اخر الاخبار

أعلن قبل ايام عن إكمال مجلس النواب العراقي التصويت على مشروع قانون الضمان الاجتماعي والتقاعد للعمال (110 مادة ب60 صفحة)، ويشمل القانون القطاعات الثلاثة (المختلط والتعاوني والخاص). وجاء تعديل هذا القانون بعد مرور 52 عاما على القانون السابق. ويذكر رئيس اللجنة النيابية حسين عرب بأن لجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية عملت على تنظيم ودراسة قانون الضمان الاجتماعي والتقاعد للعمال بالتعاون مع الاتحاد والنقابات ومنظمة العمل الدولية) وقد رحبت منسقة العمل الدولية السيدة مها قطاع بالقانون الجديد بالقول إن (فيه منافع كثيرة للعاطلين عن العمل وللنساء الحوامل والذي يؤدي إلى تحسين الحالة الصحية، وتضيف نتطلع إلى تعزيز التعاون مع جميع الاطراف المعنية لضمان تنفيذ القانون الذي سوف يشمل الملايين في القطاع الخاص تحت مظلة الضمان الاجتماعي). “. ومما جاء في الاسباب الموجبة لإصدار هذا القانون: (المبادئ التي نص عليها الدستور، واستجابة لتطورات المرحلة الحالية، ومواجهة الأزمات الاجتماعية وتماشيا مع دعوة منظمة العمل الدولية بتوسيع قاعدة الحماية الاجتماعية، ولشمول فئات أوسع من شرائح المجتمع العراقي بالضمان الاجتماعي للعمال). علما انه ورغم تأخر القانون حوالي نصف قرن عن القانون السابق رقم 39 لسنة 1971 إلا أننا نعتقد أنه يمثل خطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح في رفع المستوى المعيشي للعمال والكادحين في بلادنا.

هذا إضافة إلى أن القانون المذكور ليس من السهل العمل به حيث يحتاج إلى فترة غير قليلة ليتم الشروع في تطبيقه ويرتبط ذلك بجملة من الأمور من بينها:

*الجانب السياسي -اي ارادة الحكومة العراقية ومتابعتها لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في تنفيذ هذا القانون.

* الجانب الاقتصادي- وهو توفير المبالغ اللازمة لمساهمة الحكومة في صندوق الضمان.

* الجانب الأمني- وهو توفير البيئة المناسبة لجلب الاستثمار وتسهيل عمله، وإبعاد القوى الخارجة عن القانون عن محاولة الضغط والمساومة للحصول على مبالغ معينة. إن أي قانون بدون تطبيق يبقى حبرا على ورق، إضافة إلى أن تفسيرات مواد القانون بين النقابات وصاحب العمل تعد مشكلة بذاتها اذ لم توضع شروط لتنفيذ مواده. وممكن وضع بعض النقاط الأساسية في التعامل مع اصحاب الشركات والمصانع والقطاعات الصغيرة، من خلال التالي:

- على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبالتنسيق مع الاتحادات النقابية واتحاد الصناعات فتح أكثر من فرع من الدوائر لتسجيل العاملين والشركات والمعامل التابعة للقطاعات المذكورة.

- تسجيل كل هذه القطاعات في اتحاد الصناعات وفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وتفاصيلها، اسم المصنع او الشركة وعدد العاملين واسمائهم ونوعية الانتاج والعنوان.. الخ.

- توفير الكادر المهني في دوائر الضمان الاجتماعي لاستيعاب العدد الكبير من العاملين والذين من الممكن ان يتجاوز مليون ونصف إلى مليونين شخص.

- توجيه التعليمات الخاصة لهذه الشركات والقطاعات الأهلية بتفاصيل هذا القانون والعمل على تطبيقه.

- يحتاج القانون إلى قاعدة بيانات خاصة بالعمال في جميع هذه الشركات من المنتسبين لدائرة الضمان الاجتماعي، من خلال تسجيلهم وحصولهم على هوية خاصة ورقم وظيفي.

- تشكيل فرق تفتيشية للمعامل والمشاريع والقطاعات الاخرى من أجل متابعة تواجد العمال والاطلاع على ظروفهم.

- فتح دورات تأهيلية للعاطلين عن العمل في المجال الصناعي والتجاري والاتمتة وكل المجالات التي تستطيع دوائر وزارة العمل متابعتها.

- ومن أجل زيادة الثقة بين العمال وأصحاب العمل يحتاج الأمر إلى تحرير عقد عمل مع المنتسبين من العمال ويتضمن مدة العقد والراتب ونوعية العمل.. وغير ذلك.

- ويشمل أيضا الاصابات داخل العمل وكيفية التعويض في حالة الشلل وقطع اليد او الإصابة المؤدية إلى العاهات، لأن الضمان الاجتماعي يتضمن التعويض عن أخطار العمل. وفي نفس السياق للحيلولة دون هضم حقوق العامل من خلال اجباره على راتب معين يدون في العقد (على الورق)، في حين يحصل على راتب غير مدون في العقد، لكيلا يدفع رب العمل النسبة المحددة إلى دائرة الضمان، مما يؤثر على حقوق العامل مستقبلا.

- الشروع بإقامة بالدورات التأهيلية وشرح قانون العمل إلى العمال والمنتسبين وكذلك من خلال وسائل الاتصال المرئية والمسموعة للتثقيف بالقانون الجديد.

- إن أهم شيئ في القانون هو مساعدة أبناء الطبقة العاملة على العيش الكريم عبر رفع مستواهم الاقتصادي- وذلك في توفير الرعاية الاجتماعية والعمل على تعويض كبار السن –الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة، وتعويض العمال عن التعطيلات الاجبارية (الكوارث، الزلزال او الفيضان. الخ)، والبطالة.

ايجابيات القانون

- أول قانون ينظم عمل القطاع الخاص بتفاصيل تساعد العمال على رفع مستواهم المعاشي في اشتراك الحكومة ورب العمل والعامل في توفير الضمان للعامل من خلال الدفوعات الشهرية إلى صندوق الضمان الاجتماعي، الذي يلبي جزءا كبيرا من حقوقه.

- تسجيل العاملين في القطاعات المختلفة (الخاص والمختلط والتعاوني) في دوائر وزارة العمل من خلال اشتراكهم وتسجيلهم في دوائر الضمان الاجتماعي واستلامهم لهوية الضمان برقم وتاريخ محددين اضافة إلى الصفة الوظيفية والعنوان.

- سيحصل المرضى والذين يصابون بالعجز على ضمان اجتماعي وتقاعد لا يقل عن 350 ألف دينار كحد أدنى.

- إلزام المعامل والمصانع الأهلية والشركات بتطبيق القانون مما سيؤدي إلى التقليل من البطالة بنسبة جيدة.

- استقطاع نسبة 5 في المائة من العامل و12 في المائة من صاحب العمل ومن الحكومة 8 في المائة.

- استثمار أموال الضمان في مشاريع مربحة (عقارات- قطاع انتاجي.. الخ) يساعد على ديمومة أموال الضمان.

- ربط العامل الاجنبي بالضمان الاجتماعي في حالة عدم تسجيله في بلده.

- هناك امتيازات جيدة يعكسها القانون عند تطبيقه، منها شراء خدمة للعمال الذين ليس لديهم مدة خدمة تؤهلهم للتقاعد، من خلال دفع استحقاقات الضمان الاجتماعي للمدة المطلوبة وهي 5 سنوات، كما ان هذا القانون سيستفيد منه العامل المضمون وعائلته، كما يضمن انتقال الراتب التقاعدي إلى الورثة عند الوفاة. وكذلك حصول المرأة العاملة على اجازة عند الحمل قبل وبعد الولادة براتب تام.

- من حق اي مواطن ان يضمن نفسه اختياريا.

اما من ناحية الحكومة فيقع عليها العديد من المهام التي تتيح التطبيق الجيد للقانون ومنها:

- تسهيل عمل المستثمرين وتجاوز الروتين في انهاء معاملات الاستثمار والتعامل وفق القانون.

- توفير البيئة الاَمنة للمستثمر واصحاب المعامل وان لا نكون طاردين لهم من خلال التهديد والحصول على مبالغ معينة من قبل المسلحين والخارجين عن القانون.

- على الحكومة دعم المنتوج المحلي بأي شكل كان على ان يرتبط باتفاقات مع وزارة التجارة، لأن الاستيراد سيؤثر على المنتوج المحلي الوطني وبالتالي على المستثمر صاحب المصنع او الشركة.

- السيطرة على المنافذ الحدودية، ومنع دخول المواد التي تنتج محليا.

- تقليل رسوم الاستيراد.

دور مؤسسة الضمان الاجتماعي

- في حالة أن ارباب العمل لا يتعاملون بالقانون بشكل صحيح على وزارة العمل ان لا تجدد اجازة العمل السنوية اضافة إلى خضوعهم لمحاكم العمل المختصة.

- وجود لجان تفتيش ومراقبة تابعة للهيئة وان تقوم بزيارات ميدانية إلى الشركات والمعامل في القطاع الخاص.

- التعاون مع اللجان النقابية العاملة في تلك الشركات.

العوامل السلبية

من الطبيعي جدا ان تكون هناك عوامل تعيق من تطبيق هذا القانون وكيفية ايجاد العوامل المساعدة لتجاوز هذه السلبيات. ومن بين ذلك:

- ضعف ثقة المواطن بهذا القانون إذا لم تتوفر قوانين رادعة لأصحاب العمل والشركات.

- ليس من الصحيح زيادة عمر المتقاعد من 60 إلى 63 للرجل ومن 55 عاما إلى 58 للمرأة. لا ضرورة لتغير هذه الفقرة حيث تشير الفقرة 65 من قانون الضمان الاجتماعي رقم 39 لسنة 1971 إلى ذلك: (أ-إذا أكمل الرجل الستين من العمر او إذا اكملت المرأة الخامسة والخمسين من العمر، وكانت لاي منهما عشرون سنة خدمة مضمونة على الاقل).

- نسبة الاستقطاع البالغة 5 في المائة كبيرة وتحتاج إلى ان تقلل إلى نسبة 3 في المائة من اجل زيادة المنتسبين لهيئة الضمان الاجتماعي.

- ثمة ضرورة إلى معرفة الهيئة التي تسيطر على المبالغ المودعة لصندوق الضمان الاجتماعي والتقاعد، والتخوف من التلاعب بتلك المبالغ بطرق غير مشروعة. كما ان تحول الدائرة إلى التمويل الذاتي سيكون له تأثير كبير عندما لا يساعد هذا للتمويل في انجاز تلك المهام.

- في الضمان الصحي - كيف يتم التعامل مع المادة الثامنة والاربعين التي تقول (تشرع المؤسسة بوضع منهاج خاص لإنشاء مستشفيات للتوليد وأمراض النساء والاطفال تغطي جميع احتياجات الطبقة العاملة في العراق). والسؤال هل تستطيع المؤسسة بناء دوائر صحية خاصة تعتمدها للحصول على العلاجات والادوية وغير ذلك؟

- دفع الاشتراكات في ظل الدوائر المزدحمة والروتين وروح التعالي من الموظفين تشكل صعوبات للعاملين الذين ينوون الاشتراك في الضمان الاجتماعي.

- كيف يتم التعامل مع المتقاعد وفق متغيرات العملة العراقية وهبوطها وكذلك التضخم الذي يحصل.

معوقات اخرى

في المشاريع الصغيرة (معمل تريكو مثلا) او خياطة يحتاج إلى كهرباء، كيف يتم ذلك والبلد غير قادر على توفيرها للمواطن، وهذه تعتبر من المعضلات الكبيرة، ولا يمكن ان يتم حلها آنيا. (هل يعتمدون على المحولات).

- في العمل غير المنظم كيف يتم التعامل مع سائق التاكسي الذي يحصل على 750 ألف في الشهر وعطلات سيارته مستمرة (هل يتم جلب وصل تصليح مثلا؟). وكيف يتم التعامل معه خلال المرض المفاجئ؟

-إذا كان التعيين في القطاع العام يتم بالواسطات والعلاقات المختلفة، فكيف سيتم التعامل في القطاع الخاص والذي يرتبط بالعائلة والاقرباء والمعارف وغير ذلك؟

- ثمة حاجة إلى فتح فروع للتعيين، مكاتب تشغيل العمال وتسجيلهم في هذه المكاتب على ضوء مهاراتهم واختصاصاتهم.

- ضرورة استعمال الحاسبات الالكترونية في تسجيل العاملين، اضافة إلى ان يكون الدفع عبر حسابات خاصة مؤمنة.

ملاحظات عامة

كان من الضروري ان تهتم الحكومة بالمصانع والمعامل في القطاع العام وتجديدها وفق المتغيرات السريعة في الاتمتة والتكنلوجيا وتطويرها بما يتناسب مع زيادة الانتاج وتطوير فلسفة اداراتها في العمل، إلا انه ومع الاسف ان البعض في الحكومات المتعاقبة لا تميل إلى اعادة بناء المعامل والمصانع التابعة للقطاع الحكومي بالشكل المطلوب، مما ادى إلى غلق الكثير منها.

هذا اضافة إلى رفض خصخصة القطاع العام والخدمات العامة والوقوف بوجه آليات السوق المنفلتة وإضعاف الانشطة الانتاجية الوطنية. إن الظروف الحالية تتطلب مساعدة القطاع الخاص للقطاع العام وبتخطيط من الوزارات المعنية. فالقطاع الخاص يعد ظهيرا ساندا للقطاع العام والذي يشير إلى ان عدد العاملين في القطاع الخاص حوالي خمسة ملايين عامل وشغيل.

- إن فوضى اقتصاد السوق ستؤدي إلى الضرر بالظروف المعيشية للعمال والكادحين وعموم الفقراء.

- يبقى دور الاتحادات النقابية في مسار التنمية الاقتصادية مهما من خلال مشاركتها في مركز القرار وفي المتابعة والتفتيش وغير ذلك.

- فتح المجال للعمل النقابي ان يأخذ دوره في هذه القطاعات في التوعية والتنظيم والممارسة الديمقراطية والدفاع عن قضايا العمال وفق القانون الآنف الذكر.

واخيراً، ان هذا القانون، خطوة جيدة في تنظيم العمل في القطاع الخاص ويضمن للعمال حياة كريمة أمنة ونحتاج إلى التطبيق الذي نعتقد ان هناك الكثير من الصعوبات، الموضوعية والذاتية ستقف أمام تنفيذه، ان طموحاتنا كبيرة في ايجاد السبل الكفيلة في تجاوز هذه الصعاب. ويبقى الفضل للتاريخ النضالي للطبقة العاملة العراقية وقواها الوطنية والنقابية خلال السنوات الماضية من خلال إرساء الأسس السليمة في ايجاد القوانين المناسبة لتلبية حاجات العامل والكادح والتقليل من الفجوة الكبيرة بين الاغنياء والفقراء واعادة الحياة الطبيعية للمجتمع العراقي ومن أجل الحفاظ على كرامة الانسان العراقي.

عرض مقالات: