عصر أول أمس الجمعة، وعند موقع “سجن الكوت” الذي أزالت السلطات المتعاقبة ملامحه وحوّلته إلى موقع تجاري، استذكر الشيوعيون العراقيون وأصدقاؤهم المجزرة التي شهدها هذا السجن يوم 3 أيلول 1953، والتي راح ضحيتها 10 سجناء شيوعيين بواسل وجُرح عشرات آخرون، بعد أن فتحت سلطات السجن النار عليهم، لا لذنب سوى لمطالبتهم بحقوقهم واحتجاجهم على قرارات إدارة السجن التعسفية. ولم تسلم السلطات الجائرة جثامين الشهداء إلى ذويهم، وبقي مصيرهم مجهولا حتى الآن.   وكانت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة واسط،  قد دعت لهذه الوقفة الاستذكارية ولتنظيمها في موقع باب السجن بمنطقة السراي وسط الكوت.

ورغم ازدحام المنطقة وضيق المكان، إلا ان الوقفة حظيت بتفاعل شعبي واسع. وقد عادت ذاكرة الكوتيين إلى صور تلك الأيام، حين حوّل السجناء الشيوعيون باحات وقواويش سجن الكوت إلى مدرسة نضالية للتعلم وتحدي الجلادين، ومدوا جسورا من العلاقات الطيبة مع أهالي المدينة. إذ كانوا يستخدمون مكبرات الصوت في مخاطبة الأهالي خارج أسوار السجن.

وخلال الوقفة، تحدث الشاعر والكاتب نجم خطاوي إلى الحاضرين عن المآثر والتضحيات التي اجترحها السجناء الشيوعيون الـعشرة، وهم يجابهون الجلادين بجسارة وتحدٍ وبروح الاستشهاد.  

فيما ألقى نائب سكرتير محلية واسط الرفيق تيسير حذر، كلمة باسم المحلية أشاد فيها بالصور الملحمية التي جسدها الشيوعيون في كل سوح النضال، خصوصا في السجون والمعتقلات، داعيا الحضور لمؤازرة الحزب ودعمه في نضاله، لا سيما اليوم وهو يخوض انتخابات مجالس المحافظات، من أجل تغيير موازين القوى في هذه المجالس أولا، وفي مجلس النواب خلال المرحلة القادمة.

وقال أن “هذا الحدث التاريخي المهم، يُحتم علينا دوماً استذكاره وتخليده وتمجيده، ومحاولة تبصير الأجيال الجديدة بالمواقف والبطولات والتضحيات التي اجترحها الشيوعيون والوطنيون العراقيون، دفاعا عن حقوق الشعب العراقي، وضد المحتلين الانكليز ومعاهدة بورتسموث ونظام الاقطاع الذي اذاق فلاحي الارياف الويل والعذاب”، مضيفا أنه “من هذه الذكرى نستمد العزم اليوم على مواصلة طريق الوطن الحر والشعب السعيد، حتى الطريق المفضي الى دولة المواطنة المدنية.. دولة العدالة الاجتماعية”.

وكانت للرفيق فتاح طه (أبو ثبات)، السكرتير السابق لمحلية واسط، والشخصية الشيوعية المخضرمة، والذي كان يوما نزيلا في سجن الكوت، كلمة قصيرة في المناسبة، شجب فيها الاجراءات التعسفية التي أزالت معالم السجن. 

كذلك كانت للأديب سعد الواسطي، كلمة أشاد فيها بالتاريخ النضالي للشيوعيين، وبتضحياتهم في السجون، وكل محطات الكفاح. أعقبه القاص والكاتب عيسى مسلم، بكلمة مؤثرة عن أمجاد الشهداء ومآثرهم.

وعلى لافتة كبيرة رفعت في موقع السجن، مجدت محلية واسط الشهداء العشرة، وكتبت أسماءهم جميعا، مع صورة لبوابة السجن.

هذا وتضمنت الفعالية معرضا فوتوغرافيا لصور شهداء السجن. فيما حملت “صينية” كبيرة وضعت على طاولة 10 شمعات بيض وغصون ياس خضراء، في ذكرى الشهداء.

وفي الختام، قدم الشيوعيون الشكر إلى أصحاب المحال والباعة، على فسحهم المجال لتنظيم الفعالية.

عرض مقالات: