رغم مضي 138 عاما على أول إضراب عمالي عالمي، وقرابة تسعة أعوام على تشريع مجلس النواب العراقي لقانون العمل النافذ، ومصادقته على أغلب الاتفاقيات الدولية، فإن معاناة النساء العاملات لاسيما في القطاع الخاص مازالت مستمرة، إذ يسود التمييز بمختلف اشكاله، شروط عملهنّ بحسب ناشطين وناشطات، والذين يشددون أيضا على ضرورة الإسراع بتنفيذ قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال لحماية حقوق العاملين في القطاع الخاص.
طرد دون إنذار
وبهذا الصدد، تتحدث المواطنة، إسراء حامد، وهي عاملة في إحدى شركات القطاع الخاص، عن مخالفات كبيرة يرتكبها أرباب العمل بحق العاملات، خلافا للقوانين النافدة. وتقول لـ» طريق الشعب»، إن «العاملات في القطاع الخاص يتعرضن إلى أبشع أنواع الاستغلال عبر فرض أعمال إضافية خارج مهام عملهن الأصلية، ودون تعويضات مالية تذكر، وحال الاعتراض يتم طرد العاملة من عملها دون رعاية لظروفها الخاصة او حتى إنذارات مسبقة لها او منحها تعويضاً مالياً كمكافأة نهاية الخدمة».
وتذكر أن قرار تسريح زميلتها من العمل قد صدر « بعد وضع جنينها، على الرغم من تقديم طلب بمنحها إجازة إلا أن طلبها قوبل بالرفض من قبل إدارة الشركة التي هي بحاجة ماسة للعاملة، ليصدر بعد أيام قرار الاستغناء عن خدماتها بحجة الغياب».
وتفيد في هذا الخصوص أن الشركة التي تعمل لصالحها «تفرض شروطاً تعسفية لقاء قبول المرأة بالعمل منها عدم الارتباط (الزواج) والتفرغ الكامل للعمل، على الرغم من أجور العمل القليلة التي لا تتناسب مع ساعات وطبيعة العمل».
وتنبه إلى أن «غالبية العاملات في القطاع الخاص غير مشمولات بأي شكل من أشكال الضمان الاجتماعي، حيث لم تصدر تعليمات لتنفيذ القانون الجديد، وإن صاحب العمل اكتفى بشمول عاملين من الرجال بالضمان، وذلك للظهور بالإستجابة للقانون أمام فرق تفتيش وزارة العمل حال زيارتهم الشركة».
وتأمل حامد أن تكون مسيرة الأول من آيار هذا العام «مطلبية بضمان حقوق عمال وعاملات القطاع الخاص وعدم اقتصارها على مسيرة تعبر عن الاحتفال باليوم العالمي للعمال لا أكثر».
عقود عمل غير منصفة
من جانبها، تكشف الناشطة في مجال حقوق المرأة، مروة الكعبي، عن انتهاكات أخرى تتعرض لها النساء العاملات في القطاع الخاص وتقول لـ»طريق الشعب»، إن «حاجة النساء إلى العمل كبيرة، إلا أن عدم المعرفة الكافية بضمانات العمل، جعل منهن فريسة سهلة للاستغلال من قبل البعض من أرباب العمل، الذين يفرضون عليهن توقيع عقود عمل تتضمن انتهاكات قانونية كفرض غرامات مالية كبيرة عند اعتراض العامل على طبيعة العمل وساعاته أو الرغبة بترك العمل».
وتؤكد الكعبي أن «نساء كثيرات يقبلن بهذه الشروط بسبب الحاجة الماسة إلى العمل وعدم الدراية بالتبعات القانونية التي تترتب عليها عند التوقيع، وبالتالي هن أسيرات للعقد الذي لا يستطعن دفع ثمن شروطه».
وتحمل الناشطة «لجنة حقوق الإنسان النيابية ولجنتي العمل والمرأة إضافة إلى النقابات العمالية مسؤولية الانتهاكات التي تتعرض لها النساء العاملات في مختلف قطاعات العمل»، مشددة على أن» اللجان البرلمانية المعنية تسعى إلى تعديل قانون العمل من أجل تقليص حقوق العمال فيه، تماشيا مع مصالح أرباب العمل لا أكثر».
من الناحية القانونية
في السياق ذاته تفيد المحامية المتخصصة في الشأن العمالي، سماح الطائي، لـ”طريق الشعب”، أن «قانون العمل يتضمن نصوصا قانونية كفيلة بحماية العاملات بمختلف القطاعات ومنح الحرية الكاملة لعمل التنظيمات النقابية العمالية، إلا أن الجهات التشريعية تحاول الالتفاف على هذا القانون عبر فرض تعديلات قانونية تسلب بموجبها حرية العمل النقابي وتعزز التمييز في عمل النساء»، مشددة على أن قانون العمل النافذ «منح النساء العاملات امتيازات عمل خاصة تنسجم مع طبيعة التزاماتها الاجتماعية وأن ما يجري من محاولات التعديل مخالفة للاتفاقيات الدولية».
وتذكر «إلا أنه على الرغم من الحملات التي نظمتها وتنظمها الاتحادات النقابية ومنظمات المجتمع المدني وواقع حال العاملات، فان الاستجابة من قبل الحكومة بطيئة في تنفيذ بنود القانون».
وتؤكد الطائي «إن عمال القطاع الخاص هم أكثر الفئات مظلومية على الرغم من النصوص القانونية النافدة المعطل تنفيذها عمدا، والتي آخرها قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال الذي لم ترسل تعليمات تنفيذه بعد، لافتة إلى «وجود شكاوى كثيرة تصل إلى محكمة العمل من نساء يتعرضن في مواقع العمل إلى أبشع وسائل الاستغلال والمساومة دون توفير الحماية اللازمة لهن».
وشددت الطائي خلال حديثها على ضرورة « شمول أكبر عدد من النساء العاملات في القطاع الخاص بالضمان الاجتماعي خاصة وان الكثير من النساء يتعرضن إلى ظروف حياة صعبة فرضتها التحديات المختلفة التي تمر بها البلاد وهن بحاجة ماسة إلى العمل».