قلبي هِلال كان يُفتي دائماً بالعيد
حتى في ضُحى رمضان
العيدُ عندي أن تجيء قصيدةٌ
وتلوحَ الأزهار في نيسان
أن يسترد أباهُ طفلٌ في نيسان
وتكُفَّ دُميتُه عن الأحزان
أن تستعيدَ الأرملاتُ عِناقهنَّ
ورتمينَ بدافيء الأحضان
وحكاية في الحب لم يكملها خوفاً
غدا يحكينها بأمان
العيد أن ينسل غُصن طائشّ
متحدياً عن حكمة الزمان
ويود للأهوار دفقُ مياهِها
مشتاق للسادة المعدان
* * *
كلُّ الدراويش الذين تفرطوا في العشق
يصحبهم نحيبُ كمانِ
هُم أصدقائي النادرون
وغارسوا باللاجواب حدائق الانسان
والساخرون اذا الطُغاةُ تقاسموا
وهم الخطوط الحُمر والتيجان
والحاملون وجوههم تعويذةً
كي يغلقوا بوابة الطوفان
عاشوا على هذا التراب واومضوا
ثم اختفوا من معجم (البلدان)
كانوا مواقيت المُروقِ
وهيبة الأنهار حين تهمُّ بالجريان
أحتاج اسئلتي كثيراً
كي أسافر خلفهم لممالك الفقدان
احكي لهم عن صوت (مسعود) الذي
ما زال معتنقاً قرى ميسان
عن ثورة (حضيري وداخل)
يفتحان على السهول نوافذ العصيان
لحبيبةٍ غنى لها (ناصر حكيم)
ونخلتين باخر البُستان
عن (زامل) الشطري
حين دعاهُ (طالبُ)
كي يذوق وليمة الألحان
عن مجد (المعيبر عبد)
لم يصطحب معه بقاربه سوى (عريان)
أحكي لهم عن كل من ماتوا هنا
وتحملوا سادية الأديان
عن (فهد) العالي يٌحدثُ صاحبيه
عن انقراض السجن والسجان
عن أغنيات مظفر النواب
غناها الرفاق (بنقرة السلمان)
عن حُزن قيس بعدَ ليلى
عن دموع أبي نواسٍ بعد فقد (جِنان)
عن موت (أنكيدو) أخي
ووقوف (سيدوري) مودعةً بباب الحانِ
* * *
احتاج بغداد القديمة
قبل أن تجتاحها همجية القطعان
منذ انشقاق قصيدةٍ عن أبجديتها
ومنذ تمرد الألوان
فيها النهار منصة لمن اعتنوا بشكوكهم
ومضوا بلا عنوان
والليل محراب الكؤوس،
ورفقة حفلوا بكل ظرافة الندمان
أحتاج نهراً نابعاً مني
يسير ولا يخاف خيانة الجيران
هُم أظمأوا الشجرَ الصبيَّ على الضفاف
وهم أماتوا يافع الاغصان
أحتاج بعض العيد للأطفال
بعض الذكريات لحفلة النسيان