اخر الاخبار

ضيَّف "ملتقى جيكور" الثقافي في البصرة، أخيرا، الناقد التشكيلي خالد خضير الصالحي، الذي ألقى محاضرة بعنوان "الروح المحلية في الفن التشكيلي العراقي.. فيصل لعيبي انموذجاً".

المحاضرة التي احتضنتها "قاعة الشهيد هندال" في مقر اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، استمع إليها جمهور من الفنانين والمثقفين ومتذوقي الفن التشكيلي. بينما أدارها د. يسر الفرطوسي، واستبقها بتقديم نبذة عن الضيف، مبينا أنه ناقد تشكيلي وفنان، حاصل على البكالوريوس في كلية الفنون الجميلة بجامعة البصرة، وهو عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وعضو جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، ولاعب وحكم ومدرب دولي للشطرنج. 

وذكر أن الضيف له مؤلفات وترجمات ومقالات منشورة في مجالات النقد الأدبي والتشكيلي، فضلا عن الشطرنج.

بعد ذلك استهل الصالحي محاضرته بتعريف بمفاهيم فنية ونقدية عديدة خاصة بالرسم، منها التحريف والتغيير والانزياح الشكلي، وفقا لقوانين التشريح التي صيغت خلال عصر النهضة في أوربا مشيرا إلى ما يُطلق عليه "الوضع الأمثل" في تحوير الجسد البشري الواقعي في الرسم، والذي ظهر في الحضارتين الرافدينية والفرعونية.

ونوّه إلى ان الرسم في عصر النهضة تحوّل من الرسوم المسطحة ببعدين، إلى نظام ثلاثي الأبعاد. فيما لفت إلى ان العمل الفني، وفقا للفيلسوف الألماني غادامير، يتشكل من واقعتين، هما: الواقعة الشيئية (المادية) التي يتخصص في دراستها النقد التشكيلي، والواقعة السردية التي يُعنى بدراستها علم التأويل.

وأشار إلى ان له تصورا لمعمارية خاصة في الفن التشكيلي، متشكلة من مركز صلب شيئي (مادي)، ينتج أصداءً سردية وتأويلات شرعية الوجود تماما، لكنها ليست جوهرا للعمل التشكيلي، مبينا أن هذا التصور مماثل شكليا (معماريا)، فهم كارل ماركس للتركيبة الاجتماعية باعتبارها قاعدة اقتصادية تؤلف جوهر البنية التحتية للمجتمع.

وتطرق المحاضر إلى الرسم العراقي، وجماعاته، مثل جماعة الرسم الانطباعي، وجماعة بغداد للفن الحديث، وجماعة الستينيين، مبينا أنه بعد وفاة جواد سليم، بدأت تخفت قضية "التعبير عن الروح المحلية" في الفن التشكيلي، وبدأ الستينيون بالتخلي شيئا فشيئا عن هذه الفكرة، ولم تتبق الا محاولات منفردة من بعض الستينيين.

وأضاف قائلا ان هناك اتجاها يوظف الأسلوب المدرسي الأكاديمي، باعتباره حاضنة ممكنة للتعبير عن الروح المحلية، اتبعه فنانون درسوا الفنين السوفياتي والمكسيكي وتأثروا بهما، أمثال محمد عارف وماهود احمد وعفيفة لعيبي وفيصل لعيبي وسماء الاغا، موضحا أن كلا من هؤلاء قدم مقترحاً ضمن اطار الرسم العراقي.

وعن فيصل لعيبي، قال أن قضية التعبير عن الروح المحلية، شكلت استراتيجية موضوعاتية وشكلية لمنجز رسامين عراقيين كثيرين، أمثال فيصل لعيبي الذي ترجم تلك الروح بنماذج من الفولكلور العراقي، ما شكل موجها قرائيا للنقد اللاحق. 

وتابع قوله أن المنجز الاهم الذي حافظ على الأسلوب الاكاديمي، والذي بقي وفيا لموضوعة الروح المحلية، تمثل في تجربة لعيبي. حيث اتجه الى تحقيق تواشج بين قوانين الفن الاكاديمي ذي الابعاد الثلاثة، وقوانين الرسم الاسلامي ذي البعدين، من خلال اجراء تغييرات في قوانين التشريح لتلائم قوانين كلا الفنين.

وزاد الصالحي على قوله أن لعيبي استعار من فنون العراقيين القدامى والفراعنة والفنون الإسلامية، ما يعرف "بالوضع الامثل"، وهو وضع تتخذ فيه الموجودات الاوضاع التي تظهر اهم خصائصها الشكلية، ويستوجب ذلك درجة من "التحريف" في قوانين التشريح بالنسبة لجسد الانسان، ودرجة من التحريف المنظوري بالنسبة للأشكال الجامدة الاخرى.

وقدم المحاضر قراءات نقدية تحليلية لبعض أعمال الفنان فيصل لعيبي، معززا قراءاته بعرض صور للأعمال على شاشة "داتا شو".

وفي سياق المحاضرة قدم عدد من الحاضرين مداخلات، عقّب عليها الصالحي بإسهاب.

عرض مقالات: