اخر الاخبار

بالنظر لتعليمات وزارة المالية في بداية كل سنة، بان يكون الصرف بمقدار 1/12، من مصروفات السنة السابقة لحين اقرار موازنة السنة التي تليها. يمكن متابعة مصاريف جزء من النفقات التشغيلية والتي تتضمن نفقات (المستلزمات الخدمية، المستلزمات السلعية، صيانة الموجودات) لغاية شهر تشرين الثاني لسنة 2022 حيث بلغت (3,414) ثلاثة تريليونات واربعمائة واربعة عشر مليار. بينما جرى رصد تخصيصات مبالغ جدا في زيادتها حسب مشروع موازنة 2023 على هذه النفقات حيث بلغت (21,966) واحدا وعشرين تريليون وتسعمائة وستة وستين مليار دينار. بدون الاخذ بنظر الاعتبار الزيادة الحاصلة في مقدار العجز المسجل في هذه الموازنة والبالغ (64,469) اربعة وستين تريليون واربعمائة وتسعة وستين مليار دينار وكذلك تداعيات هذا العجز من خلال الديون الداخلية والخارجية ومستحقات تسديدها وتسديد فوائدها، ومن سيتحمل هذه التكلفة من الفئات والشرائح الاجتماعية مستقبلا...! وبينما الصراع السياسي بين القوى المتنفذة على توزيع مغانم الموازنة والمساومات من اجل تمريرها بغض النظر عن كيفية اعداد هذه الموازنة، فهل ستقدم ما يساعد وضع الخطوات الاولى للتنمية وتوفير فرص العمل وتنشيط القطاعات الانتاجية الزراعية والصناعية او ما يمكن تحقيقه في تحسين القطاعات الخدمية المتهالكة بكافة اشكالها؟ ويمكن الاجابة على هذه التساؤلات بان هذه الموازنة لا تختلف عن سابقتها سوى بزيادة التخصيصات بما يتناسب مع مصالح القوى المتنفذة وحصصها من الموازنة بدون ان نهمل الجانب الآخر. وهو محاولة تخفيف حالة الاحتقان الشعبي ليس بما يتعلق بالمشاكل الرئيسية التي يعاني منها اغلب ابناء شعبنا، انما بما يتعلق بإعادة انتاج منظومة المحاصصة والفساد والتهيئة للانتخابات القادمة. ومن خلال التجربة المرة للموازنات السابقة ومها كانت الدعوات الاعلامية لمحاربة الفساد نستطيع ان نقول وبثقة عالية سيلتهم الفساد هذه الوفرة وهو المحصن بالسلاح المنفلت وغير المنفلت.

وإذا اجرينا مقارنة بسيطة بين المصروفات على النفقات المذكورة لسنة 2022 للشهر الواحد والبالغة (310,370) ثلاثمائة وعشرة مليار وثلاثمائة وسبعين مليون دينار. وبين التخصيصات التي تضمنتها الموازنة الاتحادية لجمهورية العراق لسنة 2023 لهذه النفقات وللشهر الواحد ايضا حيث بلغت (1,830) تريليون وثمانمائة وثلاثين مليار. اي ان مقدار الفائض من التخصيص للشهر الواحد على هذه النفقات بلغ (1,520) تريليون وخمسمائة وعشرين مليار. ونتيجة لتأخير اقرار الموازنة بحدود ستة أشهر بسبب صراع القوى المتنفذة ومساوماتها غير المكتملة. وكما أشرنا سابقا بان تعليمات وزارة المالية بان الصرف يتم 1/12 من المصروفات الفعلية للسنة السابقة، يمكن احتساب الفائض بشكل تقريبي بانه قد بلغ (9,121) تسعة تريليون ومائة وواحدا وعشرين مليار. وهذا يستدعي ان تعاد تقديرات التخصيصات لهذه النفقات وتخفض بمقدار هذا الفرق والذي يمكن ان يساهم في تخفيف مقدار العجز وتداعياته. هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى يمكن ان نطرح سؤالاً بريئاً براءة الذئب من دم يوسف: هل الوزارات قادرة على صرف التخصيصات المبالغ في زيادتها وهذا الفائض المتراكم لهذه الفترة خلال ما تبقى من السنة؟ ام انها ستعمل على هدرها وفتح ابواب لا حصر لها من الفساد للاستحواذ عليها ...؟

عرض مقالات: