اخر الاخبار

في سن مبكرة بادرت لتأسيس مكتبة منزلية تضم العشرات من الكتب المتنوعة، فقد عرف عنها ولعها بالمطالعة وكانت تقرأ ما يتوفر لها من الكتب وما يقع بين يديها من مطبوعات محلية ومترجمة.

اطلعت على أشعار الشعراء جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي عن تحرير المرأة وتأثرت بها كونها تنادي بتعليم المرأة وتحررها، وبالأخص ما كان ينشر من أشعار للزهاوي بهذا الخصوص:

علما المرأة بالمرأة عنوان الحضارة  

    انما المرأة والمرء سواء في الحضارة

او:

مزقي يا ابنة العراق الحجابا         

     وأسفري فالحياة تبقى انقلابا

وكما قال في قصيدته “اسفري”

اسفري فالحجاب يا ابنة فهر               

  هو داء في الاجتماع وخيمُ

كل شيء إلى التجدد ماض               

فلماذا يُقرُ هذا القديم

واعجبت بأشعار الشاعر الرصافي عندما يتحدث عن رفع الحجاب:

ولقومنا في الشرق حال، كلما 

   زدت افتكارا فيه زدت تعجبا

تركوا النساء بحالة يرثى لها    

 وقضوا عليها بالحجاب تعصبا

كما تأثرت بمقولات احمد عرابي وسعد زغلول في مصر في دفاعهم عن قضية المرأة العربية والدعوة إلى السفور، بالإضافة إلى قراءة الكتب عن الثورات الكردية في كردستان العراق واطلعت على ما كتب عن القائد التركي كمال مصطفى اتاتورك وافكاره التنويرية.

ولدت الرائدة آسيا عام 1901 من عائلة متنورة، يذكر ان والدها كان تاجراً معروفاً في السليمانية وان عائلته قد استقرت منذ قرون في كردستان العراق. والدتها سيدة عربية تنتمي إلى اسرة بغدادية. درست في مدرسة الرشيدية العثمانية للبنات وتفوقت على زميلاتها في الدراسة.  كانت تناقش في مرحلة متقدمة من الدراسة مع مدرساتها حول الموضوعات الثقافية والسياسية بما يخص تقدم المرأة.. مما اثار اعجاب من حولها.

عملت مبكراً في صفوف المنظمات والجمعيات النسوية منذ عام 1923 حيث انتمت إلى جمعية النهضة النسائية، وسعت بكل جهدها للعمل بين صفوف النساء وتوعيتهن ونشر المفاهيم التحررية من أجل النهوض بواقع المرأة. كذلك عملت في جمعية “مكافحة العلل الاجتماعية” مع مجموعة من النساء المناصرات لقضية المرأة في المجتمع وضمت الهيئة الادارية: آسيا توفيق وهبي وعائشة خوندة وسارة الجمالي وأسماء الزهاوي شقيقة الشاعر جميل صدقي الزهاوي وفتوح الدبوني ومرضية الباجه جي وأخريات.

كانت تحلم بأن ترتقي بمستوى المرأة العراقية، كما هو الحال في مصر ورموزها النسوية مثل هدى شعراوي ونور حمادة من سوريا بما يخدم توثيق الروابط العربية النسوية والعالمية. تزوجت من المفكر والمؤرخ الكردي المعروف توفيق وهبي والذي انتسبت له عائلياً وحملت اسمه عام 1927، واشترك معها في وضع أهدافها ومنهاجها في مجال تقوية الروابط بين النساء وتفعيل دورهن في المجتمع. أسست عام 1945 جمعية سميت “الاتحاد النسائي العراقي” وفقاً للمقررات التي اتخذها مؤتمر الاتحاد النسائي العربي في القاهرة للعمل على رفع مستوى العائلة، وخدمة المجتمع وفق الأهداف التالية:

* توثيق الروابط التعاونية بين الجمعيات النسوية في العراق.

* توثيق العلاقات الثقافية والاجتماعية والقومية مع الجمعيات النسائية في الأقطار العربية.

* توثيق العلاقات بين الجمعيات النسوية في العراق والمؤسسات العالمية التي تعمل من أجل رفع مستوى المرأة.

* توثيق جهود نساء العراق لرفع مستوى المرأة صحياً واجتماعياً وشرعياً واقتصادياً.

* يجب ان تعتبر الجمعية المنظمة للاتحاد فوق الاعتبارات الطائفية والعنصرية والدينية.

* تسعى الجمعية للوصول إلى أهدافها بكل الوسائل ومن بينها الدستور والقانون.

عملت على توحيد الجمعيات النسوية في الداخل من خلال انتخاب ثلاث عضوات من كل جمعية أو منظمة لتمثيلهن في الاتحاد.

مثلت آسيا وهبي العراق في المؤتمر النسائي الشرقي الأول في دمشق عام 1930 وهو أول تجمع نسوي عام عندما كانت طالبة بدار المعلمات مع السيدة جميلة الجبوري. كما شاركت في افتتاح الجمعية العلمية النسائية في السليمانية عام 1930.

نشطت في تأسيس “جمعية حماية الأطفال” لنشر الوعي الصحي ورعاية الطفولة وحقوقهم في العيش بكرامة وضمان التعليم الالزامي، كما طالبت بإعطاء الطفل للأصلح من الأبوين في حالة الطلاق.

أسست مجلة خاصة لنشر المقالات التوجيهية بطابع ثوري عام 1949 وطالبت من خلالها بتحسين وضع المرأة قانونياً، إذ طالبت بحق المرأة بالتملك وحقها في المشاركة بالحياة السياسية والمشاركة في الانتخابات العامة، كما أثارت قضية الطلاق والمهر وما يتبعها من مشاكل اجتماعية بين الزوجين، مع ضرورة اجراء الفحص الطبي للراغبين بالزواج واعطائهم شهادة طبية تؤيد سلامتهم من الامراض.

في ايار عام 1950 صدر العدد الأول من المجلة وهي شهرية واجتماعية وكانت آسيا توفيق وهبي هي صاحبة الامتياز والمدير المسؤول هو امين زكي. وقد اهتمت المجلة بما تعانيه المرأة في الاسرة والمجتمع. كتبت مقالة جاء فيها: اننا نؤمن ايماناً تاماً بأن من واجبات المرأة العراقية ان تسير جنبا إلى جنب الرجل وتشاركه في السراء والضراء ولذلك وضعنا نصب اعيننا نيل حقوقها كاملة وغير منقوصة ليتسنى لها ممارسة حقوقها السياسية. ولها مقالة اخرى بعنوان “النهضة النسائية في العراق” ومقالة ثالثة بعنوان “باسم المرأة العراقية” ومقالة رابعة “كيف تأسس الاتحاد النسائي” ووضع النظام الداخلي له. ومن اهم نشاطاتها هو انها وثقت اعمال المرأة العراقية في حقل الخدمة العامة بستة اجزاء عام 1950. وبعد نيل المرأة اللبنانية حق الترشح للانتخابات عام 1952 والسورية في حق الاقتراع وتمثيل المرأة المصرية في مجلس الأمة المصري، رفع الاتحاد النسائي مذكرة إلى رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأعيان جاء فيها: اننا نطالب بإلحاح بأن تعترف الحكومة العراقية بمساواة المرأة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بالرجل.. ولها الحق بالمطالبة بالمساواة في الحقوق وان تسرع بسن التشريعات

شاركت في المؤتمر العالمي للمرأة في لاهور عام 1952، وفي مؤتمرات نسائية عالمية عقدت في الشرق واوربا. اهتمت بشريحة الشباب واجراء مسابقات لهم ومنها بعنوان (أحسن مقالة عن الأم) وفاز فيها الطالب عباس. وفي لقاء معه اجرته المجلة ذكر انه حصل على ساعة يدوية عندما كان طالباً في كلية الصيدلة كونه كتب أحسن مقالة عن الأم.

توقفت مجلة الاتحاد عدة سنوات لأسباب سياسية وعادت بلجنة جديدة ضمت: آسيا توفيق وهبي وهي الرئيسة وعضوية كل من: بتول عبد الله حافظ/ امينة السر، وعفيفة البستاني وحسيبة امين خالص وعزة الاستربادي وعائشة خوندة وظفيرة جعفر ورضية الباجه جي، وفتوح الدبوني. كما كان لها المساهمة بإغاثة منكوبي الفيضان عام 1954، وكان للجنة دور ايجابي عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وذلك بإرسال المساعدات الطبية للجرحى والمعاقين.

شاركت في مؤتمرات نسوية ما بين اعوام 1955 ودمشق عام 1957 وسافرت إلى لندن بعد عام 1958، وتوقف قلبها عن الخفقان عام 1980 ونقل جثمانها من لندن إلى بغداد حسب وصيتها، ووري الثرى في مقبرة الشيخ عبد القادر الكيلاني، وبذلك فقدت الحركة النسائية واحدة من أبرز رموزها ممن دافعوا عن حقوق المرأة وحريتها.

عرض مقالات: