ضيّف المنتدى العمالي الثقافي في بغداد، مساء الخميس الماضي، الأكاديمية والناشطة النسوية د. بشرى العبيدي، التي تحدثت في ندوة حوارية عنوانها "جدلية تغيير قانون الاحوال الشخصية".
الندوة التي التأمت على قاعة الشهيد ابو فرات في مقر اللجنة المحلية العمالية للحزب الشيوعي العراقي، ادارتها الرفيقة نورس حسن، وحضرها عضوا اللجنة المركزية للحزب الرفيقة انتصار الميالي والرفيق د. علي مهدي وجمع من الناشطين المدنيين والأصدقاء.
وفي معرض حديثها، سلطت د. بشرى الضوء على المحاولات المتكررة لإلغاء او تعديل قانون الاحوال الشخصية النافذ، ابتداء من محاولة تشريع القانون الجعفري عام 2004، مرورا بعام 2013 حينما طُرح القانون مجددا من قبل وزير العدل في وقتها حسن الشمري، موضحة أنه "استطعنا كحركة نسوية ومنظمات مدنية منع تمرير هذا المشروع. واستطعنا ايضا من خلال التقارير الدورية الخاصة بمدى تطبيق العراق احكام اتفاقية مكافحة اشكال التمييز ضد المرأة، ان نستحصل على توصيتين عاجلتين مع تنفيذهما خلال سنتين".
وتابعت أن "واحدة من هذه التوصيات هي الغاء المادة 41 من الدستور العراقي، والثانية سحب مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري فورا"، مستدركة "لكن رغم ذلك عادوا في السنتين 2015 و 2017 ليطرحوا تعديل قانون الاحوال الشخصية من قبل النائب حامد الخضيري. وكانت المجابهة قوية من قبلنا كمنظمات مدنية، لمنع تمريره".
وأشارت الضيفة إلى ان "المحاولات لم تتوقف. ففي عامي 2017 و2018 تم طرح موضوع (مظلومية الآباء) لفتح باب تعديل قانون الاحوال الشخصية. وفي حينها اجتمعنا مع رئيسة لجنة المرأة في مجلس النواب وقتها، هيفاء الأمين، التي لعبت دورا كبيرا في منع تمرير هذا الموضوع، وفي التواصل مع مجلس القضاء الاعلى لتعديل فقرة (المشاهدة) وزيادة ايامها، وان يكون هناك اصطحاب للمحضون خارج المحاكم. وبالفعل قدم رئيس مجلس القضاء عام 2019 توجيها الى كل محاكم الاستئناف، ومنها الى محاكم الاحوال الشخصية، يقضي بزيادة ساعات المشاهدة، والسماح للرجل باصطحاب المحضون بعد ان كانت المشاهدة تتم في المحكمة فقط".
ثم تطرقت إلى مشروع التعديل الأخير الذي قُدم من قبل النائب رائد المالكي، مستندا إلى المادة 41 من الدستور، رغم كونها مادة خلافية "وهذا ما ذهبت اليه المحكمة الاتحادية حينما بيّنت في قرار لها عدم جواز الاستناد إلى هذه المادة، لأنها من المواد الخاضعة للتعديل".
فيما تناولت ما جاء في التعديل من اختيار العراقي والعراقية المذهب السني أو الشيعي عند إبرام عقد الزواج، منوهة إلى ان "هذا مُقر أصلا في قانون الأحوال الشخصية النافذ".
وأشارت إلى ان "التعديل لم يراع الثوابت القانونية. فالقاعدة القانونية يجب أن تكون معلومة وواضحة في التطبيق ومنصوصا عليها ضمن التشريع، وهذا غير متوفر في التعديل، كون الموضوع ترك إلى الفقه عند اختيار أحد المذهبين لتطبيق الأحكام في جميع مسائل الأحوال الشخصية. في حين ان المذاهب متعددة وان لكل مذهب عددا من المدارس. لذلك يتطلب من المواطن البسيط الاطلاع على كل كتب المراجع الدينية ومعرفة الاحكام الشخصية"!
ولفتت إلى ما جاء في المادة الثانية من هذا التعديل، والتي بموجبها يُلغى نص الفقرة الخامسة من المادة العاشرة من القانون النافذ، ليصبح: "تصدق محكمة الاحوال الشخصية عقود الزواج التي يبرمها الافراد البالغون من المسلمين على يد من لديه تخويل شرعي او قانوني من القضاء او من ديواني الوقفين الشيعي والسني بابرام عقود الزواج"، مؤكدة أن "هذا يعني تشجيع الزواج خارج المحكمة بكل مخالفاته الشرعية والقانونية، ومنها زواج القاصرات".
وأشارت الضيفة إلى ان "التعديل يخرق السلم والامن المجتمعيين، في حين ان البرنامج الحكومي تعهد بتحقيق الأمن والسلم وتمكين المرأة. فهذا التعديل بكل حيثياته مخالف للدستور وللاتفاقيات الدولية".
وانتهت إلى انه "اذا شُرع التعديل ووُضع المجتمع امام الامر الواقع، فالاجراء سيكون الطعن بالتعديل امام المحكمة الاتحادية العليا، وعرض كل مخالفاته الدستورية. فالمحكمة لا تأخذ بطعن مشاريع القوانين الا عند نفادها".
هذا وأثارت الندوة مداخلات من قبل بعض الحاضرين، بضمنهم الرفيقان د. علي مهدي وانتصار الميالي، اللذان بيّنا أضرار التعديل، من حيث إذكاء الطائفية وتهديد السلم المجتمعي في بلد متعدد الأديان والطوائف، مؤكدين مواصلة التيار المدني والمنظمات المدنية، رفض التعديل والاحتجاج عليه بكل الطرق السلمية والدستورية.