في الرابع عشر من نيسان تحل علينا الذكرى (77) لتأسيس اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق. ففي هذا اليوم من عام 1948 اجتمعت وفود طلابية من مختلف المؤسسات التعليمية في العراق في ساحة السباع ببغداد لتعلن تشكيل أول تنظيم طلابي يمثل طلبة العراق بأجمعه لكي تكون هذه المنظمة الطلابية المنبر الذي يجمع أو يوحد قوى الطلبة لغرض الدفاع عن مطالبهم المهنية وطموحاتهم المشروعة.
وقد تعرضت كوادر وجماهير هذه المنظمة الطلابية بعد ثلاثة أشهر من تأسيسها عام 1948 إلى الاعتقال والسجن والمطاردة والفصل، لكن بالرغم من كل هذا بقي أعضاؤه وكوادره وصامدين وصولًا إلى الشهادة، حتى عندما تحول إلى العمل السري الشاق. إضافة إلى أن هذه الأعمال التي تعرض لها الاتحاد كانت سببًا في تقوية عوده وصلابته وأمدته بالديمومة والتواصل خلال هذه العقود، فكثير من سياسيينا ومثقفينا الذين قاوموا الاستبداد والظلم وساهموا مساهمة فاعلة في النضال وبمختلف أشكاله من أجل مصالح الجماهير العراقية الكادحة قد خرجوا من منعطف هذا الاتحاد المناضل.
إن التاريخ الوطني لاتحاد الطلبة العام في العراق والذي يمتد لأكثر من 70 عامًا يشكل بحق إرثًا وطنيًا مجيدًا لكل فئات الشعب العراقي والوسط الطلابي على وجه الدقة، بسبب مشاركة جموع الطلبة في أتون النضال الوطني العام الذي خاضته الحركة الوطنية العراقية ضد الأنظمة الرجعية والدكتاتورية المتعاقبة. وقد ساهم الاتحاد جنبًا إلى جنب مع الأحزاب الوطنية والمنظمات المهنية الأخرى في انتفاضتي 1952 و1956 والانتفاضات الشعبية الأخرى والتي كانت بمثابة المقدمات الأساسية الممهدة لقيام ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 والتي كانت محصلة طبيعية لهذا التحدي والنضال البطولي لكافة العراقيين، حيث سادت خلالها أجواء سياسية جديدة تمثلت بمناخ ديمقراطي محدود واتساع نسبي في مجال الحريات العامة.
وفي عام 1960 شكّل البعثيون تنظيمًا طلابيًا باسم (الاتحاد الوطني لطلبة العراق) والذي أحدث شرخًا وانشقاقًا في الحركة الطلابية العراقية، ولكن بالرغم من ذلك واصل اتحاد الطلبة العام نشاطه الطلابي والوطني الوازع، حيث انتشرت فروعه في كل مدن العراق وظل مدافعًا أمينًا عن حقوق الطلبة المهنية خصوصًا وحقوق الشعب العراقي عمومًا. وقد أثبتت التجربة العملية وبصورة لا تقبل الشك فشل كافة محاولات القوى لاحتكار العمل الطلابي لهذه الجهة أو تلك، وما محاولات الاتحاد الوطني البعثي آنذاك بهذا الخصوص إلا دليل قاطع على ذلك.
وفي 8 شباط الاسود عام 1963 حدث الانقلاب الدموي الذي قاده ما يسمون ب (قطعان الحرس اللا قومي) ضد ثورة 14 تموز المجيدة حيث حولوا العراق إلى سجون ومعتقلات كبيرة يقبع فيها الشيوعيون العراقيون وخيرة ابناء شعبنا العراقي، وكان لقادة اتحاد الطلبة العام وأعضائه نصيب وافر من تلك الهجمة الشرسة.. حيث قدموا أعدادا كبيرة من الشهداء والمعتقلين في سجون النظام البعثي الفاشي الذين دافعوا دفاعا مستميتا عن ثورة 14 تموز المجيدة ومنجزاتها الوطنية ولكن كل ذلك لم يثن من عزيمة اتحاد الطلبة العام حيث استمر في نضاله السري محاولا لملمة جراحاته العميقة وإعادة بناء تنظيماته من جديد في الاوساط الطلابية وكانت ثمرة نضالاته حصوله على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين قاربت من 90 بالمائة في الانتخابات الطلابية التي جرت عام 1966 في ظل الحكم العارفي وهي نسبة كبيرة اذ ما قورنت بطبيعة الوضع السياسي آنذاك في العراق ووضع اتحاد الطلبة بشكل خاص .
وفي انتفاضة تشرين الأول عام 2019 الباسلة كانت الشريحة الطلابية السباقة في المشاركة الفاعلة في التظاهرات الجماهيرية التي انطلقت وبمشاركة مختلف شرائح ومكونات المجتمع العراقي والتي كانت تهدف بشكل عام إلى ضرورة إصلاح النظام السياسي وتغيير والمنظومة السياسية الفاسدة ولكنها في الجانب الأخر كانت تمثل مطالب اجتماعية ومهنية وحتى سياسية للشريحة التي تمثلها، إضافة إلى أن شريحة الشباب المنتفض تتكون من قطاع واسع من الطلبة في المؤسسات التعليمية (كليات – معاهد – اعداديات ..الخ)، وقد أعلنت هذه الشريحة الطلابية عن تضامنهم التام ودعمهم الكامل لمطالب المنتفضين ولم يهابوا العنف الدموي والقمع الوحشي المفرط الذي تم استخدامه من قبل جهات معروفة بل واصلوا احتجاجاتهم وتظاهراتهم وحققوا انجازات كبيرة.
وقد قوبل قرار وزارة التعليم العالي في العراق بحظر عمل ونشاطات (اتحاد الطلبة) في الجامعات العراقية الحكومية والخاصة بغضب بين صفوف أعضاء الاتحاد والتجمعات والأحزاب المدنية في البلاد لاسيما أن القرار وجه جهاز الامن الوطني للتكفل بتطبيق هذا الإجراء الجديد بحجة الحفاظ على سير العملية التربوية.
عاش اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق بمناسبة الذكرى (77) لتأسيسه
المجد والخلود لشهداء الحركة الوطنية العراقية والحركة الطلابية الديمقراطية