نستطيع القول، إن فترة السبعينات من القرن الماضي سجلت بروز الكثير من الكاتبات والصحفيات في الصحافة الشيوعية مع صدور (الفكر الجديد) و (طريق الشعب).
قسم منهن من المتمرسات أصلا في العمل الصحفي، والبعض منهن وجدن في (طريق الشعب) مدرسة في التعلم والابداع.
وكثيرة هي الأسماء اللامعة منها: سلوى زكو، وفاطمة المحسن، وعايدة ياسين، ورجاء الزنبوري، واقبال القزويني، وسعاد الجزائري، ومنى سعيد، وكواكب حسين وفي الأرشيف سهام الظاهر.
وكانت مساهماتهن متنوعة في المقال، والتحقيقات، والترجمة، والإخراج الصحفي، بالإضافة إلى توفير المواد المرجعية للصحفيين من خلال أرشيف متنوع يعمل فيه الكثير وخاصة المتطوعون من الرفاق والأصدقاء والصديقات.
وتعد صفحة المرأة في طريق الشعب نقطة استقطاب مهمة للكتابات النسوية ودفاعها عن حقوق المرأة العراقية ومنها النساء العاملات والفلاحات وربات البيوت.
وهي خطوة تصب نحو الاهتمام بتنوير و تحرّر المرأة وفك القيود الاجتماعية و الموروث المتخلف الذي يحد من حريتها وحركتها.
وكانت كتابات الصحفيات ضمن نهج الجريدة وتوجهها، تثير نقمة السلطات البعثية الفاشية، فلا غرو ان لاحقتهن، فغيبت عايدة ياسين في المعتقلات، واعتقلت فاطمة المحسن و تعرضت إلى تعذيب بشع، وصّفت السلطات زوج الصحفية منى سعيد، الشهيد سامي العتابي، الذي كان مخرجا فنيا في طريق الشعب، وتعرضت هي أيضا للابتزاز.
وتوزعت الأخريات في المنافي، وتميزت الراحلة رجاء الزنبوري بالتحاقها بحركة الأنصار والمساهمة في إعلام الحزب.
إن رائدات العمل في الصحافة الشيوعية وقبلهن الكثير، ومنهن الكاتبة سافرة جميل حافظ، يشكلن اليوم نجمات مـتألقات ليس في الدفاع عن قضايا المرأة فحسب بل عن قضايا الشعب عموما.
وكما هو معروف، فانه منذ نشوء الصحافة الشيوعية العراقية، تدعو منابرها الى إنصاف المرأة، وتبحث فيها عن مشاكلها اليومية وكيفية مواجهتها، وترصد نشاطاتها الأدبية والفنية، وتؤشر أيضا الخروقات التي تهدد حياة النساء بين فترة وأخرى، من خلال سن قوانين جائرة تهدد السلم الاهلي والعائلة على حد سواء.
ومن المؤسف أن يعيد التاريخ نفسه، ولكن هذه المرة بشكل مسخرة، أذ لا يوجد في (دولتنا الديمقراطية) قانون عادل يحمي الصحفية والصحفي في العراق ويوفر لهم الغطاء والحماية والحصول على المعلومة، ونتيجة ذلك فقد الكثير من الصحفيين والصحفيات حياتهم ثمناً لعملهم هذا على يد قوى ظلامية تحمل السلاح المنفلت، وخارجة عن القانون، حيث تعرض العشرات من الصحفيين والصحفيات للاعتقال والتصفية الجسدية والتشريد بسبب عملهم هذا خاصةً بعد تغطيتهم لأحداث انتفاضة تشرين المجيدة 2019، وتعريتهم للفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة، واساليب القمع والمطاردة والتسقيط.