اخر الاخبار

تطل علينا الذكرى الخامسة والستون لقيام ثورة 14 تموز عام 1958.. تلك الثورة الوطنية والتحررية والتي كانت استكمالا لثورة العشرين وما أعقبها من نضالات وطنية موجهه ضد الاستعمار وأعوانه والتي أنهت حكم النظام الملكي الرجعي وخلصت الشعب العراقي من تسلط هذه السلطة المستبدة وسيطرة الاستعمار الغربي على العراق ونهب خيراته.

إن هذه الثورة الخالدة كانت انعطافة تاريخية في حياة شعبنا وثمرة كفاحه المرير على مدى عقود طويلة من الزمن بعد أن عانى من الظلم والتسلط والحرمان وسلب الحريات العامة وتكميم الأفواه الوطنية التي كانت تطالب بحقوق شعبنا وعلى مختلف الأصعدة، إضافة إلى استعادة شعبنا لسيادته الكاملة على أرضه وثرواته بعد نجاح هذه الثورة الخالدة اضافة إلى الإنجازات والمكاسب التي حققتها ومنها إسقاط النظام الرجعي الموالي للاستعمار وإقامة نظام وطني واستبدال النظام الملكي الرجعي بنظام جمهوري كذلك فك ارتباط العراق مع التحالف الامبريالي الرجعي وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وتشريع قانون لتوزيع الاراضي على الفلاحين إضافة إلى القوانين والتشريعات الأخرى التي ضمنت حقوق العمال والموظفين وبقية فئات وشرائح المجتمع العراقي بأجمعه، كذلك شرعت الثورة قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 والذي أعاد الاعتبار للمرأة العراقية التي كانت مسحوقة في جميع الأزمنة، وشكل اصدار هذا القانون بعدا اجتماعيا اضافيا للثورة وجاء أول قانون مدني ينصف المرأة ويساويها بالرجل في الميراث وينظم العلاقات العائلية بعد ان كانت تخضع لشرائع واعراف مختلفة لطوائف واديان مختلفة، كذلك اقر القانون شهادة المرأة في المحاكم والتي تعادل شهادة الرجل .. وبذلك اعادت الثورة للمرأة مكانتها واعتبارها أنسانة لها كرامتها وشعورها بآدميتها.

إن ثوره 14 تموز كانت منعطفا تاريخيا بين مرحلتين.. مرحلة الاستعمار والعبودية الأسود ومرحلة الاستقلال والتحرر وبناء المجتمع العراقي الجديد المبني على المساواة واحترام إرادة الشعب العراقي والحفاظ على سيادته الوطنية ومنحه الحريات السياسية والفكرية.. ولم يكن سرا بأن معظم التظاهرات والانتفاضات الشعبية اندلعت إبان الحكم الملكي الرجعي بقيادة الحزب الشيوعي العراقي، ولم يقتصر الأمر آنذاك على السجن والإبعاد وملاحقة آلاف الشيوعيين العراقيين، بل أعدم النظام الملكي الرجعي قادة حزبنا الرفاق فهد وحازم وصارم في شباط عام 1949 انتقاما لدور الشيوعيين في وثبة كانون عام 1948 التي وجهت ضربة قاضية للتسلط البريطاني في العراق.. علما بأن السلطة الملكية الرجعية كانت ديمقراطية في المظهر وديكتاتورية في الجوهر وبواجهة برلمانية مزيفة، وتعاني من عزلة خانقة بسبب اضطهادها الجماهير الشعبية والأحزاب الوطنية وفي مقدمتها حزبنا الشيوعي العراقي.. وقد ساهم الشيوعيون العراقيون في الإعداد لهذه الثورة بصورة مباشرة من خلال رفاقه في حركة الضباط الأحرار وبصورة غير مباشرة بمشاركته في جبهة الاتحاد الوطني قبل قيام الثورة، ومثل ما ساند قيامها في استقبال ودعم مطلق.. كان حزبنا المبادر الأول قبل غيره لتثبيت اساساتها وتنفيذ منجزاتها حيث قامت جميع منظمات الحزب وامتداداته الداخلية والأممية لتعضيد هذه الثورة المباركة.

واليوم بعد مضي 60 عاما على اغتيال هذه الثورة المجيدة على أيدي عصابات النظام البعثي القذرة في 8 شباط الاسود عام 1963 لم يتحقق للأسف الشديد لأبناء شعبنا ولو جزء بسيط مما تحقق خلال فترة هذه الثورة. ولنترك الآن الفترة المظلمة التي عاشها شعبنا العراقي وعلى مدى ثلاثة عقود ونيف تحت سيطرة النظام الدكتاتوري الفاشي لأنها معروفة للقاصي والداني ونتكلم عما بعد تغيير هذا النظام الدكتاتوري والذي لم يكن على يد الشعب العراقي بل من خلال الاحتلال الأجنبي وتسلم مقاليد الحكم من قبل جهات غيبت آمال وتطلعات شعبنا العراقي. فعلى مدى عشرين عاما من سقوط النظام السابق ساءت أوضاع البلد يوما بعد يوم ودخل شعبنا في صراع مستميت من أجل البقاء حيث ثرواته وأمواله سلبت أمام عينه في وضح النهار، وبدلا من تضحية هؤلاء المتنفذين بالحكم من أجل الشعب وكرامته وحريته بات الجميع في صراع من أجل البقاء على الكراسي والمغانم أملا منهم في الحصول على المزيد من أموال شعبنا الذي يعاني الفقر والحرمان والمرض وقله الخدمات والبطالة. وأصبح هذا الشعب يصنف ضمن الشعوب الفقيرة علما بأن بلدنا هو من أغنى بلدان وشعوب المنطقة.

المجد لثورة 14 تموز الخالدة في ذكراها الخامسة والستين

الرحمة لكل شهيد من أبناء شعبنا سقط دفاعا عن تلك الثورة الخالدة وعن الوطن والشعب.

عرض مقالات: