من هاجس التأصيل إلى سؤال الحدود).

شهدت الدورة الحالية للمهرجان مشاركة شعراء أفارقة يمثلون دول السنغال، ومالي، والنيجر، وتشاد، تماشياً مع أهداف المهرجان التي تسعى إلى الإنفتاح على آفاق شعرية جديدة، وتعزيزاً لملتقيات الشعر العربي في إفريقيا.

جلسات نقدية

ضمت الجلسة الأولى  التي حملت عنوان (الشعر العربي من الثبات إلى التحوّل). ثلاثة باحثين. الأول د. محمد أبو الشوارب/ (أوّلية الشعر العربي)، مر فيها على  بدايات الشعر العربي واستعرض تاريخ نشأة القصيدة، والفرضيات التي اتصلت بها، وحلل البنية الفنية للقصيدة العربية المكتملة العناصر اللغوية والصوّرية والشكلية، ولخص إلى كونها تعتمد بشكل رئيس على مقولة القيم الخلقية والاجتماعية بوصفها أساساً لإنتاج الخطاب الشعري على نحو يؤكد بروز هذا الاتجاه في مرحلة باكرة من تاريخ الشعر العربي القديم. اذا بدأت سجع ثم رجز لتصل الى ما هي عليه من قصيدة عمودية مكتملة.

وتناول الباحث د. ولد متالي لمرابط  بورقته البحثية (الرمز وتحوّل الدلالات)، إحدى أهم ركائز الشعر، وهي الدلالة ومايتصل بها من استخدام للرمز، وفاعلية الانزياح والغموض والمفارقة وغيرها، وبين قيمتها وما لحق بها من تحولات، وتباين استخدامها بين مختلف التجارب الشعرية المعاصرة. ويرى أن الترميز يشكل إحدى أهم السمات الفنية والدلالية التي وظفها الشعر العربي المعاصر، وقد جاء وليد عوامل فنية وثقافية وتجريبية، دفعت الشعراء المعاصرين إلى الاشتغال على هذا المنحى وتجذيره في تجربتهم الكتابية.

واختتم الجلسة الباحث د.سلطان زغلول في بحثه (التناص الشعري بين القديم والحديث)، واختار أن يحلّل تأثير النص القديم في التجارب الشعرية المعاصرة، ودور التاريخ في التمهيد لنظرية التناص، مؤكدا ابداع  الشعراء العرب في استلهام التراث الشعري العربي وإعادة إنتاجه عبر التناص؛ فالتراث الشعري العربي يشكل مرجعية لاغنى عنها للشاعر الحديث في أي بناء جديد يعبر عن هموم عصره وإشكالاته الخاصة.

مشاركة عراقية متميزة

كعادة المهرجانات الناجحة، يكون الحضور العراقي متميزا، فقد شهدت هذه الدورة مشاركة شعراء عراقيين وهم كل من جاسم محمد جاسم العجة، قاسم الشمري،سعد محمد، ونذير الصميدعي. توزعت قصائدهم على موضوعات الحب و الذات والغياب واليومي بكل محمولاته السياسية والاجتماعية والانسانية، واذ قرأ العجة قصيدة ( وعود البن) او وعود الشوق الذي ما ناله منها الا العنت والهجران فبقيت أسماؤهم في شفتيه شوقا دون ان يلتفتوا ، بل وانفرطوا وهم خرز مسباح لغته.

آتٍ ولا موعدٌ ، ماشٍ ولا جهةُ                        

أتعبتَ ظلّكَ والأنحاءُ موحشةُ

لأينَ تمضي ؟ قناديل الدروبِ غفت             

وأين تذهبُ  والآفاق مبهمةُ

وأنت يا شتتي - والريح ترصدني                   

لأين تمضي بريش العمرِ يا شتتُ

يا شوقُ، أسماؤهم للآن في شفتي                 

يا شوق:  ناديتُ كم ناديتٌ؟

الشاعر قاسم الشمري الذي ينحاز الى القصيدة السردية ،اخذنا برحلة حياة كاملة ، اذا رتب قصائدة الثلاث التي القاها بدءاً بقصيدة عن الأبن ثم الحبيبة ثم الأب ، وكـأنه يرسم خط سير حياة  بطريقة سردية. ومن قصيدة (هكذا اكتملت) بزغ الابن اماناً بدد القلق وأعلن عن حضور السعادة.

يا نَخلةَ الدار حيثُ الدارُ خاويةٌ                           

قبل اندلاعك أطلالاً بغيرِ عمدْ

يا رجفةَ القلبِ يا ابن الشيبِ يا سبباً                 

به اكتملتُ و نبضاً في العروقِ صعدْ

إن الزمانِ بك استوفى النذورَ فَكُنْ                      

عيناً أراني بها و الكون محضُ رمدْ

بُنَيَ، حسبي من الدنيا أكون أباً                            

يا واحدي حسبُ عَدّي أن تكون ولدْ

 اما الشاعر سعد محمد ، الذي قرأ ( إلى اللاشيء) فقد نحت وصفا لذات عراقية مزاجية لا يعجبها الثبات، تنصهر احتمالا ويعجز الموت عن تصنيفها ، لها الحب قبلة عاشقين وتمتماتُ. كما قرأ من قصائد اخرى منها "إمارة العزّ"، و"بائع الورد"، و"مرّ على المدينة شاعر".

بالأمسِ مرَّ على المدينةِ شاعرُ

من خطوهِ دفءُ الندى يتناثرُ

يمشي كأنَّ الأرضَ تحنو حبَّةً

وتبوحُ للنجمِ البعيدِ بصائرُ

من حيثُ مرَّ، تنفَّستْ أزهارُها

والنبضُ في أعماقِها متواترُ

يبني بأوتارِ الحروفِ ممالكًا

تسمو، كأنَّ الحبَّ فيها آمرُ

اما الشاعر نذير الصميدعي، فهمس في قصيدة (برق في غيوم الذات) عن صور الغياب فتارة هو احتمال في دروب تعود ان يشاكسها فيه السراب، او هو قمح التمني يخاصمه السحاب، وتارة اخرى يعمر بالغياب حضور غيره ويهجر نفسه فيسكنها الخراب.كما قرأ قصائد قصيرة نذكر منها قصيدة بعنوان "ريح"، التي استحضر فيها  حال الصراع بين مختلفين ..

كما شهدت الكثير من القصائد التي القاها شعراء عرب مثل احمد فتحي  و المنصف المزغني و سالم الشعباني وراشد العيسى ، والواثق يونس...ميلا واضحا نحو الوضع العربي ومخاضاته السياسية والاجتماعية فسجل الكثير من الشعراء موقفهم من ما تعتمل به الساحة العربية.