اخر الاخبار

منتصف الشهر الخامس من العام 1963 أصدر المجلس العرفي العسكري الأول قراره القاضي بالحكم علي بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن قضية اعتقلت بموجبها صباح يوم 26/9/1962 واودعت مركز شرطة الشامية حتى موعد المحاكمة، اودعت سجن نقرة السلمان حتى اوائل تموز 1963 حيث نقلت ضمن مجموعة من السجناء إلى سجن بعقوبة لتوفير مكان لاستقبال من نقلوا من سجن رقم واحد في معسكر الرشيد إلى سجن السلمان في قطار الموت كما معروف.

خلال الفترة التي أمضيتها في سجن نقرة السلمان والتي قاربت الشهرين كان معي في نفس القاعة شاب بصري عرفت حينها أن اسمه قصي وانه لحد اعتقاله إثر انقلاب الثامن من شباط الاسود كان طالبا في معد الفنون الجميلة في بغداد، وباعتقاله انقطعت أخباره عن عائلته حاله حال باقي المعتقلين.

كان قصي مرحا، مسرورا دائما. يمازح هذا، ويتحدث مع ذاك، كثير الحركة، والتنقل بين القاعات وهي كثيرة وتغص بالمعتقلين والمحتجزين والسجناء ما شاهدته مهموما ولا لثانية واحدة.

سألت أحد الرفاق المعتقلين في نفس القاعة عن موضوع قصي فأجابني بانه ينفذ توصية شقيقته.

شقيقة قصي وهي تبحث عنه في معتقلات بغداد قيل لها الأفضل ان تتردد على محطة قطار الجنوب في علاوي الحلة اذ أن التسفيرات تنقل عبر هذا القطار السجناء والمعتقلين الذين ينقلون إلى سجن نقرة السلمان لعلها تراه ذات يوم وقد شاهدته فعلا عصر يوم من ايام شهر اذار اذ جيء به مع مجموعة من السجناء لينقلوا بالقطار إلى مدينة السماوة ومنها إلى سجن السلمان.

جلس قصي على كرسي في احدى العربات ووقفت شقيقته على الرصيف واخذت تحادثه من خلال الشباك حتى بدا القطار بالحركة، الحركة بطيئة بحيث استطاعت شقيقته ان تسير إلى جانب القطار وتوصيه بالقول:

((قصي يا قصي، لا تبكي، لا تبتئس، لا تذرف دمعة، افرح، اطرب، ارقص، غني، امرح، شدة وتزول)) ولوحت له بيديها وغادرت المحطة مثلما غادرها القطار، متوجها إلى البصرة.

وبالفعل ((شدة اوزالت)) وبقيت الناس تتناقل المعلومات عما ارتكب الحرس القومي وقادة الانقلاب من جرائم، في حين غادر قصي السجن ليواصل الدراسة ويمتهن الاخراج المسرحي، ولا يمكن ان أنسي مطلقا اوبريت بيادر الخير الذي كان من إخراج قصي البصري سبعينات القرن الماضي.

وللتعرف أكثر أنصح بالعودة إلى ما كتبه العزيز جاسم المطير عن قصي وعن حياته والبيئة التي نشأ فيها على صفحات مجلة الغد – العدد 20 الصادر عام 2017.

عرض مقالات: