اخر الاخبار

لا ابهار من دون تجديد، ولا تجديد بدون خامة مبتكرة ،وكل ذلك يتوافر في اشتغال النحات محمد الشجيري وهو يتلاعب بخامة أعماله بالمزج بين الحجر والحديد من دون اغفال اللون الذي يتناسب مع صلابة التكوين ورقة ادهاشه ،والذي يؤدي مباهج التأويل الذاتي والخاص بابتكاراته المتواثبة دونما توقف ،ولعلها من المهام الصعبة  لاتخاذ الطريق الخاص في النحت العراقي المتسيد في تاريخ الحجر والنحاس في الاعمال الفنية العراقية الحديثة ،لأن كل ما ينتج من نحت جديد يدفع النقد الى جهة التذكر والربط بما هو منتج وراسخ في العين والذاكرة في النقد المتخصص والمشاهد  المتذوق.

ازاء هذا الابهار نحتاج الى قرائن تدعم ما ندعية من خصوصية لفن النحات محمد الشجيري ،فهو حين يقترب من الفن الاشوري او البابلي او السومري فهو الابن البار لتاريخ عريق في معرفة التفاصيل بدقة متناهية تقترب من فن الخزف. ولكنه يتحول الى مبتكر تأخذه روح الهواية حين ينحت ثيرانه المرصعة بالزجاج والمدمجة مع الحجر بلمعان مؤنس يحيل جوهر القوة الى فن المتعة والفرجة الفنية ، او الطواطم التي تتحول حركة العيون فيها الى حركة متداخلة للتعبير عن حالة شعورية تنقل التمثال الاثري من جمود التقليد الى معاصرة التعبير الحديث ، وكل ذلك ياتي عبر التفكير بالفن من ناحية المتعة والترفية والاندماج مع الذات بعيدا عن التجارة وما يأتي بعدها فهو تحصيل حاصل في سوق الفن ،فهو لا يعتني بزينة النحت التي تجسد النساء او التماثيل التقليدية التي تزين البيوت باريحية لا تحتاج الى رؤيا او نقاش ،ومن الامثلة الباهرة تمثال الثور والكرسي في اندماج التعبير ،لانكفاء الحركة وتراجع قوائم الثور في اشارة الى غياب القوة ،والتماهي مع هيكل الكرسي في تشبث الامساك بالمكان، فهو اذن تمثال للفن ،من دون طموح تجاري مباشر ،ان ما يفعله الشجيري هو مكابدة لخلق عالم متجدد في النحت ،وفي هذه المرحلة اشتغل على هيكل الثور تارة بفتحات تشير الى الفراغ في اعلى الرأس وغياب تفاصيل الوجه التقليدي وتارة يجلس حيوانه على كرسي وتتحول القوائم الى مساند للكرسي في التحام وتشوق الى الامتلاك  في عالم القوة الغاشمة. بينما حين نصل الى مرحلة الحديد والزجاج اللماع عند الجمل نجد السنام لامعا في كناية عن حمل الكنوز لايصال رسالة فنية تعتمد اكثر من تأويل.

لقد اجتاز محمد الشجيري في محترفه البابلي اكثر من مرحلة ذلك انه اشتغل على المهمل من الاشياء في الدراجة الهوائية و الخردة الحديدية واشتغل على المرمر والزجاج والحديد ، متسابقا مع قدراته النحتية فاحرق اكثر من مرحلة دون ان يقع في افة التقليد واعادة المنتج الفردي ،وهو بذلك امتلك هويته الخاصة في التنوع ،والمواد التي يعتمد عليها تشير اليه .

ان بامكان الشجيري اقامة اكثر من معرض ولكل معرض هوية خاصة، وهذه الامكانية تجعلنا نشير اليه بكل ثقة ،على انه واحد من المبتكرين الجدد ولكنه يشتغل بهدوء وبدون ادعاء ،وما يدفعنا للاشارة لفنه، لانه استحقاق فني وعلى النقد الانتباه لفنان مقتدر، قد لا يحسن احيانا في تقديم فنه ،ولعلها خصلة مستمدة من التواضع العميق لفنان اتخذ لنفسه مقعدا مميزا بين اقرانه في مسيرة فنية بزمن قصير ولكنها ترسخت بعمق فني لا يمكن نكرانه في الساحة الفنية العراقية.

عرض مقالات: