أن تلتقي بإنسان رجلاً كان أم امرأة يحمل أنقى الصفات الإنسانية ويمارسها في حياته اليومية فأنت محظوظ، شخص يحمل من الرقي ونكران الذات، وينال محبة الآخرين لهو مكسب عظيم فعلاً.
إنها عفيفة ثابت أم دريد، الصديقة والرفيقة عضوة سكرتارية رابطة المرأة العراقية وأمينة صندوقها، التقيتها عام ٢٠٠٤، امرأة هادئة، وقوره، خطّ الشيب شعر رأسها، عصامية، ومبدئية في عملها ومواقفها، يعرفها أغلب من عمل معها كم هي متفانية في عملها وما يوكل لها من مهام.
عملت مع زميلاتها في رابطة المرأة العراقية بعد سقوط النظام وسط النساء، وساهمت جميع التظاهرات التي شهدتها بغداد، شاركت في دورات تأهيل النساء وتمكينهن بالعمل، الاستماع لمشاكلهن وتقديم المساعدة قدر الإمكان، والعمل في هذا المجال ليس بالسهل احياناً خاصةً حين يكون داخل مناطق ساخنه، ووقت الاحتراب الطائفي المقيت.
كما أسهمت وزميلاتها في الرابطة بتأسيس مكتبة للأطفال، باسم "مكتبة الطفل العراقي "، تقوم بتعليم الأطفال العمل على الكمبيوتر وتقوية اللغة الانكليزية، وتعليم الموسيقى والأناشيد، وقراءة القصص ومناقشة محتواها والرسم والتدريب على التمثيل.
تعرضت أم دريد حالها حال المئات بل الآلاف من النساء العراقيات إلى نكبات متعددة، ورحلة حياتها لم تكن سهلة منذ ان وعت الحياة بفقدان أخيها ومطاردات الأمن لأفراد عائلتها، وتعرضهم للاعتقال والتنكيل والترهيب، وآخرها حمل حزنها المكبوت والثقيل على صدرها منذ سنوات بفقدان ولدها البكر "دريد" الذي اغتالته يد الغدر، وهو في ريعان شبابه بعد تغيير النظام ٢٠٠٣..
عفيفة تجاوزت الأن عقدها السادس، لا زالت معطاءة، علماً انها لا تحب الأضواء والظهور، او الادعاء، تتمسك بطبعها الهادئ، وضحكتها الدافئة، متسامحة مع نفسها والآخرين، لا تعرف الضغينة، منصفة حتى مع خصومها ان وجد لها خصوم، ولكن لا تتغاضى عن الخطأ، وهذا لا يعني أن الانسان لا توجد لديه اخطاء فنحن بشر وخطاؤون.
تعمل أم دريد منذ سنوات على جمع التبرعات من عملها اليدوي في حياكة ملابس الأطفال، والألعاب ومشاركتها في إحدى الخيم التي خصصت مؤخراً لها في "مهرجان طريق الشعب" الذي يقام سنويًا على حدائق ابو نؤاس في بغداد، وبيع منتوجها الجميل الذي حاكته بيديها المتعبتين لتتبرع به.
هي خطوة قد تكون فريدة من نوعها، خاصة في عمرها وما تحمله من آلام وأوجاع جسدية " أجريت عملية في ظهرها مؤخراً"، لكن المرض لم يثنيها عن عملها، بل وطنيتها وارتباطها بالحزب هما الحافز الرئيسي لها، ومتعة العمل عن طيب خاطر، ونكران ذات.
أم دريد هي إحدى الصديقات الغاليات التي اعتز بها، وأزورها كلما سنحت الفرصة، واستشيرها في بعض المواقف، ولست أنا وحدي، بيتها الصغير مفتوح للجلسات والنشاطات التي تصب في العمل المهني والديمقراطي فيما يخص المرأة والطفل والأسرة.
في الثامن من آذار عيد المرأة العالمي أهدي باقة ورد للمرأة المكافحة والصبورة أم دريد وكل زميلاتها ورفيقات دربها، المرأة العراقية في كل مكان.