اخر الاخبار

ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد السبت الماضي، الكاتب والمترجم كامل عويد العامري، الذي قدم محاضرة بعنوان "العزلة الثقافية.. قراءة في عوائق التواصل الحضاري".

الحدث الذي احتضنته قاعة المنتدى، حضره جمع من المثقفين والأدباء والمهتمين في الشأن الثقافي، وأدارتها القاصة والإعلامية مآب عامر.

وفي معرض محاضرته، تناول العامري جملة من القضايا المرتبطة بالثقافة وعلاقتها بالتواصل المجتمعي، كالعزلة الثقافية، والترجمة، والعولمة، والتبادل الثقافي، والحوار الحضاري، والفجوة الرقمية، متوقفًا عند أبرز العوائق التي تقف أمام انفتاح الثقافات على بعضها، سواء كانت عوائق فكرية، أم اجتماعية، أم سياسية، أم نفسية.

ثم ساق أمثلة من تجارب عربية وعالمية في مجال الترجمات والآداب والفنون، موضحًا كيف يمكن لـهذه "العوائق" أن تؤدي إلى عزلة ثقافية، تحدّ من فرص الحوار الحضاري وتبادل المعرفة.

ولفت العامري إلى ان "العزلة الثقافية ليست انعداماً تاماً للاتصال، بل هي اتصال مشوّه. وهي تشبه الوقوف خارج قاعة ندوات تسمع فيها ضجيجاً، لكنك لا تفهم الحجج"، مشيرا إلى أن العزلة الثقافية هي "حالة من الانكفاء والانغلاق تؤدي إلى انقطاعٍ أو ضعف في الحوار مع الثقافات الأخرى".

ثم ألقى ضوءاً على التحديات التي تواجه الترجمة والتي قد تعيد إنتاج العزلة، مبينا أن الترجمة قد تتحول إلى قناة أحادية الجانب "حيث تترجم الثقافة المسيطرة ثقافات الآخرين بشكل انتقائي لتؤكد صورها النمطية عنها. بينما تُترجم الثقافات الأقل هيمنة ثقافة المركز بشكل مكثف وغير متوازن، ما يعزز التبعية الفكرية".

وأشار المحاضر إلى الإشكالية بين الالتزام الحرفي بالنص المُترجم عنه، وضرورة توطين النص لجعله مقروءا ومفهوما في الثقافة الاخرى، منوّها إلى ان استثمار الدول والمؤسسات في الترجمة ببرامج منهجية تدعم الترجمة من الثقافة المحلية وإليها "هو استثمار في قوتها الناعمة وفي تفكيك العزلة التي تهددها".

ويرى العامري أن من المهم إنشاء معاهد وبرامج حكومية مخصصة للترجمة، مع زيادة برامج التبادل الطلابي والأكاديمي والفني، على أن تكون تلك البرامج قائمة على الحوار وليس على العرض الأحادي، مشددا على أهمية تشجيع ودعم ظهور دور نشر متخصصة في ترجمة الآداب العالمية، وعقد اتفاقيات حقوق ترجمة مع دور نشر أجنبية، فضلا عن انشاء برامج ماجستير ودكتوراه متخصصة في الترجمة الأدبية والعلمية، تخرّج مترجمين قادرين على الاشتغال كوسطاء ثقافيين وليس ناقلين آليين.

وأثارت المحاضرة مداخلات وأسئلة طرحها عدد من الحاضرين، وعقّب عليها المحاضر، ما أضفى على الأجواء طابعا تفاعليا وحواريا مثمرا.

وفي الختام، قدّم رئيس المنتدى د. علي مهدي، الشكر والتقدير إلى المحاضر، مشيدا بمستوى طرحه الثقافي الفكري الذي أضاء أمام الحاضرين زوايا جديدة في التفكير. فيما سلّمه شهادة تقدير باسم المنتدى.