اخر الاخبار

حكايات شعبية كثيرة عن شناشيل الشيوعية في لواء البصرة.. بعضها كان مصنوعاً او مقدراً لها ان تكون مصنوعة من أجل الناس الموجودين بمدنها وقراها.. كما ان بعض الحكايات مثّلتْ خطورةً كبيرةً على جماهيرها وعلى مًنْ أضاء منظماتها، كذا ان بعض الحكايات صنعت احداثاً جعلتْ البصرة مدينة يرثى لها. كذلك فيها حكايات شناشيلية بثت راداراتها اخباراً عن احتمالات تطور الكون وان بيتنا في طفولتي لم يكن متحركاً. بل علمت ان الأرض في جميع العبادات الدينية هي ثابتة وان الشمس هي المتحركة وليس الكرة الأرضية، وذلك بعد انتحار جاليليو احتجاجا على كل هرطقة واثم بهذا الصدد.  والمدينة في المستقبل تتطور وتتغير بسرعة الصوت أو الضوء، مثلما احتمال تطورها خلال آلاف السنوات في بلاد ما بين النهرين، التي نجد فيها صعوبة تصديق ما يقال ان ارضها المتماسكة ذات عمر طويل - إذا ما اغفلنا ما قيل ويقال في الكتب الدينية المقدسة - التي يتعامل بها المتدينون مثل (الكتاب المقدس) و (القرآن الكريم) كإشارات تاريخية واخلاقية وادبيات لم تمضٍ عليها أزمان الحرفية الشديدة في العالم القديم، في عالم الجاهلية وبعد ظهور الدين الإسلامي.

لقد اكتشف جاليليو اكتشافين عظيمين بتلسكوبه المتواضع الاكتشاف الأول: ان كوكب المشتري يمتلك حاشية ضعيفة من الأقمار، التي تدور حوله وثانياً، ان اقماره الداخلية تدور في مدارات بدرجة أسرع من دوران اقماره الخارجية في مداراتها.. كما كان كوبرنيكوس قد تأكد بالنسبة لحركة بعض الكواكب الأخرى الدائرة التي حول الشمس، أيضاً. لقد علمنا جاليليو ان بإمكان الإنسان ان يستنطق الطبيعة للاطلاع على جميع ملاحظات الانسان عنها وعن تجاربها وعن جميع حقائقها، أي عن حركة الشمس وعن دوران الأرض حول نفسها.

ثم برهن اسحق نيوتن بعد ذلك نظريته الخاصة عن (الجاذبية) حيث تأكد وقوع الشمس في مركز المنظومة الشمسية، وعندها تآكلت فكرة (مركزية الأرض). انه انتصار كبير للإنسانية على جميع اللاهوتيين الذين يعتبرون دينهم معصوما عن الخطأ.                

تقديم

ها هي بعض صفحات ذكرياتي أقدمها للجيل الشيوعي الشاب، ولقراء تاريخ العراق من أبناء الجيل الشيوعي الجديد، وهو الجيل الشيوعي الثاني في الحزب الشيوعي العراقي.  ذكريات عن الأعمدة الشيوعية المتجسدة في بعض القياديين الشيوعيين الشبيهة بالكواكب السيارة و الشبيه بعضها الآخر بالنجوم او من الذين شكلوا شيئا ما متحركا على الأرض او عن بعض قصص وحكايات سمعت احداثها  في لواء البصرة من تلك الصفحات ، التي عشتُها او قرأتُ عنها او ترجيتُ الاستمتاع بسماعها من رفاقي الآخرين وهم كانوا و ما زالوا مرفوعي الرؤوس لأنهم قضوا شبابهم و اجمل سنوات عمرهم او جزء منها، محاولين اجتذاب روح الشعب و خدمة أهدافه و تنوير جميع اصحاب الملامح الانسانية الصافية، الفعالة، بهدف تحقيق تحريره من حيرته في العيش المغلق و من ارتباكه في العمل الشيوعي، المتكرر، والجديد النوع،  رغم الآلام العنيفة، المتكررة على مر الأيام، التي جابهوا صعوباتها خلال مسيرة الحزب الشيوعي و هو يشق طريقاً ضيقاً، في الليل و طريقاً واسعاً في  النهار، من اجل ان يكون حزب الشيوعيين العراقيين  راعياً لأماني الشعب بمستوى عالٍ خالٍ من الصدمات السياسية في زحام مسيرة نضالية طويلة مائلة بدوامة الاعتقال و الإعدام و الاغتيال . لست من القادرين على القول او عن نقل اقوال أخرى بان الشيوعيين يمتلكون الثقة والبصيرة والقدرة في تدبير امورهم وتطويرها، ذاتياً، بمعرفةٍ ذاتيةٍ وبأحكامٍ خصوصيةً تؤهلهم لمواصلة النضال اليومي في الساحات المبعثرة في المدن الصغيرة والكبيرة والمتوسطة في حجومها، كما هو حال ساحة التحرير في بغداد وساحة البحرية في البصرة وساحة الحبوبي في الناصرية وغيرها من الساحات.

خلاصة القول بهذه المقدمة الضرورية انني وجدتُ اغلب أصدقائي  الشيوعيين او رفاقي من أعضاء الحزب او رفاقي في اللجان الأخرى داخل خلايا الحزب  الشيوعي، خلال سبعين عاماً من سنوات عمري الشيوعي، كنت فيها انساناً، منتمياً و مراقباً،   إنساناً  منتمياً  الى صفوف الحزب الشيوعي، المخلوق الجديد النوع، متميزاً بتحدي كل التيارات و العواصف في وديان السياسة بأشياء مبهجة، مثل ابتهاجات العمل الأنصاري في كردستان العراق  و نتائجها في التطبيقات العملية و صنوفها الجديدة في العمل الثوري و العلاقات بين رفاق  الفيزياء الشيوعية المنتجة و ما توفر عنها من طاقات نضالية عظيمة ترتب عنها خلق شيوعي جديد ظل، حتى الآن،  بؤرة قادرة على كشف و اكتشاف المسافات النضالية المتناسبة مع بعضها، في التركيز المتعلق بالجاذبية الجماهيرية بكردستان العراق. كما ان الشيوعي، رجلاً كان او امرأة، هو القادر على عبور جميع الأنهار والبحيرات وكل انواع متاعب الحياة والدنيا.. كما برهنت (تجارب الأنصاريين) وجميع تضحيات الشيوعيين على ذلك.

في رحلة المهمات الشيوعية الصعبة، التي استطاعت الكيمياء العضوية بداخلها ان ترسم في عيون الخلية الشيوعية مستقبلاً ممكنا في بناء مجتمع خالٍ من استغلال الانسان لأخيه الانسان عندما تصبح البشرية مستعدة، مرة أخرى، لإشادة بناءٍ صحيحٍ في صنع الكون الاشتراكي الى جانب عوالم عديدة قد تصبح ناجحة في خدمة الإنسانية ببداية تكونها الاولي.  

انني استشعر، في الصفحات التالية، مواكب تنظيمات شيوعية (خلايا ولجان) كنتُ فيها وخلالها، عضواً او منظماً او قيادياً، صائحاً في بعض الفعاليات بأعلى أصوات الحرية في شوارع، البصرة، المدينة الطيبة وكنت حراً، صريحاً، في ساعات اجتماعاتي حولها. كانت أنفاسي السحرية، بالحالتين، مكبوتةً بالقمع البوليسي العراقي وبسجونهم المظلمة، عدا فترات قليلة تصاعدت فيها انفاس الحرية والديمقراطية بعيد قيام ثورة ١٤ تموز عام ١٩٥٨، بالرغم من ان اساليبها لم تكن متكاملة إذا لم أقل ان نصفها كان شكلياً ونصفها الآخر كان بالياً. كان قد تصاعد حب الحرية للمرة الصادقة الأولى بعد سماع البيان الاول لثورة تموز لأنه احتوى كلاماً قليلاً، لكن بنغمةٍ عذبةٍ، هدفها انتزاع الغمة الرهيبة الجاثمة فوق صدور الشعب العراقي. هي نفس النغمة المتكررة، سراً، بصدور أعضاء الأحزاب الوطنية والجمعيات المدنية والمنظمات الاجتماعية.

مع الأسف،  سرعان ما خابت آمال الشيوعيين و اكثرية المواطنين، إذ لم تمضِ ساعات او ايام او أسابيع على قيام الثورة، حتى صارت بأفعال بعثية – ناصرية سلسلة سريعة من خلاصات تطبيقات عجائبية – حيوانية كأنها خارجة تواً من حديقة الحيوان القومية المسوقة من خارج البلاد العراقية الى داخلها: ما مما أدى الى كارثة مهلكة غير محتملة تزايدت احتمالاتها يوما فيوم و تراكمت صدامات نيازكها الضخمة  مع   تصارع قبضتين رئيسيتين، قويتين،  من داخل هيئة قيادة الثورة، القوة الأولى كانت متجسدة بتنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق و القوة الثانية تجسدت في التنظيمات  القومية – الناصرية و هي متعددة و متنوعة الأهداف، كانت هاتان  القوتان قد  مهّدتا لتدمير الثورة و الثوريين الحقيقيين لتظل الثورة مجرد إحساس في اعماق المواطنين و منهم الشيوعيون. كما اهتمت بتعذيب الثورة بالمثير من الاختلاف والانقسام المتجاوبَ صداهما، الاول والرئيسي، في داخل المجتمع العراقي وحول الحزب الشيوعي بالذات. شاع الثناء على الشيوعيين، اول الامر، ثم أشاعت القوى المناوئة للشيوعية الجزع من جميع سياسة الحزب الشيوعي، حتى صارت ( الشيوعية) في الوطن العراقي محنة كبيرة لا يؤمل من ورائها غير الموت او السجن، خاصة بعد حالاتٍ انفصلَ فيها كيان الحزب الشيوعي العراقي عن غلالة دمه الحقيقي، أراد اعداؤه أن يرتبك نبضه على ساحل النضال اليومي الصعب ، ظناً منهم أنهم قادرون على اجتذاب الحزب الشيوعي الى ممرات خالية من الضياء الماركسي، أو انهم أرادوا أعاقة انتاجه،   هنا و هناك، في حصاده السياسي و التنظيمي، حين اقبل الزبد الحالك السواد من انقلاب 8 شباط 1963 حيث تجسدت بطولة الصمود الشيوعي العظمى في (قصر النهاية) بتويجات التضحية النموذجية،  المقدمة من سلام عادل و محمد صالح العبلي  و جمال الحيدري و عبد الجبار وهبي و غيرهم كثيرون لتكتمل بها، نموذجية صعود (فهد) و (حازم) و (صارم)  الى اعواد المشانق، عام 1949،  صائغين أرقى اشكال مضامين  الشعر الشيوعي المقاوم.  حتى ذهبت الحثالة  التعسة النابعة من مستنقعات الانقلاب الأسود في شباط 1963 الى زبالة  التاريخ حين عبّر سلام عادل و رفاقه عن نقاوة الورد الشيوعي و رائحته الفواحة خلال فرصة اللحظة الحرجة  المرتفعة بتضحية كواكب شيوعية أصبح تشكيلها الأساسي كوكباً سياراً،   في سماوات النضال الشعبي بكل مكان في العالم المتطلع الى واحد من مصادر النضال الوطني لتحريك نضال الأوطان السيارة نحو توليد الغلاف  الكثيف، لحماية التركيبات ذات الأسماء  المرتفعة، الان مع الزمان وستمنحها الشيوعية في العالم كله سلسلة متعددة الاشكال من توظيف تضحية الحياة من اجل شناشيل الشيوعية كي تظل مرتفعة ومتطورة  بتعاقبها المألوف من اجل ان يكون الكوكب الشيوعي و جميع ما بوسط الشناشيل الشيوعي المرتقي ببقائه الابدي و بتجاربه المعرفية.

منذ ذلك اليوم، حتى اليوم، أوغلت الشيوعية العراقية نموّها في قلوب الكثيرين من أبناء الشعب، لإنقاذ البذرة الوطنية، التي غرسها في مدينة البصرة والعراق، كله، اجدادٌ وأباءٌ عظماء، خرجوا من غمار الصراع الطبقي والاجتماعي، لينيروا دروب الشيوعيين، الملتزمين بوظيفة الدفاع عن حقوق الشعب وليكونوا فرسان الكفاح من أجل ان تتحقق أرواحهم، المرفوعة على راية، لا تهزها اية رياح مهما كان سوادها حالكاً، راية وطن حر وشعب سعيد، حتى لو غدا طريق الشيوعية العراقية ليس سهلاً. لقد سبر وطنيون عراقيون  بصورة مباشرة، ان مركز الشيوعية هو المناطق السكانية الفقيرة، أنها منظومة واعية تضم الواعين من الكرات الوطنية البلورية الثقافية الشفافة تشتمل على كواكب خاضعة لرادار  النور و التنوير من أمثال شاكر محمود و علي العضب و عائدة ياسين و هادي طعمة و فريال الاسدي و محمد جواد القريشي   وشاكر محمد الحيدر و عبد الهادي إبراهيم و جاسم محمد المطير و فيصل الحجاج و محمد خضير و محمود عبد الوهاب و عبد الحميد ناصر و محمد جواد طعمة و سميرة محمود و ناصر عبود و كاظم الحجاج  ونورية عباس  وقاسم حنون و بهاء مانع شياع و فؤاد سالم و عبد اللطيف الشواف و عبد الواحد عزيز و الدكتور فيصل السامر و عبد الله رشيد و كريم حسين و عباس الفياض و نصيف الحجاج .. كل هؤلاء وآلاف غيرهم ان حسموا امرهم اذ لم يظلوا متمسكين بالماضي بل أصبحوا قادرين على النظر الى المستقبل والوصول، بدقة مذهلة، الى الحركة البلورية الشيوعية العالمية الأقرب الينا بمعداتها وادواتها واصواتها الرنانة لتستبين طريق الشيوعية الصحيح التي سادت في حركتها الناجحة بأرض الفقراء والكادحين مندفعين، جميعا، الى طريق الشيوعية الدائر حول مركزية الفكر المعاصر، تماما كما فعل كوبرنيكوس وجاليلو بوضع الشمس في المركز بينما الكواكب بما فيها كوكب الأرض، يدور حولها. ان الشيوعية بالوقت الحالي هي في مركز الكون وكل الأفكار بما فيها الأفكار البورجوازية محصورة في مدارٍ خاص وهم يخشون ان يصبح الشيوعيون قادرين على الوصول الى بناء أنظمة سياسية – اجتماعية – اقتصادية  أخرى ليست مماثلة الى الاتحاد السوفييتي و لا تتوق الى امتيازات الفاسدين من أمثال القادة الشيوعيين الرومان  و لا يعودون الى التمسك بغباء قادة شيوعيين آخرين لفقدان منبتهم الأول  و عوالم أخرى باحثة فيها عن الحقيقة المجردة و ناظرة الى جميع الناس نظرة واحدة باعتبارهم بشرا سواء بسواء  وقادرة، من جديد، على تقرير و حسم نوع المنظومة الشيوعية الجدية، التي سيبنيها الشيوعيون الجدد.

استطاع كل هؤلاء من الذين أوردت أسماءهم وآلاف غيرهم ان ينجحوا في تحقيق ترديد عراقي بإشارات عن الفكر الماركسي الذي أطلقه كارل ماركس وفريدريك انجلز في مدينة صغيرة بمدينة البصرة بواسطة تابعين له ومطورين بعض جزئياته المماثلة لمعايير وعادات من سبقوهم او انهم يطبقون فعليا ثقافات مختلفة وعادات مألوفة ومختلفة لكن بتطبيقات من يعرف مركز العالم ومنظوره الفكري المتعدد الاشكال.

تظل عيون الشيوعي مشدودة خيوطها،  كلها، خلال مرحلة التطبيق إلى النور و الهواء،  وما بينهما او جنبهما، لأنه مشغولٌ بالأرضِ، و الوطنِ،  من أول انتمائه  تعلّم  أن يكون ، عاملاً مواصلاً  تدفق مساراته بصمت و بلا صمت، مؤمناً :  ان مبادئ الشيوعية وأقلها الماركسية،  حافلة بالنور و الهواء إلى الأبد و مترامية مع التاريخ الإنساني إلى الأبد لأنها تظل قادرة على ان تستبين بتلسكوب جاليليو لاستكشاف وجه الأرض بالضبط في مجرة درب التبانة، كما استكشاف طبيعة المجتمعات و دور الناس فيها على ضوء مداولات فلسفة ( تعدد العوالم) و (علماء الاجتماع ) الماركسيين فيها ، بدون خطأ، خاصة و يقال ان عمر الكون الذي نحن فيه يزيد على بعض مليارات من السنين .

عرض مقالات: