اخر الاخبار

ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، أخيرا، د. عدنان عبيد المسعودي، الذي ألقى محاضرة بعنوان "تفكيك خبايا النص في ملحمة جلجامش: مقاربات منطق الصراع، فلسفة العمل، المقاومة"، بحضور جمع من المثقفين والأدباء والمهتمين في الأدب والتاريخ.

المحاضرة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، أدارها الأستاذ سعدون هليل. واستبقها بتقديم نبذة عن المحاضر الضيف. فيما ألقى الضوء على أبرز مفاهيم منهجيات تفكيك النصوص وتحليلها.

بعد ذلك، استهل د. المسعودي محاضرته قائلا: "الحياة التي نقاسيها بالكدح والدم، تعطي الموت كما تمنح الحياة. تظهر الزائل والفاني، وتخبئ بذرة الخلود في أحشائها كحلمٍ"، مضيفا أنه "ليس بعيداً أن يكون شيوخ أوروك وحكمائها الذين استنجد بهم جلجامش، قد اشاروا عليه أن يكف عن اليأس، ويبدأ رحلة البحث عن الخلود".

وأشار إلى أن العراقيين تعلموا منذ عهود السومريين الأوائل، حكمة مفادها أن "النفوس التي تخسر فرصة الإيمان بالنجاة، ستنطفئ كما ينطفئ السراج الذي ينضب زيته، ولسوف تتعفن في الجسد قبل أن يموت الجسد نفسه"، موضحا أن "من نقطة الشروع هذه بدأ جلجامش رحلة البحث عن الأمل".

وذكر المحاضر أن "الحكمة التي عرضها السومريون في وقائع الملحمة، تتكشف في خطوط متعاكسة ومتوازية، متمايلة ومتعرّجة كالفراتين يقطعان السهول والتلال والصحارى"، مضيفا أن "في دراما الحدث المتنامي عند خط اللقاء على شاطئ البحر، وبعد أن يتحدّى جلجامش الأهوال ويقطع الساعات والساعات المضاعفة، يلتقي بسيدوري صاحبة الحانة، والتي تسارع فتوصد أبواب الحانة في وجهه. يبدو جلجامش في مظهر القاتل أو قاطع الطريق، يرتدي جلد الأسد، وقد أشعثّ شعره، وتلبّدت سحنته، وبانت دلائل توحشه. وبعد أن أنهكه التعب واضناه الجهد، وأضمأه العطش، ها هو يقف عند أبواب سيدوري متوعداً، مزمجراً، عازماً على تحطيم الأبواب المقفلة".

وأوضح أنه "في تلك الصورة التي توحي بالشرّ وبالعدوان والانتكاس إلى أدنى صور التوحش والبهيمية، تنهض في نفس جلجامش وفي أصفى صور النقاء رسالته النبيلة في إنقاذ الجنس البشري كله من آفة الموت، ذلك ما تستبطنه روحه الأخلاقية العظيمة بالضبط".

وعلى هامش المحاضرة قدم عدد من الحاضرين مداخلات ألقوا فيها الضوء على بعض أحداث الملحمة، وما تعرضت له من قراءات وتفسيرات متعددة.