منذ ستة شهور وأنا أنتظر صدور البطاقة الانتخابية البايومترية، من أجل ضمان المشاركة في الانتخابات العراقية القادمة.

اليوم صباحا كنت انتظر الحصول عليها بعد أن طالت فترة الانتظار!!!

وبعد السؤال والجواب، وجدت الموظفة التي يتصبب العرق من رأسها باتجاه الوجه، اسمي في شاشة الحاسوب القديمة، وكان جوابها:

- البطاقة قيد الطبع، وما عليك سوى الانتظار.

وكإنسان وبشر وعراقي، حاولت التعبير عن الرأي، محتجا على طول فترة الانتظار، وعلى الإجراءات الروتينية والبيروقراطية في التعامل مع موضوع البطاقات الانتخابية.

لم يكن في نيتي الكتابة عن الموضوع، وقلت سألوذ بالصمت في انتظار غودو، خصوصا وأن الوقت حتى الانتخابات المحلية القادمة، لازال فيه متسع، لكن دعوة موظفة الانتخابات لي بالكتابة، شجعني كثيرا، وإليكم ما يوضح الأمر:

القاعة مكتظة بالمراجعين، وهذا ما أفرحني كثيرا، وما يؤشر الى أن اهتماما شعبيا ملحوظا، بشأن الانتخابات، ولو بحدود معينة.

الموظفون نساء ورجال، توزعوا خلف طاولات بسيطة، وقد تزامنت زيارتي مع انقطاع الكهرباء، وعدم وجود ما يعوضها من مولدات...

 العرق يتصبب من الجباه، وقد تعكر المزاج، خصوصا مع درجة حرارة ٤٦ (تشوي شوي) كما يعبر العراقيون. ولأني مواطن افترض اهتمامي المبالغ أحيانا بشؤون الوطن وهمومه، قلت للموظفة. وبما يشبه الاحتجاج:

-  كيف يكون مكان عملكم وسط هذه الظروف، وهو ما يناقض ما يعلن من تخصيصات كبيرة لمفوضية الانتخابات ؟؟

ولم ترد الموظفة على ما قلته، وشرعت منشغلة بقضية مواطن آخر. قلت بشيء من المزاح وتغيير جو الازعاج الذي يسببه الحر وأوجاع الكهرباء:

 - أنا مهتم بشأن الاعلام والصحافة، وسأكتب محتجا على طول فترة الانتظار التي يستغرقها أصدار بطاقات بايومترية جديدة.

ودون تفكير طويل، أجابتني الموظفة بشيء من الاحتجاج والسخرية:

-  يا ريت أن تكتب يا أستاذ، ولا تنس الكتابة عن حالنا، وضرورة توفير مولدة كهرباء تسعفنا من هذا الحر، وأجواء طبيعية لممارسة العمل !!!

خرجت من الدائرة متجهم الوجه والملامح.

في الشارع خارج الدائرة، ذكرني المواطن الذي قابلته، والذي أستفسر عن سبب تجهمي وحزني وغضبي، بكلام أحد المسؤولين من أحزاب المحاصصة السياسية، ومختصره:

سنفوز بالانتخابات، سواء شارك الناس فيها، أم لم يشاركوا .... وأضيف أنا، سواء حصلوا على البطاقات الانتخابية، أو لم يحصلوا!!

سأفوت الفرصة على هذا المسؤول في تحقيق ما يبتغيه من استمرار خداع الناس، وسألح كثيرا في مراجعة دائرة الانتخابات، وحتى وصول بطاقتي الانتخابية، وسأدلي بصوتي لصالح قوى التغيير الديمقراطية وللشيوعيين، أملا في تعديل مأساوية الواقع العراقي الذي سببته أحزاب المحاصصة...

عرض مقالات: