اخر الاخبار

عدة غزلان يرعين ، يدخل

انكيدو ، ويتوقف قرب شجرة

انكيدو: أيتها الغزلان " ينتبهن إليه " ارعين

بسلام وأمان ، إنني موجود هنا ، أنا ..

انكيدو " يتلفت حوله " النهار يكاد

ينتصف ، فلأجلس تحت هذه الشجرة ،

أريد أن أرتاح قليلاّ " يجلس تحت الشجرة

" آه ما أعذب النسيم ، وما أطيب رائحة

الحشائش والأزهار ، لا عجب إنه الربيع

" ينظر إلى الغزلان يرعين " غزالاتي ،

هذا هو عالمي ، أرعى معهن طول النهار ، وأخلد إلى النوم ليلاً ، على مقربة منهن ، يأكلن الحشائش ، وأنا آكل الثمار،

وبعض النباتات اللذيذة ، وإذا عطشنا

فالنبع قريب ، نشرب منه معاً حتى

نرتوي ، آه ما أعذب ماؤه الصافي "

يبتسم حين يرى خشفاً يرضع من أمه "

ارضع ، يا صغيري ، ارضع ، وتمتع

بحليب أمك ، الذي لا ألذّ منه ، نعم ،

أتحدث عن خبرة ، فقد كنت أرضع من

أكثر من غزالة ، ولولا الخجل لرضعت

معك ، وتمتعت بحليب الغزالة أمك "

يصمت مفكراً " أحياناً ، وقبل أن يغلبني

النوم ، وخاصة إذا كان القمر ، يطلّ عليّ

من أعالي السماء ، أتساءل ، من أنا ؟

ومن أين أتيت ؟ صحيح إنني لا أعرف

في البرية ، غير الغزلان والكائنات الحية

الأخرى ، وهي تألفني وآلفها ، لكني

أشعر أحياناً ، بأني لا أنتمي إليها تماماً ،

وإن كانت حياتي جزء من حياتها ،

وخاصة الغزلان ، وأنا أدافع عنها دائماً ،

إذا تعرضت إلى هجمات بعض الكائنات

المفترسة مثل الثعالب والذئاب وحتى

الضباع " يلاحظ أن الغزلان قد توقفت ،

وراحت تنظر إلى جهة النبع القريب " ما

الأمر ؟ " يعتدل " لعل ذئباً يتسلل في

الجوار ، إن الغزلان تستشعر الخطر أكثر

مني ، ترى عمّ تنظر " ينظر حيث بنظر ، يرى شمخي واقفة قرب النبع " آه كائن

غريب ، لكنه جميل ، لعلها غزالة من

غابة بعيدة ، لكنها لا تشبه غزلان غابتنا

هذه ، إنها تمشي على قدمين مثلي ،

وليس على أربعة أقدام ، ولها شعر مثل

شعري ، ويدان مثل يديّ ، و .. إنها تنظر

إليّ ، وعيناها اللتان بجمال أعين الغزلان ، ربما تنادياني، وتقولان لي .. تعال "

ينهض " حقاً إنها جميلة ، صحيح أن

الغزلان كلهن جميلات ، لكن لهذه جمالها

الخاص " يهمّ بالتوجه إلى شمخي ،

فتحيط به الغزلان " لا تخفن ، ما ترينه

ليس ذئباً ، ثمّ إنني كما تعرفن لا أخاف

الذئاب ولا حتى الدببة ، سأذهب إلى هذا

الكائن الغريب ، لأعرف حقيقته ، وماذا

يريد بمجيئه إلى هنا : يخرج من طوق

الغزلان ، ويتجه إلى شمخي "             

انكيدو يتجه إلى شمخي ،

الغزلان تمضي مبتعدة

"ودعنا في الأسبوع الماضي، الكاتب القصصي والمسرحي طلال حسن. وكان قد خص ثقافية "طريق الشعب" بعدة مسرحيات ومنها هذه المسرحية القصيرة وهي آخر ما كتبه. ننشرها باعتزاز".