اخر الاخبار

ــ 1 ــ

فاجأ قرّاء جريدة “حقيقة ما يحدث” أنها نشرت باللون الأحمر والخط العريض،عنوان “إطلاق النار على السلام” لقصة أعلنت بأنها ستنشرها في عدد اليوم التالي وقالت أنها للقاص الكبير “نصير خالص”. ولأن “حقيقة ما يحدث” هي أكبر جريدة في البلد فقد كان ما تنشره موضع اهتمام ونقاش كبيرين وحصد ما تم نشره هذا اليوم بشكل خاص اهتماماً مبالغاً فيه.

 لقد تفاوتت الآراء والمواقف حول ما تم نشره واسم القاص بشكل خاص. فهناك من قال بأن الوسط الأدبي لا يعرف قاصاً كبيراً بهذا الاسم وقال آخر أنه قد يكون كاتباً ناشئاً وقع في شرك ألإدعاء ، وفي رأي آخر أنه قاص كبير حقاً ولكنه تستر وراء اسم مستعار لسبب أو آخر. وهناك من اتهم الجريدة بأنها تحاول بلبلة أفكار الناس في مثل هذه الظروف التي يمر بها البلد. زعم أحد قراء المجلة الرواد بأن عنوان القصة ينطوي على دلالة تنذر بالخطر. إنّ “أطلاق النار على السلام” تنطوي على إيماءة إلى الحرب. فالسلام نقيض الحرب ولا يلتقيان على صعيد واحد ، أثار ما قاله هذا القارىء الرائد كل الكامن في أعماق الناس من ذكريات أهوال الحرب فأهاج المواجع لاسيما أن أسماء الشهداء لا زالت محفورة على جدران قلوب أمهاتهم مثلما هي لا زالت محفورة على جدران بيوتهم. وهتف أحد المارة وقد بللت الدموع عينيه: “الفتنة نائمة. لعن الله من يحاول إيقاظها”.وتساءل أحد الجالسين على تخت في مقهى : “ما الذي يعنيه هذا الرجل بهذا القول ؟” فرد عليه آخر:” المعنى جلي يا رجل.يعني “شدّوا  رؤوسكم يا قرعين”. في تجاوب منقطع النظير أقامت الثكالى والمفجوعات مناحة تجريبية في فضاء المدينة الواسع المفتوح ، استباقاً للأحداث. أما تجار السوق السوداء فقد عقدوا اجتماعاً طارئاً مغلقاً لتدارس ما يمكن أن يحدث من تطورات وخرجوا في اجتماعهم بقرارات ظلت سرية لكنها ليست خافية على العارفين ببواطن الأمور، في حين التزم المسؤولون جانب الصمت في انتظار إطلالة فجر اليوم التالي.

ــ 2 ــ

نامت المدينة على حلم مخيف وكانت الوسادة ترتجف تحت رأسها ، واستيقظت مع إطلالة فجر مسكون بحمى القلق فتراكض الناس، قبل أن يتناولوا إفطارهم ، بحثاً عن جريدة “ حقيقة ما يحدث” لدى باعة الصحف.

 فاجأهم أن الثلث الأول من الجريدة في حالة بياض مثير للاستغراب. وثمة إيضاح من رئيس التحرير يفيد بأن كاتب القصة عمد ،وهو يرتجف ، إلى سحبها والجريدة ماثلة للطبع معللاً ذلك بأن ثمة من أساء فهم القصد من وراء العنوان فأضاف ألف لام التعريف إلى “سلام” مما أثار البلبلة بين الناس. فكل ما في الأمر أن أخاً وأخاه، يحمل أحدهما اسم “سلام” اختلفا حول قطعة أرض عائدة للدولة كان كل منهما يدعي بأنه أولى في الاستحواذ عليها فأطلق مجهول الاسم النار على المدعو سلام.نعم،هذا هو كل ما في الأمر.

(وعد : بلغنا أن الكاتب المخخضرم فلان الفلاني المقبم في مجاهل الجزر المنسية ، أعلن بأنه سيكتب النصف الثاني من هذه الحكاية دون مقابل ،إكراماً لوجه الله تعالى. له ألف شكر. ننتظر إذن )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*احدث كتاب صدر له أخيراً عن اتحاد الادباء والكتاب في العراق، مجموعة قصص بعنوان “خيط من ضوء”.

عرض مقالات: