ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، السبت الماضي، الناقد والشاعر جمال جاسم أمين، الذي قدم محاضرة عنوانها "البديل الثقافي.. مشروعا ورؤية"، بحضور جمع من المثقفين والمهتمين في الشأن الثقافي.
المحاضرة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، أدارتها الشابة مآب عامر. واستبقتها داعية الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت في ذكرى الشهداء من ضحايا انقلاب 8 شباط الأسود. ثم قدمت نبذة عن المحاضر، مبينة انه حاصل على البكالوريوس في كلية الآداب بجامعة بغداد، وانه عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للأدباء والكتاب، وعضو مجلس الاتحاد المركزي من 2016 إلى 2019، وعضو اتحاد الأدباء العرب، وأمين سرّ نقابة المعلمين في ميسان للدورات من 2015 إلى 2022.
وعرّجت مآب على إصدارات أمين، وعلى أبرز الجوائز الأدبية العراقية والعربية التي قطفها، ومنها "جائزة الصدى" في دبي 1999، مشيرة إلى أن بعض نصوصه تُرجم إلى لغات عدة، وانه أسس عام 2005 رابطة باسم "البديل الثقافي".
بعد ذلك، استهل أمين محاضرته بالحديث عن الشأن الثقافي العراقي وهمومه، لافتا إلى تأخر التغيير الثقافي في العملية الانتقالية في العراق "فكان يُفترض ان يتقدم التغيير الثقافي على التغيير في المجالات السياسية والاجتماعية".
وأوضح أن "تأخر التغيير الثقافي جعل الثقافة استهلاكية وليست مستقلة، وذلك بوجود تمويلات شتى تبعد الشأن الثقافي عن استقلاليته. فالخطاب الثقافي الحر يحتاج إلى استقلالية التمويل"، منوّها إلى "موضوعة التربية المدرسية وأسلوب التلقين في المدارس، والذي يجعل من الصعب تغيير ما ترسخ في أذهان الطلبة من قناعات أو معتقدات ترسخت في أذهانهم من خلال البيت والتربية الدينية. ومن هنا تأتي صعوبة التغيير الثقافي. لكن هذا لا يعني السكوت. إذ ان السكوت يعني التخلي عن مشروع التنوير".
وشدد المحاضر على ضرورة المكاشفات النقدية والبحث عن وعي نقدي "فنحن نحتاج إلى عملية جراحية للقضاء على السلبيات والعوائق التي تقف في طريق التحرر والتنوير".
ثم تحدث عن السلطة. وبيّن أن "السلطة اليوم، للأسف، تأتي عبر انتخابات شكلية، عبارة عن بيعة وليس ديمقراطية. فالكل يبايع عشيرته وطائفته. أما المثقف المتنور، والنماذج المتنورة النوعية فهي مهمشة. إذ ان هؤلاء لا يسعون للحصول على أجر مقابل عملهم، إنما يهدفون إلى تنوير المجتمع".
وأشار أمين إلى ان "الاستبداد السياسي يستمد قوته اليوم من الاستبداد الديني ويحتكر ولاء الناس. ونحن بحاجة إلى البديل الثقافي الذي ينقد الاصوليات والمناهج السوداء ليغيرها. فهناك كتب ألفت لغرض منع النساء من الكتابة، ولا زال الأدب عندنا فحوليا. فالمرأة اليوم موقعها هامشي، وهذه اشارة إلى تأخر المجتمع".
فيما نوّه إلى أنه "الآن هناك وعي نسوي يحتاج إلى الدعم. فالمرأة ليست فقط موضوعا للغزل، بل انها كائن له دوره المهم في المجتمع".
وخلص المحاضر إلى أهمية أن تفك المؤسسات الثقافية ارتباطها بالسلطة.
وأثارت المحاضرة مداخلات ساهم فيها العديد من الحاضرين، وعقب عليها المحاضر بصورة ضافية.
وفي الختام، أثنى رئيس تحرير "طريق الشعب" الرفيق مفيد الجزائري، الذي كان بين الحاضرين، على جهود المحاضر ودوره الفعال في نشر ثقافة التحرر والتنوير. ثم قدم له شهادة تقدير باسم المنتدى.