اخر الاخبار

انتابني شعور يشبه الاِلتحاق  بمظاهرة ضد الحكومة، شعور حميم في ممارسة حريتي في فسحة اليوم ضد ديكتاتورية الحجر المنزلي، واِستبداده النفسي المريع . كنتُ مصّراً على أن أمزّق إصراره بعناد، كهارب من السجن، وليس كموقوف يُفرج عنه بكفالة.                                                 ما رأيكِ أن ترافقينني؟ أومأت سيدة بيتنا بعلامة الرضا. هربنا معاً خارج أسوار المعتقل ضحكنا ملأ سرائرنا من غفلة الحرس المدججين بالكره، و أقدامنا تلوي أصابعها بهجة في جادة السراب.  سرت وئيداً بالسيارة، والهواء يملأ خياشيمي، و يفصح عن نقائه البريء في عناقي،  بأنه سليماً لا يضمرغدراً في طياته.   أنا أثق جداً بهواء بلادي، وماء بلادي، وناس بلادي. رحلة هادئة مضمخة بالجمال في أربعة  أحياء سكنية من جانب المدينة. قطعت  الشوارع الرئيسة منها، ثم إلى الشوارع الفرعية، و الطولية. رأيت جمالاً معمارياً يندر أن يحظى عقل بتشخيصه في أيام ما قبل الحظرالصحي . تصميمات محلية مذهلة، شوارع فرعية بفضاء قياسي، و جمالي، دور جديدة شقت كيانها البهيج في أرقى الخرائط الهندسية، واجهات جذابة، أبواب منزلية نادرة  التصميم، حدائق غناء، روائح فواحة للورد الجوري. قرأت سرديات الهوية العراقية، و الحضارية باسماء المدارس، ومراكز الحضانة، والمراكز الصحية، ومحلات التجارة. تزودت بنقاء فياض من كركرات الأطفال، وهم يغردون في ألعابهم مثل موسيقى عابرة.                  

قالت:  نرجع الآن، أنه صوت الأذان؟  شكراً رفيقتي لرحلتنا المشتركة المعبأة بالجمال، والضحك  ضد الفايروس، ضد اللعنة، ضد الفقر، ضد الفساد، ضد ضعفنا المبرمج،  وضد المتربصين بالإنسان.  لن يُغلق باب مدينتنا بالحزن، والقطع السوداء ما دمنا نضحك ملأ الرئتين. يبلغ داخل الإنسان من العظمة انه  يتسع، ويستوعب الأكوان، والآفاق، والمخلوقات، و يمكنه أن يصنع عنها صورا لاعدّ لها،  يرتبها في تضاعيف الذاكرة.. هذه القابليات المتطورة، والمختبرات الملونة، والخارقة يهملها الإنسان، ويكاد أن يتناساها بتأثير سموم، ومخدرات العيش، والمهنة، والراتب، و الإيجار، والمستحقات، والديون،  الحياة تلغي الحياة في عيون الإنسان،  وتوقف عدساته الكونية عن  الدوران، والالتقاط، والتخيل،والهيام، وبغية تنشيط معامل الذاكرة،  نبدأ التجارب  مع الأحبة، من جيران، وأصدقاء، وزملاء،  وأقارب، وسوا ذلك..  في دقيقة صمت مع افراغ الذاكرة تماما، لاستذكار هذا الكائن،.     و استحضار تفاصيل شديدة الخصوصية عنه، رائحته، صوته، عذوبته،  هكذا تكون الكاميرا قد اشتغلت.. التقطت.. العالم يتحرك.. الوان.. أصوات.. تجسيم.. نبضات قلب.. شلالات محبة.. وبالإمكان أن نسيّر محاولات للتضامن الروحي،     وتشكيل لوحات بمساقط حب وضاءة..نجري تغييرا في ركامات العادة،  اعتدنا أن نستهلك بناءات المحبة شفويا من دون تضحيات وهنا يكمن سر الجفاء  مع الهدوء، و الأمان.. هل ضحيتَ لأحدٍ..؟  هل أحببتَ أحداً كما هو من دون رتوش..؟ الفرح، والسعادة حصون، ومتاريس للدفاع ضد الخطرالماحق بنا. فكرت جيداً تلك الليلة  ونفذ تفكيري الى عوالم مجهولة للعوام. سألت قلبي هل تشك بطوية الفايروس؟ أجاب : نعم. ما يعني أن قلبي يشاركني أن أتهم المختبرات الدولية بالتخطيط للسيطرة على بايولوجية الإنسان في الشرق وفي العالم، والهدف هذه المرة الحامض النووي. اِنقلبت سعادتي حزناً، وتحاشيت أن أعكّر مزاج سيدة بيتنا بالوجوم الذي اِعتراني، فسعادة قلب الأنثى لقاح حقيقي ضد الإصابة بالوباء المصنّع.

عرض مقالات: