تحت شعار "لا لتعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق"، عقد التجمع الديمقراطي العراقي في ألمانيا بالتعاون مع "نادي الرافدين" الثقافي في برلين، يوم السبت 17 آب الجاري، ندوة حوارية حول مخاطر تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي والأسباب غير الموجبة للتعديل من الناحيتين القانونية والموضوعية.
الندوة التي حضرها جمع من أبناء الجالية العراقية، تحدث فيها الحقوقي محمد حسن السلامي، فيما أدارتها الأستاذة سوسن البراك، وافتتحتها بالسؤال: "تعديلات قانون الأحوال الشخصية.. وحدة العائلة أم شتات مذهبي؟".
ثم تطرقت إلى التعديل الذي اقترحه أحد النواب، والذي تمت قراءته في جلسة برلمانية لم تخلُ من مخالفات (حسب تصريح النائبة نور نافع)، منها تزوير تواقيع نواب لم يكونوا حاضرين في الجلسة، وطالبوا في ما بعد بسحب تواقيعهم.
وأشارت البراك إلى ان مقترح التعديل أثار موجة من الرفض والاستنكار بين أوساط واسعة من المجتمع العراقي، على مختلف أطيافه وفئاته الاجتماعية، من نساء ورجال ورؤساء قبائل ورجال دين، إضافة إلى شن حملة واسعة مماثلة في الخارج، لافتة إلى ان صحفا عالمية عديدة تناولت موضوع التعديل، إلى جانب "منظمة هيومن رايتس واتش"، ما أخذت تلك الحملات مديات واسعة حتى على مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد ذلك تناول السلامي مخاطر التعديل والنتائج المترتبة عليه من الناحيتين القانونية والتشريعية. وفيما سلط الضوء على مصادر تشريع قانون الأحوال الشخصية النافذ، أكد أن التعديل المقترح يعمل على تهميش دور القضاء العراقي وطمس الهوية الوطنية وتحويلها إلى هويات فرعية.
وتطرق السلامي إلى الحراك النسوي في العراق ضد التعديل المطروح. وقال أنه "لأول مرة توحدت النساء العراقيات في نشاطات مشتركة في أكثر مدن البلاد، رافضات تعديل القانون الحالي"، مضيفا أنه "على إثر ذلك تشكل (تحالف 188) الذي يضم قرابة 30 نائبة في البرلمان، ومنظمات مدنية عديدة، فضلا عن محاميات وطبيبات وإعلاميات وفنانات". وتابع أن "النساء في التحالف، قمن بتحدي كل أنواع الترهيب والضغط من قبل القوى المتسلطة، وشرحن أبعاد ومخاطر التعديلات الاعتباطية مثل هذه، وآثارها الكارثية على حقوق الأسرة والمرأة والطفل المكفولة بموجب القانون النافذ، وبالقوانين والمعاهدات الدولية".
وأكد أن "التعديل يعمل على تقويض المجتمع العراقي الموحد بدلا من ترميمه في هذه الظروف الصعبة".
ولفت السلامي إلى ان "ضمان الدولة حقوق المرأة والأمومة يعتبر جزءا أساسيا من تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين. لذا يجب أن تحرص الدول على وضع تشريعات وسياسات تضمن احترام هذه الحقوق وحمايتها"، مشيرا إلى ان "هناك العديد من الاتفاقيات الدولية التي تلزم الدول بحماية حقوق المرأة، مثل اتفاقية (سيداو) للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الأمومة التي تلزم الدول بضمان هذه الحقوق".
وانتهى السلامي إلى ان "ضمان الدولة حقوق المرأة والأمومة يعكس التزامها بتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، وهو أمر ضروري لبناء مجتمع متوازن ومستدام".
وأثارت الندوة نقاشا مستفيضا بين الحاضرين، الذين أكدوا رفضهم التعديل كونه لا ينسجم وفقرات القانون النافذ منذ أكثر من نصف قرن، ولأنه يبيح سطوة رجال الدين ويلغي مدنية الدولة في العراق المثقل بالأزمات. كما أشاد الحاضرون بجهود كل من عمل، لاعتبارات أخلاقية وإنسانية، على الوقوف بوجه من ينال من حقوق المرأة والطفل والأمومة.