جالَ في أرجاءِ أوروكَ طويلاً
باحِثاً عن أمسهِ المُشمِسِ في أحياءِ عدنانَ
وطيٍّ ومُضَرْ
بـعـدَ سـبـعٍ فـي نـعـيـمِ الـغـابـةِ الـعـذراءِ
حـيـثُ الـمـاءُ والـخـضـرةُ والـزيـتـونُ والـتـيـنُ
وحـيـثُ الـلابَــشَــرْ
*
شَــدَّ أنـكـيـدو الـى أوروكَ عـزمـاً..
حـاسِــراً عـن شَــبَـقِ الـفـحـلِ لـ “ شـامـاتَ” (*)
وعـن زخَّـةِ لـثـمٍ مـن إلـهِ الـعـشـقِ والأمـطـارِ “ إيـنـانـا “
وكـأسٍ مـن نـبـيـذِ الـعـقـلِ فـي حـانـةِ “ ســيـدوري “ ..
تـخـفّـى ..
سـارَ كـالـلـصِّ بِـخُـفٍّ مـن حَـذَرْ
*
خـوفَ أنْ يُـلـقـي عـلـيـه الـقـبضَ
حُـرّاسُ إلـهِ الـريـحِ والإعـصـارِ “ إنـلـيـلَ “ (**)
فـيـمـضـي الـعـمـرَ فـي اللامُـسْـتَـقَـرْ
*
جـازَ فـي عـودتِـهِ ســبـعـةَ أنـهـارٍ مـن الـخـمـرِ
وسـبـعـاً مـن سـواقـي الـمَـنِّ والـسـلـوى
وغـابـاتِ تـراتـيـلَ ووديـانَ سَــهَــرْ
*
خـلـعَ الـثـوبَ الـذي كـانَ مـن الـعـشـبِ
وأوراقِ الـشـجـرْ
*
وارتـدى مـايـرتـديـهِ الـنـاسُ فـي الأمـسِ بـأوروكَ:
ثـيـابٌ مـن حـريـرٍ تـحـتَ قـفـطـانٍ مُـوشّـىً
بـالـدُّرَرْ
*
طَـمَـغَ الـجـبـهـةَ (***)
قـصَّ الـشَّـعـرَ
واخـتـارَ لـهُ إســمـاً جـديـداً
واكْـتـنـى غـيـرَ الـذي كـان يُـسـمّـى..
فـهـو الانَ “أبـو الـخـيـرِ عـلـيٌّ “
و “ أبـو الـعـدلِ عُـمَـرْ “ ..
*
وهـوَ الـمُـنـقِـذُ والـحـامـي / الـقـويُّ / الـزاهـدُ / الـمُـؤتَـمَـنُ / الـسَّـبـعُ
إذا هـدَّدَ أوروكَ خـطـرْ
*
جـالَ فـي أرجـاءِ أوروكَ طـويـلاً
بـاحِـثـاً عـن أمـسـهِ الـمُـشـمِـسِ فـي أحـيـاءِ عـدنـانَ
وطـيٍّ ومُـضَـرْ
*
راعَـهُ أنَّ دروبَ الأمـسِ لا تُـفـضـي الـى الـيـومِ
وشـامـاتَ قـضَـتْ نـحـبـاً بـسـاطـورِ ولاةِ الأمـرِ بـالـمـحـشَــرِ
والـنـهـي عـن الـعـشـقِ..
وإيـنـانـا اسْــتـخـارتْ غـيـرَ أوروكَ مـلاذاً ..
والـمـغـانـي لا أثـرْ
*
ورأى الـفِـتـيـةَ والـصـبـيـانَ يـمـشـون حـفـاةً ..
بـعـضُـهـمْ
يـبـحَـثُ عـن بُـقـيـا طـعـامٍ فـي بـرامـيـلِ الـنـفـايـاتِ ..
وبـعـضٌ
يـبـسـطُ الـراحـةَ يـسـتـجـدي نـقـوداً ..
وكـثـيـرونَ عـلـى أرصـفـةِ الـذلِّ يـبـيـعـونَ دخـانـاً ومـنـاديـلَ
وأشـيـاءً أُخَـرْ
*
ورأى بـعـضـاً مـن الـقـومِ ـ قـلـيـلـيـنَ ـ يـسـيـرونَ طـواويـسَ
ويـمـشـي خـلـفـهـمْ جـنـدٌ كـثـيـرونَ ..
رأى مِـنْ بِـدَعٍ فـي الـديـنِ ما لا تُـغـتَـفَـرْ
*
سـألَ الـمـاشـيـنَ عـن “إنـكـي” و”أوتـو” (****)
فـأتـاهُ الـردُّ:
“ أوتـو “ مـنـذ ســادَ الـشـرُّ فـي أوروكَ فَـرْ
*
وإلـهُ الـحـرفِ والـقـرطـاسِ والأشـغـالِ “ إنـكـي “
كَـرِهَ الـعـيـشَ أسـيـراً لـجَـهـولٍ
فـانـتـحَـرْ
*
فـزَّ أنـكـيـدو ..
سَــرَتْ فـي قـلـبـهِ رعـشـةُ مـوتٍ
لـم يـعـدْ يـعـرفُ
هـل مُـبـتـدأً أضـحـى لأوروكَ الـتـي شَـدَّ إلـيـهـا الـعـزمَ
أمْ مـحـضَ خـبـرْ!
*
كـلُّ حَـيٍّ دولـةً صـارَ
لـهُ جـيـشٌ وقـاضٍ وإمـامٌ مُـنـتـظَـرْ
*
كُـلُّـهـمْ فـي مـجـمَـعِ الآلـهـةِ الـزورِ
يـبـيـعـونَ عـلـى الـنـاسِ الأمـانـي والـخَـدَرْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أديليد -أستراليا
الخميس 6 /5 /2021
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) شامات: في ملحمة كلكامش هي الحسناء التي أغوت أنكيدو فمكّنته من نفسها فتأنسن بعد توحّش. وإينانا إلهة الحب والجمال والمطر .. سيدوري: صاحبة الحانة المعروفة بالحكمة وسداد الرأي، وهي التي نصحت كلكامش ببناء السور العظيم.
(**) إنليل: إله الرياح والأرض والعواصف وكان راعيا للوحش المدمّر خمبابا
(***) طمغ: ختمَ ، جعل له علامة ـ كوشم الجبين مثلا ـ وهي كلمة تركية معرّبة .. إكتني: إتخذ له كنية / إسما مستعارا غير اسمه الحقيقي.
(****) أنكي: إله الحِرَف والصناعات والثقافة، وأوتو إله الشمس في الملحمة.