اخر الاخبار

قرأت ما كتبه الكاتب يوسف ابو الفوز على الصفحة الثامنة في “طريق الشعب” العدد الصادر يوم الاثنين الموافق 2/آب /2021 تحت العنوان (تغيير اسم الحزب الشيوعي العراقي) واعتراضه الصريح على الدعوات التي عادت من جديد تطالب بتغيير اسم الحزب.

عدت فورا إلى العام 1964، أواخر ذلك العام وكنت سجينا في سجن الرمادي قسم المحجر. كانت تصلنا بشكل منتظم أعداد مجلة ((الكاتب)) المصرية وقد تابعنا من خلالها أنا والشهيد أبو زيتون – محمد جواد طعمه البطاط، والمحامي الاستاذ عبد الوهاب القيسي طروحات الكاتب والسياسي المصري محمود أمين العالم، عن الحزب الشيوعي المصري وإصرار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على حل الحزب الشيوعي المصري والالتحاق بـ ((اتحاده الاشتراكي)).

في تلك الفترة ونحن نتابع ما يدور في مصر وقلقنا شديد على مصير الحزب الشقيق جاءتنا على صفحات ((الكاتب)) طروحات أحد قادة الحزب الشيوعي الايطالي التي دعا فيها لاختيار طريق جديد للحزب.

في عدد لاحق من ((الكاتب)) نشرت مداخلة حول الموضوع لرفيق عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الايطالي يعترض فيها على ما طرح من افكار ورأي، واتذكر أنه طرح السؤال ((وماذا في طريقنا من عيب كي نتخلى عنه ونختار لأنفسنا طريقا آخرا)) واستمرت المداخلات وحسم الموقف الرفيق سكرتير الحزب وكان حينها لويجي لونغو.  ولم يغير الحزب الشيوعي الايطالي طريقه وهو الاسترشاد بالماركسية وتطبيقها على ظروف ايطاليا. فبقي حزب غرامشي، حزب غرامشي، وإذا كان قد حصل بعض الارتباك إثر الانهيار المدوي للمنظومة الاشتراكية وحلف وارشو والاتحاد السوفياتي فأنا على قناعة تامه الآن أن الرفاق الايطاليين عالجوا الآمر بما يضمن وجود حزب ماركسي في ايطاليا يواصل السير من أجل المستقبل الاشتراكي لإيطاليا.

اما في منطقتنا العربية فأنا أتذكر جيدا ما كتبه المناضل الفلسطيني إميل حبيبي وقت الانهيار ((سيبقى ماركس حيا ويبقى ديالكتيكه واقفا على قدميه)).

ومعلوماتي انه لا يوجد في منطقتنا العربية وتحت تأثير ذلك الانهيار من غيّر اسمه من الأحزاب الشيوعية لا اللبناني ولا السوري ولا الأردني ولا المصري ولا السوداني ولا أي حزب شيوعي آخر.

أما تسمية الشيوعي المغربي وهي ((حزب التقدم والاشتراكية)) فهي كانت منذ البداية وليست تغييرا لاسم الحزب بعد الانهيار للاتحاد السوفياتي.

إن الازمة العالمية البنيوية للنظام الرأسمالي العالمي منذ العام 2008 والتي اخذت شكل أزمة نقدية ظهرت أول ما ظهرت في أسعار العقارات في الولايات المتحدة الامريكية والتي جعلت رؤساء دول في اوروبا وغيرها يتساءلون عن الكيفية التي طرحها ماركس لتخطي الرأسمالية لأزماتها الدورية، دفعت إلى الوراء مسألة انهيار التجربة السوفياتية لبناء الاشتراكية بحيث دخلت ذمة التاريخ ولم تعد تشغل بال الشيوعيين في العالم مثلما دخلته كومونة باريس عام 1871. 

إن ماركس الذي حذر عمال باريس من الاندفاع المغامر وإعلان الكومونة، حيا الكومونة عندما أعلنها عمال باريس بعد أن لم يعد أمامهم أي خيار آخر وأخذ ((يقدم لها المشورة ويتعلم منها)) على حد قول لينين.

وكان أهم درس من دروس الكومونة تأكيد ماركس في مؤلفه ((الحرب الأهلية في فرنسا)) أن النضال الطبقي يعني في نهاية المطاف إعلان سلطة الطبقة العاملة، وبهذا الخصوص أنصح بالعودة إلى مقالة لينين المعنونة ((دروس الكومونة)).

كارل ماركس بعد أن تنادت برجوازيات الدول الرأسمالية المتطورة واسقطت الكومونة ونكلت برجالها أبشع تنكيل لم يقل خلاص، انتهى الأمر ولا يمكن القضاء على سلطة الرأسمال وأن الرأسمالية هي (نهاية العالم)) كما ذكر فوكوياما.

بل واصل النضال ضد السلطة الرأسمالية وواصل جهده من اجل استكمال مؤلفه (الرأسمال) الذي أوضح فيه القوانين الاقتصادية الاساسية للرأسمالية وأن القانون الاساسي للرأسمالية وهو (التناقض بين الملكية الخاصة لوسائل الانتاج والطابع الاجتماعي للعمل)) يبقى يفعل مفعوله حتى حل التناقض بإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج واستبدالها بالملكية العامة لها والانتقال من التشكيلة الرابعة – الرأسمالية – إلى التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية للاشتراكية والشيوعية واقامة مجتمع ((الاناس الاحرار المتساوين الذي تتدفق فيه الخيرات المادية كالمسيل)) على حد قول ماركس.

إن التفكير الحالي يدور حول تطوير النضال العالمي ضد العولمة الرأسمالية، من أجل انهاء الاستغلال العالمي من جانب مؤسسات العولمة الرأسمالية لشعوب العالم المختلفة – عولمة النضال مقابل عولمة الرأسمال. 

ونأتي نحن الشيوعيين العراقيين نتناقش حول تسمية الحزب، نغيّرها ام نبقيها!

أنى أطرح الآن نفس السؤال الذي طرح عام 1964 “ما الذي في طريقنا مما يستدعي اختيار طريق اخر”؟

- ما الذي في تسمية الحزب من إشكال كي نغيره الآن؟

أنا لست مع تغيير اسم الحزب. 

لقد عرفنا الشعب العراقي منذ البيان الشيوعي الاول الذي أصدره الشهيد فهد في الناصرية بتوقيع (عامل شيوعي) عرفنا بهذا الاسم والحزب موضع اعتزاز الشعب، نأتي الآن ونغير اسم الحزب، ماذا نقول للناس إذا ما وجهوا لنا السؤال لماذا غيرتم اسم حزبكم وهو اسم جميل لم تشبه أية شائبة؟

شكرا للكاتب يوسف ابو الفوز

شكرا “طريق الشعب”

عرض مقالات: