قال الفنان المسرحي كافي لازم أن "أي (دعم رسمي) للفن عادة ما يكون مشروطًا بخطاب سياسي أو ثقافي محدد تفرضه الدولة على الفنانين. فيفقد الفن بذلك استقلاليته".
جاء ذلك في جلسة فنية نظمها أخيرا "غاليري مجيد" في بغداد، وضيّف فيها لازم الذي تحدث عن ذكرياته مع "فرقة المسرح الفني الحديث" وعن المشهد المسرحي في العراق، بحضور جمع من المثقفين والمهتمين في المسرح.
واستعاد لازم في حديثه، البدايات الأولى لتأسيس الفرقة في بغداد، إبان نيسان 1952، مبينا أن هذه الفرقة قدمت تجربة فنية ثقافية أصيلة، وساهم في تأسيسها وتنشيطها والدفاع عنها فنانون بإمكاناتهم الخاصة، أمثال إبراهيم جلال ويوسف العاني ونخبة من الفنانين المتحمسين الطموحين من طلبة معهد الفنون الجميلة.
وأشار إلى أن هذه الفرقة، ورغم عدم توفر الامكانات المادية والمستلزمات الفنية، ساهمت بشكل كبير في النهضة المسرحية العراقية، واستعادت أعمالا عالمية وقدمت أخرى عراقية تعالج الهموم الاجتماعية والسياسية بصورة مغلفة بالرموز والإيحاءات الكوميدية الساخرة، فاستجاب إليها الجمهور بصورة واسعة، ما دعا السلطات إلى تضييق الخناق عليها بشتى الأساليب.
ثم تحدث الضيف عن دور الدولة في دعم المسرح. وقال أنه "لو تأملنا التجارب المسرحية العالمية سنجد أن المسرح لم يزدهر أبدًا حين كان مرتهنًا لسلطة الدولة، لأن أي دعم رسمي عادة ما يكون مشروطًا بخطاب سياسي أو ثقافي محدد تفرضه الدولة على الفنانين. فيفقد الفن بذلك استقلاليته"، مضيفا القول أن "شرط النهوض الحقيقي بالمسرح ليس انتظار معونة الدولة، بل تحرره من هيمنتها مع خلق بدائل عملية، مثل المبادرات المسرحية الفردية والجماعية، والورش الصغيرة، والمسارح المستقلة، فضلا عن تقديم العروض في أماكن غير تقليدية مثل الشارع والأماكن العامة".
وشدد لازم على أهمية تنشيط دور الأفراد الداعمين للثقافة من أجل تعزيز المشهد المسرحي، مع صناعة جمهور مؤمن بالفن. كما أشار إلى أهمية تقديم أعمال مسرحية في الجامعات، وفتح شراكات مع تلك المؤسسات في هذا السياق.
ورأى أن الاعتماد على القطاع الخاص في تنشيط المسرح، أفضل من "الاكتفاء بفِتات المعونات الرسمية".
فيما لفت إلى أن "الدولة ممكن أن تكون شريكا في تنظيم وتهيئة المسارح، وربما يكون لها دور في سن قوانين لحماية حقوق الفنان، لكن ليس راعيا أبويا يوزع المعونات كما يشاء".
وخلص إلى ان "المسرح لا ينهض إلا بعد أن يستعيد استقلاليته في فضاء حر، ويثبت انه قوة ثقافية قائمة بذاتها، عندها حتى الدولة تضطر للاعتراف به بدل أن تمنحه الصدقات"!
وفي سياق الجلسة قدم الفنان كافي لازم مشهدا مسرحيا.