اخر الاخبار

ولدت المربية الفاضلة والرابطية الشجاعة فوزية حميد على الشمري عام ١٩٣٧ في ناحية الكفل – محافظة بابل، دخلت مدرسة الكفل الابتدائية للبنين وكانت الطالبة الوحيدة في المدرسة، ورغم الضغوط الأسرية والاجتماعية إلا أنها واصلت دراستها بدعم مدير مدرستها شقيقها الاستاذ عبد الرزاق حميد الشمري الذي وقف إلى جانبها، ثم أكملت دراستها في دار المعلمين الابتدائية ببغداد، وتخرجت فيها وعينت معلمة في مدرسة المدحتية للبنين وبقيت فيها حتى قيام ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958. ثم نقلت إلى مدارس أخرى لممارسة عملها التربوي حتى إحالتها على التقاعد.

   تميزت بنشاطها المدرسي المميز وإخلاصها المتناهي في العمل النابع من روح التفاني فيها لإنجاز العمل إخلاصاً للهدف ولخدمة البلد وسمو روح المواطنة، والتزامها المبدئي بأفكار الحزب الشيوعي العراقي الذي انضوت في صفوفه أثناء دراستها في دار المعلمين.

كما تميزت بسمات عديدة في نشاطها التربوي والأسري والنضالي، فكانت أما نموذجية، وفي مهامها الحزبية واستيعابها للمبادئ الشيوعية التي تربت عليها، ما سهل عليها أداء عملها، فكانت مميزة بعلاقاتها الأسرية والاجتماعية بأسمى أشكالها، فقد نجحت في مجال التربية الأسرية وأثمرت ثمارا ناضجة، فقد أنجبت أربعة أولاد وابنتين، انتشروا بسبب الظرف السياسي القاهر في بلدان المهجر، فانتهى الأكبر علي وشقيقته في المانيا، ومحمد في استراليا، وأمير الذي تكفل للعناية بها وتلبية حاجتها حتى رحيلها بتاريخ31-1-2025 فكان ذلك الابن البار الذي تغذى من لبن طاهر صقلته التربية وأنضجته المبادي والقيم التي زرعتها والدته الفاضلة.  

عملها في الرابطة:

تعدّ رابطة المرأة العراقية واحدة من أبرز المنظمات النسائية التي لعبت دورًا حيويًا في الدفاع عن حقوق المرأة العراقية وتعزيز مكانتها في المجتمع. وجاءت لتكون صوتًا نسائيًا منظمًا ينافح عن قضايا المرأة ويعمل على تحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

تأسست الرابطة عام 1952، وكان الهدف الأساسي من تأسيسها هو تعزيز حقوق المرأة العراقية في مختلف المجالات. وقد تم تأسيس الرابطة على يد مجموعة من النساء المثقفات والناشطات، التي آمنت بأن المرأة العراقية بحاجة إلى تنظيم خاص يركز على قضاياها ويحارب التمييز الجندري الذي كان سائدًا في تلك الفترة. من بين المؤسسين كانت هناك شخصيات نسائية بارزة مثل زينب الهاشمي وليلى العطار، اللتين عملتا بشكل دؤوب على نشر الوعي بحقوق المرأة.

وكانت فورة انطلاقتها بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958، وكانت الراحلة فوزية الشمري في طليعة النساء اللواتي شاركن في تأسيس الرابطة إلى جانب الفقيدة الراحلة الدكتورة نزيهة الدليمي، وعملت بكل جهد على نشر الوعي حول حقوق المرأة في العراق، ودعمت القوانين التي تكفل حقوق المرأة في التعليم والعمل والمشاركة السياسية. كما ساعدت في تقديم الاستشارات القانونية للنساء اللاتي يتعرضن للظلم.

وتلخص نشاط الرابطة في الدعوة لمشاركة النساء في الحياة السياسية العراقية، حيث كان لها دور في المطالبة بمنح النساء حق الانتخاب والترشيح في الانتخابات، وهو ما تحقق في عام 1958 بعد الثورة العراقية. كما سعت لتطوير التعليم النسائي في العراق من خلال فتح مدارس خاصة للنساء وتعليمهن في مجالات مختلفة، إضافة إلى تقديم برامج تدريبية ومهنية لدعم النساء في سوق العمل، والدفاع عن حقوق المرأة ضد العنف الأسري والتمييز في المجتمع، وعملت على توعية النساء بطرق حماية أنفسهن من العنف الجسدي والنفسي، ولها أثرها في توحيد جهود النساء العراقيات والعمل الجماعي لتحقيق الأهداف المشتركة. وتغيير النظرة السائدة تجاه المرأة العراقية، حيث بدأت المرأة تحظى بمكانة أكبر في المجتمع على مختلف الأصعدة. ونجحت الرابطة في إنشاء العديد من الفروع في مختلف المحافظات العراقية، مما سمح لها بالتواصل المباشر مع النساء في كافة أنحاء البلاد.

وقد واجهت الرابطة في العديد من الأوقات ضغوطات من الأنظمة الحاكمة التي كانت تتوجس من الدور النشط الذي تلعبه الرابطة في تحفيز النساء على المطالبة بحقوقهن. ومع ذلك، استمرت الرابطة في تقديم الدعم للنساء في مختلف المجالات، سواء على مستوى العمل الاجتماعي أو السياسي.

 وقد عملت الراحلة فوزية الشمري بجد واخلاص واندفاع في صفوف الرابطة وكانت إلى جانب زميلاتها مثلا أعلى في التضحية والإقدام، ما جعلها هدفاً للاعتقال والمطاردة بسبب نشاطها في العمل النسوي والسياسي.

و بعد انقلاب ۸ شباط 1963 زادت وتنوعت ضغوطات السلطة عليها وعلى أفراد أسرتها، وجابهت تلك التهديدات والتحديات بشجاعة مشهودة انتهت باعتقالها في سدة الهندية عندما كانت تعمل هناك ومعها إحدى الناشطات في رابطة المرأة، ثم نقلت إلى السجن في مدينة الحلة ومنه أرسلت إلى سجن النساء ببغداد ومكثت في السجن لمدة عام كامل، وقد فشلت السلطات الأمنية في الحصول على اعتراف عن طبيعة عملها أو عن رفاقها، وبعد إطلاق سراحها واصلت عملها الحزبي كمسؤولة عن إحدى المنظمات الحزبية (رابطة الدفاع عن حقوق المرأة ) وتدرجت  حتى أصبحت عضوا في منظمة بابل.

وإزاء الهجمات التي تعرض لها الحزب الشيوعي خلال حكم حزب البعث، بقيت متمسكة بمبادئها والقيم الشيوعية التي تربت عليها، فكانت من المعروفات في الوسط الاجتماعي بمعارضة النظام، فكانت تحت مراقبة السلطة، وذات يوم هوجمت دارها من قبل اثنين من اتباع السلطة في محاولة لإرعابها والسطو على منزلها إلا انها تناولت سكينة المطبخ وهاجمتهم فلاذوا بالفرار، ونتيجة الأمراض التي تكالبت عليها اضطرت لملازمة منزلها لتحظى بعناية ابنها، وظلت على تواصل مع زميلاتها في الرابطة، محافظة على النقاء المبدئي ، وما آمنت به وناضلت من أجله. توفيت في 31-1-2025 وقد نعتها رابطة المرأة بعد وفاتها، بوصفها إحدى مؤسسات الرابطة في بابل  عام ١٩٥٨ ومن الأعضاء المؤسسين لرابطة المرأة مع الدكتورة نزيهة  الدليمي، وجهودها في الدفاع عن المرأة وحقوقها وشجاعتها في التصدي والمواجهة وعدم رضوخها لضغوطات النظام الدكتاتوري وتعرضها وأفراد عائلتها إلى شتّى الضغوط والملاحقات.