اخر الاخبار

ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، السبت الماضي، الكاتب والناقد التشكيلي د. جمال العتابي، الذي ألقى محاضرة بعنوان "العلاقة الجدلية بين الفن والسياسة"، بحضور سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، وعدد من قيادات الحزب، إلى جانب جمع من المثقفين والمهتمين في الشأن الثقافي.

في مفتتح محاضرته، ذكر العتابي أن العلاقة الجدلية بين الفن والسياسة تمتد على مر العصور، وانها أثارت كثيرا من التساؤلات، منها: كيف يمكن للفن ان يؤثر في السياسة؟ وكيف يمكن للسياسة أيضا ان تؤثر في الفن؟ وهل يمكن للفن ان يعلن انتماءه بشكل صريح للسياسة؟ وهل ينبغي للسياسة ان تنأى بنفسها بعيدا عن الفن؟  وقال أن الفن له دور أساسي في حياة الشعوب، وفي التأثير على الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، وهو أيضا وسيلة مهمة لتحقيق حالة التوازن للإنسان مع ذاته ومع المجتمع.

وأشار المحاضر إلى أنه بعد الحرب العالمية الثانية، بدأت الولايات المتحدة تسعى لمواجهة "المد الشيوعي" في العالم، فوجدت في مجالات الفن والادب والفكر والثقافة، سبلا أنسبَ للتغلغل في المجتمعات، وكانت هذه بداية الحرب الباردة الثقافية، منوهاً إلى ان الولايات المتحدة تمكنت بأجهزتها الاستخبارية، من التغلغل في الكثير من المنظمات الثقافية. وبدأت تنظم الجوائز والمهرجانات والفعاليات وتصنع الأفلام السينمائية، لهذا الغرض، مشيرا إلى انه في بداية ستينيات القرن الماضي، صدرت من لبنان مجلة اسمها "حوار"، استطاعت ان تقنع الكثيرين من المثقفين في الكتابة فيها، لكن تبيّن ان المجلة تابعة للمخابرات الامريكية.

ثم تحدث المحاضر عن الجانب الإيجابي للعلاقة بين الفن والسياسة، وعن تحويل مسار الفن إلى التعبير عن قضايا سياسية والدعوة إلى الحرية والتحريض على الثورة ومواجهة السلطات القمعية، مقدما أمثلة عن تلك العلاقة في الفنون التشكيلية والموسيقية والسينمائية، وفي الرواية والمسرح والشعر.

وطرح أمثلة روائية عربية كانت سياسية تحريضية في مضمونها، دون أن تفرط في الجانب الجمالي للفن، ومنها لعبد الرحمن منيف ونجيب محفوظ وصنع الله إبراهيم. كما ساق أمثلة شعرية لشعراء عالميين وعرب وعراقيين. فيما استدرك "لكن المشكلة الأساسية هي حينما تتحول وظيفة الشعر إلى الدعاية أو التعبئة السياسية لخدمة النظام".

ثم لفت إلى ان العلاقة بين السياسي والفنان، ليست متينة دائما، إنما في أحسن احوالها تكون حذرة، متسائلا: هل بالإمكان ان يتبوأ الفنان المشهد السياسي، ان يكون هو القائد والمتصدّر؟

وقال أن الكثيرين من الفلاسفة كانوا يدعون إلى ذلك، باعتبار ان للفنان والمثقف الصدارة في المجتمع وهما الصفوة لقيادته، مضيفا أنه بالإمكان كذلك أن توظف السياسية الفن توظيفا ممتازا.  واستدرك قائلاً ان الخطورة على الفن تكمن في هبوط الذائقة الفنية، وفي تحوّله (الفن) إلى سلعة يقودها رأس المال، وفي تحوّله إلى إبداع آلة في ظل تقدم التكنولوجيا الحديثة، مضيفا أن الخطورة الأكبر هي حينما يتحوّل الفنان إلى أداة بيد السياسي.

هذا وتخللت المحاضرة مداخلات ساهم فيها عديد من الحاضرين.

وفي الختام، قدم الرفيق رائد فهمي شهادة تقدير باسم المنتدى إلى د. جمال العتابي.

عرض مقالات: