يكثر الحديث، منذ زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية، في منتصف شهر تموز/يوليو 2022، عن احتمالات تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل. وإذا كان هناك ما يشبه الإجماع بين المحللين على أن هذه الاحتمالات واردة، فإن التباين بينهم يتمحور حول شروط هذا التطبيع، وخصوصاً من جانب قيادة المملكة، وحول توقيته.

التطبيع بين الدولتين أولوية لإدارة جو بايدن

منذ وصولها إلى البيت الأبيض في مطلع سنة 2021، وضعت إدارة الرئيس جو بايدن هدفاً رئيسياً لنفسها، وهو السعي إلى توسيع نطاق اتفاقيات التطبيع العربي-الإسرائيلي، وخصوصاً ضم المملكة العربية السعودية إليها. ويرى مئير بن شبات، “مستشار الأمن القومي” الإسرائيلي السابق، أن إنجازاً كهذا، سيساعد جو بايدن، خلال حملته الانتخابية القادمة، كما يقلل الانتقادات الموجهة إليه بشأن التخلي عن الشرق الأوسط، ويمكّن إدارته من تقديم خطوة كهذه على أنها “من أجل إبعاد السعودية عن الصين، أو على الأقل وقف مسار التقارب بينهما، وخطوة لصوغ جبهة مشتركة لدول الشرق الأوسط ضد إيران”[1].

وعشية زيارته إلى السعودية، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في 5 حزيران/يونيو 2023، في خطاب ألقاه في حفل نظّمه اللوبي الموالي لإسرائيل (أيباك) في واشنطن، إن إدارة بايدن “ملتزمة الدفع قدماً بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية، لكن ليس لدى البيت الأبيض أوهام بأن هذا سيجري بسرعة”. وفي مؤتمر صحفي عقده في الرياض مع نظيره السعودي الأمير فرحان بن فيصل، يوم الخميس في 8 من الشهر نفسه، أشار إلى أن واشنطن “ستواصل القيام بدور أساسي في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية والتوسع فيه أكثر فأكثر”. وإثر لقائه، في اليوم التالي، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جدة، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى في الوفد المرافق له “إن وزير الخارجية الأميركي تناول موضوع التطبيع مع إسرائيل خلال اجتماعه مع ولي العهد السعودي”، وأشار “إلى أن الجانبين اتفقا على مواصلة الحوار في هذا الشأن”[2]. وبعد شهر تقريباً من زيارة أنتوني بلينكن إلى السعودية، ذكر جو بايدن نفسه، في سياق مقابلة أجرتها معه شبكة سي إن إن في 10 تموز/يوليو 2023، أن إسرائيل والسعودية “ما زالتا بعيدتين عن تطبيع العلاقات بينهما”، مضيفاً أن “هناك طريقاً طويلة يجب أن نقطعها قبل اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وأن التقدم في هذه القضية يعتمد على مطالب السعودية من الجانب الأميركي في مقابل الاعتراف بإسرائيل”. ووجّه انتقاداً للحكومة الإسرائيلية الحالية واصفاً إياها بأنها “الأكثر تطرفاً منذ حكومة غولدا مئير”، مشيراً، على نحو خاص، إلى الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. وفي 27 من شهر تموز نفسه، أوفد جو بايدن كلاً من مستشاره للأمن القومي، جاك سوليفان، وبريت ماكغورك، مستشاره لشؤون الشرق الأوسط، إلى جدة للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفي اليوم نفسه، لمح كاتب العمود في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان إلى احتمال أن يكون الرئيس جو بايدن قد كلف فريقه الرئاسي فحص إمكانية التوصل إلى اتفاق أمني جديد بين الولايات المتحدة والسعودية، في حال وافقت هذه الأخيرة على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل[3].

بنيامين نتنياهو متلهف للتطبيع مع السعودية

يمثل تطبيع العلاقات مع السعودية أولوية كذلك لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وضع للحكومة التي شكّلها، في أواخر العام الفائت، هدفين رئيسيين، هما: عزل إيران بصورة كاملة ومنعها، بجميع السبل، من امتلاك السلاح النووي، وتطبيع العلاقات مع السعودية. وفي مقابلة أجرتها معه قناة “العربية” التي تبث باللغة الإنكليزية، في منتصف كانون الأول/ديسمبر 2022، قال بنيامين نتنياهو إنه سيسعى لإبرام اتفاق سلام مع السعودية، وأن هذا السلام “سيخدم غرضين: سيكون خطوة كبيرة نحو سلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي، وسيغيّر منطقتنا بطرق لا يمكن تصورها”، كما “سيساعد في نهاية المطاف على تحقيق السلام الإسرائيلي–الفلسطيني”، مؤكداً أن هذا هو طموحه، و”يعتمد الأمر على القيادة السعودية إذا كانت مهتمة بالمشاركة في هذا الجهد”. وفي إشارة مبطنة إلى أن السعودية يمكنها الاعتماد على إسرائيل لتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية، أضاف بنيامين نتنياهو “أن التحالف التقليدي الأميركي مع السعودية ودول أُخرى يحتاج إلى إعادة تأكيد، ولا ينبغي أن تكون هناك تقلبات دورية، أو تقلبات حادة في هذا التحالف”، معرباً عن اعتقاده “بأن التحالف مع الولايات المتحدة هو مرساة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”. وأعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي التأكيد على طموحه هذا، في مقابلة أجرتها معه إحدى قنوات التلفزة الفرنسية، في 4 شباط/فبراير 2023، خلال زيارة قصيرة قام بها إلى باريس وهدفت، كما قيل، إلى بحث الملف النووي الإيراني مع الرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك عندما قدّر بأن “اتفاقيات أبراهام” لم يكن من الممكن “التوصل إليها لو عارضتها المملكة العربية السعودية”، وأن المملكة “منفتحة على السلام” مع إسرائيل، لكن ذلك “يمكن أن يحدث بصورة تدريجية أو بطرق أخرى كثيرة”، وأنه في حال حدوثه “يمكن أن يغيّر التاريخ”، وسيكون “أكثر أهمية من اتفاقيات إبراهام”، لأنه “سيبدأ في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي ويفضي إلى نهاية واقعية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”[4].

مؤشرات على تغيرات في السياسة السعودية

أشارت تقارير إسرائيلية إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص الإسرائيلي في صفقات في مجال التكنولوجيا المتطورة والزراعة في المملكة، فضلاً عن تزايد اللقاءات بين شخصيات أمنية إسرائيلية وسعودية بهدف “توطيد التعاون الاستخباراتي-العملياتي بين الدولتين”. وغداة زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المملكة، أظهرت هذه الأخيرة بوادر انفتاح “مدروس” على إسرائيل، كالإعلان عن فتح مجالها الجوي أمام جميع شركات الطيران، بما فيها ضمناً الشركات الإسرائيلية التي لم تُذكر بالاسم. وبحسب تقرير صادر عن “معهد رصد السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي” (Impact-se) نُشر، خلال شهر أيار/مايو الفائت، وكشفت عنه شبكة CNN، فقد أزيلت من الكتب المدرسية السعودية العبارات “الجارحة” لليهود والمسيحيين، وتم استبدال الحديث عن “العدو الإسرائيلي” أو “العدو الصهيوني” بـالحديث عن “الاحتلال الإسرائيلي” أو عن “جيش الاحتلال الإسرائيلي”، لكن إسرائيل، كدولة، بقيت غائبة عن الخرائط في هذه الكتب[5]. وكانت إسرائيل قد أعطت موافقتها على الاتفاق السعودي-الأميركي بشأن انسحاب القوة المراقبة الدولية في سيناء (MFO) من جزيرتي تيران وصنافير، اللتين أعادتهما مصر إلى السيادة السعودية في سنة 2017، ووضع أنظمة مراقبة تقوم بعمل تلك القوة وتضمن استمرار حرية الملاحة في مضيق تيران. وفي العام الماضي، انضمت المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، لأول مرة، علناً إلى إسرائيل في مناورات بحرية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. وقبل حلول موسم الحج الأخير، صرّح مسؤولون في إسرائيل لوسائل إعلام، في حزيران/يونيو الماضي، أن السعودية، وضمن إطار خطوات الدفع قدماً بالتطبيع، ستسمح برحلات جوية مباشرة من إسرائيل إلى المملكة للفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية الراغبين في أداء مناسك الحج، لكن تبيّن أن هذا لم يحصل، وخصوصاً بعد أن اشترى معظم الحجاج بطاقات سفرهم عبر الأردن.

نعم للتطبيع ولكن بعد “حل المشاكل مع الفلسطينيين”

 في مطلع شهر آذار/مارس 2022، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة أجرتها معه مجلة “ذي أتلنتك” الأميركية، ونقلت مقاطع منها وكالة أخبار السعودية، رداً عن سؤال بخصوص رأيه في اتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين، من جهة، وإسرائيل، من جهة أخرى، إن “الاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي هو ألَّا تقوم أي دولة بأي تصرف سياسي، أو أمني، أو اقتصادي من شأنه أن يُلحق الضرر بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وجميع دول المجلس ملتزمة بذلك، وما عدا ذلك، فإن كل دولة لها الحرية الكاملة في القيام بأي شيء ترغب القيام به حسب ما ترى”. أما عن موقف السعودية من إسرائيل، فقد بدأ بن سلمان بالتعبير عن أمله في أن تُحل ما وصفها بـ “المشكلة” بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأضاف أن المملكة “لا تنظر لإسرائيل كعدو، بل كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معاً، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك”[6].            

وخلال زيارة قام بها إلى المملكة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في الفترة ما بين 6 و 8 حزيران/يونيو 2023، صرّح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن “التطبيع مع إسرائيل يصب في مصلحة المنطقة، ويمكن أن يعود بفوائد كبيرة على الجميع، ولكن من دون طريق يضمن السلام للشعب الفلسطيني، ومن دون مواجهة هذا التحدي، فإن التطبيع سيكون له فوائد محدودة”، مضيفاً أنه “يتوجب أن نواصل التركيز على كيفية إيجاد طريق لحل الدولتين الذي يمنح الفلسطينيين الكرامة والعدالة”[7]. وغداة عودة الوزير الأميركي إلى بلاده، صرّح المتحدث الرسمي باسم السفارة السعودية في واشنطن فهد ناظر بأن موقف الرياض “كان واضحاً وثابتاً” لفترة طويلة، مشيراً إلى أن مبادرة السلام العربية لسنة 2002 لا تزال مطروحة، وأن المملكة ستطبع العلاقات مع إسرائيل عندما يتم إقامة دولة فلسطينية.

مطالب سعودية غير معلنة من الإدارة الأميركية

إذا كان ولي العهد السعودي قد ربط التطبيع مع إسرائيل بحل المشكلة مع الفلسطينيين بصورة عامة، فإن تصريحَي وزير خارجيته والناطق باسم سفارته في واشنطن كانا واضحين بربطهما التطبيع بقيام دولة فلسطينية على أساس مبادرة السلام العربية لسنة 2002، التي ارتبطت باسم ولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز. والسؤال الذي يُطرح هنا، هل يمكن للمملكة العربية السعودية أن تتراجع عن “شرط “الحد الأقصى” الفلسطيني هذا، وأن تقبل، مثلاً، بخطوة إسرائيلية ذات مغزى مثل وقف توسيع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلة أو إعلان الحكومة الإسرائيلية رسمياً عدم توجهها نحو ضم المنطقة (ج) من الضفة، وخصوصاً في حال استجابة الإدارة الأميركية للمطالب التي تطرحها عليها، والتي يحددها المحللون المتابعون لملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل في: أولاً، تمكين السعودية من تملك قدرات تخصيب اليورانيوم على أراضيها؛ ثانياً، تزويدها بأسلحة أميركية متطوّرة، وخصوصاً بنظام اعتراض الصواريخ الباليستية وبطائرات إف 35؛ وثالثاً، بإبرام معاهدة دفاع مشترك بينها وبين الولايات المتحدة[8].

عقبات أمام تلبية المطالب السعودية

في مقابلة أجراها قبل أيام مع قناة التلفزة الإسرائيلية 12، تطرق وزير الخارجية الإسرائيلية ايلي كوهين إلى “التقدم” في الاتصالات بين الولايات المتحدة والسعودية لإبرام صفقة أمنية تشمل تطبيعاً للعلاقات مع إسرائيل، مقدّراً أن إسرائيل “هي حالياً أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق سلام مع المملكة العربية السعودية”، ومضيفاً أن “النافذة الزمنية أمامنا هي حتى شهر آذار/مارس من العام المقبل، عندما ستنجر الولايات المتحدة إلى معركة انتخابية”. ولدى سؤاله عن إمكانية استجابة إسرائيل للمطالب التي وضعتها السعودية، والتي تشمل “الموافقة على إنتاج طاقة نووية سلمية، وتجميد البناء في المستوطنات والتقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين”، تهرّب الوزير من الإجابة عن السؤال، قائلاً: “ليس من الصواب الآن الدخول في المفاوضات”، ومعتبراً “أن القضية الفلسطينية ليست عائقاً أمام السلام، وهو ما أثبتناه في اتفاقيات أبراهام”[9].

وبغض النظر عن خلفية التفاؤل الذي أبداه الوزير الإسرائيلي، كنت قد لمحت سابقاً إلى أن السعودية، في حال تلبية الإدارة الأميركية مطالبها الثلاثة المذكورة، قد تتنازل عن شرط “الحد الأقصى” الفلسطيني، المتمثّل في إقامة دولة فلسطينية، وتقبل مقترح تجميد الاستيطان أو إعلان التراجع عن خطة الضم مثلاً؛ ولكن هل يقبل حلفاء بنيامين نتنياهو في الائتلاف الحكومي بذلك؟ هل يمكن أن يستمر الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير في حكومة تقرر تجميد الاستيطان والتراجع عن الضم؟ 

إن هذا يبدو صعباً، كما بيّن وزير “النقب والجليل والحصانة الوطنية” يستحاق بسرلوف، من حز إيتمار بن غفير “قوة يهودية”، في الأول من الشهر الجاري، لدى رده عن سؤال بخصوص احتمال موافقة الائتلاف الحكومي على تجميد البناء في المستوطنات لقاء إحراز تقدّم في محادثات التطبيع مع السعودية، إذ أجاب: “لا نستطيع تجميد حياة الناس من أجل تحقيق السلام، هذا سلام وهمي”، وأضاف: “أنا مع اتفاق سلام، مثل اتفاقات أبراهام، سلام يقوم على القوة وليس على التنازلات”[10]. فهل يذهب “تلهف” بنيامين نتنياهو إلى تطبيع علاقات إسرائيل مع السعودية إلى حد القبول، هو شخصياً، بتجميد الاستيطان والتخلي عن حلفائه في الائتلاف الحكومي الحالي، وخصوصاً في حزبَي “الصهيونية الدينية”، والإقدام على تشكيل حكومة جديدة مع حليفيه السابقين يائير لبيد وبني غانتس، وهو ما ترغب فيه إدارة جو بايدن كما يبدو؟ ثم هل يقبل زعيما حزب “يوجد مستقبل”، وحزب “المعسكر الرسمي” بتأليف حكومة مع بنيامين نتنياهو، وخصوصاً في ظل احتدام خلافهما معه حول “الإصلاح القضائي”؟

ومن ناحية أخرى، تقف عقبات كذلك أمام تلبية الإدارة الأميركية المطالب السعودية الأخرى، أو بعضها، وكذلك ضمان موافقة إسرائيل على تلبيتها، وخصوصاً مطلب تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية. فالولايات المتحدة وإسرائيل ترفضان أن يكون لأي بلد من بلدان المنطقة قدرات خاصة لتخصيب اليورانيوم، لأن هذا قد يفتح الطريق أمامه لصنع أسلحة نووية في المستقبل، وقد يدفع نحو تشجيع بلدان أخرى في المنطقة على فعل ذلك، وتقترحان بالتالي أن تتخلى السعودية عن مطلب تخصيب اليورانيوم بنفسها وأن تستورده من الولايات المتحدة الأميركية، وتطوّر بذلك برنامجها النووي المدني الذي يبقى تحت رقابة أميركية ودولية، وهو في الواقع ما تم تحقيقه في اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات في سنة 2020، لكن لا يبدو، حتى الآن، أن السعوديين مستعدون لقبول هذا الخيار. وفي هذا الصدد، قال يوئيل غوزانسكي، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، لموقع Middle East Eye: “إذا كان ثمن السلام هو إعطاء المملكة العربية السعودية قدرات التخصيب، أعتقد أنه مرتفع للغاية”، وأضاف: “من يدري ماذا سيفعل محمد بن سلمان في غضون خمس سنوات أو حتى في العام المقبل بهذه الطاقة [النووية]”[11].أما بخصوص المطلبين الثاني والثالث، المتمثلين في حصول المملكة على أسلحة متطوّرة وعلى ضمانات أمنية، فيبدو أن السناتور الأميركي كريس مورفي أخذ في أواخر أيار/مايو 2023، بحسب موقعMiddle East Eye، تعهداً علنياً من باربرا ليف، المسؤولة عن الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، بأن الإدارة لن تقدم أي ضمانات أمنية للسعودية من دون السعي للحصول على موافقة الكونجرس أولاً، وهو المعروف بعدم رضاه عن السياسات السعودية وعن صانعها ولي العهد، كما أكد للموقع نفسه مسؤولون أمريكيون سابقون وحاليون أنه إذا أرادت إدارة بايدن تزويد السعودية بالأسلحة المتطورة التي تطلبها، فيمكنها تجاوز معارضة الكونجرس باستخدام حق النقض الرئاسي، لكنها ليست حريصة على القيام بذلك على أبواب الانتخابات الرئاسية المقبلة[12]، علماً أن إسرائيل قد لا تعارض، بل ربما تشجع، قيام اتفاق دفاع مشترك بين الولايات المتحدة والسعودية، بما يعزز الالتزام الأميركي حيال الحلفاء في المنطقة، بينما يفرض عليها تزويد المملكة بأسلحة متطورة التأكد من أن هذا لا يُلحق الضرر الكبير بالتفوق العسكري النوعي الخاص بها[13].

خاتمة

إذا كانت إدارة جو بايدن تضع التطبيع بين السعودية وإسرائيل ضمن أولويات سياستها الخارجية، نظراً لكونها تريد الحصول على مكسب سياسي “دسم” على أبواب الحملة الانتخابية الرئاسية؛ وإذا كان بنيامين نتنياهو شخصياً متلهفاً لتطبيع علاقات إسرائيل مع دولة يرى فيها “قائدة” في العالمين العربي والإسلامي؛ فإن السعودية، من جهتها، لا يبدو أنها مستعجلة لتحقيق ذلك، بل هي راغبة في السير ببطء على هذه الطريق، بما يمكنها من تهيئة الرأي العام السعودي لتقبل خطوة كهذه ويسمح لها بالحصول على أفضل الشروط الممكنة، وخصوصاً بعد أن أعادت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وطوّرت علاقاتها الخارجية مع دول كبرى مثل الصين وروسيا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/32211

[2] https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/31887 ; https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/31907

[3]https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/32054; https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/32211 

[4] https://www.tf1info.fr/international/une-paix-israel-arabie-saoudite-j-en-serais-ravi-mais-c-est-leur-decision-repond-premier-ministre-benjamin-netanyahu-sur-lci-2247125.html;

https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/30724

[5] https://www.lorientlejour.com/article/1341145/larabie-saoudite-modifie-le-contenu-de-ses-manuels-scolaires-relatif-a-israel.html

[6]          https://www.bbc.com/arabic/trending-60631272

[7] https://www.lemonde.fr/international/article/2023/06/10/normalisation-avec-israel-l-arabie-saoudite-donne-des-signes-d-ouverture_6177079_3210.html

[8] https://www.radioj.fr/2023/06/19/les-vrais-problemes-pour-une-normalisation-israel-arabie-saoudite/

[9] https://www.i24news.tv/ar/أخبار/middle-east/1690832026-وزير-الخارجية-الإسرائيلية-اتفاق-تطبيع-مع-السعودية-حاليا-الأقرب-من-أي-وقت-مضى

[10] https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/32198

[11] https://www.middleeasteye.net/fr/decryptages/normalisation-arabie-saoudite-israel-etats-unis-mbs-prince-heritier-position-force

[12] ibid

[13] https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/32194 ; https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/3957

عرض مقالات: