اخر الاخبار

جمعني النقد التلفزيوني بالناقد الكبير قاسم عبد الأمير عجام عام 1983 حين بدأت كتابة هذا النوع من النقد قبل أن ينظم إلينا الصديق الناقد أمين قاسم خليل  فصارت مقالاتنا تواصل حضورها صحفياً كل اسبوع حيث كان قاسم وامين يتناوبان على كتابة مقال اسبوعي على صفحات “ طريق الشعب “ في حين كنت انفرد بكتابة مقالي الاسبوعي “ في النقد التلفزيوني “  في الصفحة الثقافية لجريدة الجمهورية ، فضلاً على ما كان  د. مجيد السامرائي يقدمه في زاويته الاسبوعية “ مقعد أمام الشاشة الصغيرة “ في الصفحة الأخيرة من جريدة الجمهورية أيضاً . لذلك كان ما يعرض من دراما وبرامج تلفزيونية يقع تحت طائلة عين المراقبة اسبوعياً ولعل في هذا ما يفسر محافظة تلك الدراما والبرامج على رصانتها خلال ثمانينات و تسعينات القرن الماضي، حتى أن كاتباً درامياً صديقاً اعترف لي قبل بضع سنوات أنه كان يخاف من سلطة النقد التلفزيوني وكان ذلك الخوف يدفعه إلى التأني فيما يكتب .

ولأننا ، نحن الثلاثة ، وكان قاسم أقدمنا في ممارسة هذا النوع من النقد، كنا ننتمي إلى منحى فكري واحد ، فإن ما كنا نكتبه كان يصب في اتجاه واحد هو الآخر ولم نختلف يوماً وكنا نؤدي ما هو مطلوب منا على نحو مقبول على الرغم من أن تخصص أي منا لم يكن على علاقة بالتلفزيون وآليات عمله ، معتمدين في ذلك على الثقافة الشخصية لكل منا. كان قاسم عبد الأمير عجام قد نشأ في مدينته “ المسيب “ التابعة للحلة ادارياً وعمل مهندساً زراعياً حاملاً شهادة  ماجستير في تخصصه العلمي ( العلوم الزراعية ) ، في حين كنا أمين قاسم وأنا قد أكملنا دراستنا الجامعية عام 1960في دار المعلمين العالية ( كلية التربية فيما بعد )هو مختصاً بالتاريخ وأنا باللغة الإنكليزية وعملنا في التدريس سنوات طويلة وكانت الكتابة في النقد التلفزيوني تدخل في باب فائض اهتماماتنا .

كان قاسم عجام واسع الإهتمامات فلم يتوقف عند حدود النقد التلفزيوني إذ كان النقد الأدبي أحد مجالات اهتماماته أيضاًوأصدر بعض الكتب في هذا المجال، لكنه عرف بالنقد التلفزيوني بفعل طبيعة هذا النوع من النقد وقدرته على استقطاب  الاهتمام أكثر من غيره .أذكر أنه عندما كان رئيساً لاتحاد أدباء بابل أقترح عليّ  تضييفي في إحدى جلسات الاتحاد للحديث عن تجربتي في النقد التلفزيوني وكان مجال اهتمامه الأثير آنذاك وأشرف هو على تفاصيل تلك الجلسة . 

فاجأني في مايس 2004 أن أعرف بأن قاسم عبد المير عجام تم تعيينه مديراً عاماً لدار الشؤون الثقافية العامة وكنت آنذاك أعمل سكرتير تحرير مجلة “ لثقافة الأجنبية “في الدار ، لكنني كنت في اجازة مرضية ، فتحاملت على نفسي وذهبت إلى الدار حين علمت بموعد مباشرته. وفي غرفته منحني إحدى ابتساماته الأخويةوهو يقول “وأخيراً سنلتقي كثيراً “ لكننا لم نلتق بعد ذلك اليوم لأن الرصاصات الغادرة ألتي انطلقت في 17 مايس 2004غيبّته عن أهله وأصدقائه ومتابعيه فيما يكتب . غير أن قاسم عبدالأمير عجام يظل حاضراً في الذاكرة العراقية اسماً كبيراً حافلاً بالعطاء الابداعي  .

عرض مقالات: