اخر الاخبار

يعتبر التنظيم من المسائل الأساسية في العمل الحزبي، ويشكل  البؤرة المركزية في الحياة الحزبية. وتتمثل  أهمية التنظيم في محورين أساسيين مرتبطين ببعضهما. يتعلق المحور الاول باستعداد الجسد الحزبي بكل منظماته وأعضاءه ومؤازريه في العمل النضالي اليومي المجتمعي لمواجهة العراقيل والعقبات التي تخلقها القوى المناهضة للتغيير، والتي تحول دون انجاز الحزب للمهام الوطنية والطبقية الملقاة على عاتقه ضمن قراءته للواقع وكفاحه من أجل تغيره. ويتعلق المحور الثاني بنضال الحزب لتأمين الحصانة الفكرية و السياسية لأعضائه ومنظماته، لمنع السيل الجارف للتشويه الاجتماعي الناجم عن العلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع، و التي هي نتاج العلاقات الرأسمالية والنزعات الطفيلية و الذاتية و الفردية الناشئة عنها، ومنع تسرب هذه القيم المشوهة الى الحياة الحزبية، لكونها تفضي الى نسف أسس العمل الحزبي و القيم النضالية، و تدمر قنوات العمل الحزبي بكافة اختصاصاته، و تكون المحصلة النهائية ابعاد الحزب عن أداء مهامه الاساسية و اشغال منظماته و أعضاءه بأمور ثانوية غير منتجة لا تمت بصلة الى جوهر العمل النضالي.

يتطلب العمل في هذين المحورين الاستمرارية في التربية والاعداد الحزبيين في نطاق العمل والنشاط وتبادل  الخبرات النضالية والاستفادة من الدروس النضالية واقامة الدورات لاعداد الكوادر في ضوء الاسس الماركسية للتنظيم الحزبي، والتأكيد على مبادئ المركزية الديمقراطية والعمل الجماعي وممارسة النقد والنقد الذاتي ونبذ البيروقراطية الحزبية وعقلية اصدار الاوامر، وتجاوز الخمول والكسل عند أداء المهام الحزبية.

ان النشاط العام في مجالات العمل الحزبي وتنظيم الآليات المتعلقة به، ورسم خطط التحرك وصياغة المهام الثورية للاحزاب الشيوعية والماركسية في عملية التغيير الاجتماعي، يتطلب البعد المعرفي المعتمد على الديمومة في النشاط والتوجه نحوالتنظيم والتعبئة الحزبية لتحريك الجماهير، وتجنب أطر العفوية والعمل الموسمي والنهج التجريبي والخطاب الغير منطقي المبني على الاثارة، والتي تؤدي في الأخير الى اجهاض التحرك الجماهيري.

ويتطلب هذا التوجه في العمل التنظيمي اتقان الربط الديالكتيكي بين النظرية والممارسة الحزبية، وتشخيص الربط العضوي بينهما في اطار قوانين الحركة في الفلسفة الماركسية، وبما يؤكد ضمان تطور طرفي المعادلة وفق قراءة الواقع وتحليله والعمل على تغيره، بعيدا عن الجمود العقائدي والمفاهيم والممارسات التي لم تتبناها الواقع وتجارب النضال.   

وعلى هذا الاساس تعتبر الماركسية بالنسبة الى حزبنا نظرية وممارسة تتسم بطابعها العلمي وصفتها الثورية، ومرشدا  لمسيرة نضالنا، لها قوانينها التي خبرتها نضال الكادحين من أجل التحرر ومكافحة شرور الرأسمالية، وترسم لنا أملاً بانتصار الكادحين وقضيتهم العادلة.

ان العمل التنظيمي للحزب ليس مسألة تكنيكية بمعزل عن الالتزام بالايديولوجيا والأسس الفكرية للحزب، ولذا فان من مهام منظماتنا الحزبية مواجهة حملات التشويه والتشهير والاساءة الى اسم الحزب وسمعته، وتلك الدعوات التي تشير الى نهاية الماركسية والفكر الاشتراكي. فتلك الدعايات وما تشنه أقطاب الفكر النيوليبرالي وتابعيه في مجتمعنا الكوردستاني تعبر عن ايديولوجية الرأسمالية المعاصرة بغرض التشكيك في الماركسية وايديولوجيتها، وتهدف في المطاف الأخير الى زعزعة القناعة ببرنامج الحزب وأهدافه عبر الدعوة الى النزعات ذات الطابع المحافظ في مجتمعنا، ودعم الخطاب السلفي ونشر الثقافة المعبرة عن الاشكال المتنوعة للفكر البرجوازي.

ان مواجهة الحملات الفكرية المعادية للماركسية تتطلب المعرفة العميقة والواضحة بالماركسية ومنطقها الجدلي، وهي مهمة أعضاء حزبنا ومنظماته، ومن خلاله يكون للفكر الماركسي والوعي الاشتراكي القدرة على صياغة العقل الفردي والجماعي للحزب، وتوجيه سلوك أعضاء الحزب ورفع مستوى حصانتهم في المجال السياسي والفكري وانعكاس ذلك في المجال التنظيمي.

ان العضوالحزبي يفقد هويته الثورية في حالتين. الأولى عندما لا يتفق ولا ينسجم أعماله وتصرفاته الشخصية وسلوكه اليومي مع القيم المتراكمة للفكر الماركسي وفيمه الاخلاقية، وتجارب الاحزاب الماركسية والشيوعية المستخلصة في هذا المجال.

والثاني عندما لا يتفق وعيه وتوجهه الفكري مع القيم المعرفية والوعي الماركسي.

ولذا لا بديل لدينا لضمان تلك الهوية الثورية، سوى التاكيد بأن الحفاظ على الهوية الثورية للحزب يتطلب بالضرورة التأكيد على مبدأ وحدة العمل الحزبي التي تستند على وحدة الارادة ووحدة الفكر، بالشكل الوارد في النظام الداخلي للمؤتمر السابع لحزبنا والذي عقد في نهاية عام 2022.

ان العمل اليومي للحزب والعلائق الحزبية بين الاعضاء وتعامل عضوالحزب مع الجماهير وفي مجال ايصال الخطاب الحزبي، يتطلب التعامل مع وحدة العمل (التي تعني وحدة التنظيم)، ووحدة الارادة والفكر في اطار دائرة واحدة، بعيدا عن الجمود العقائدي والقوالب الجاهزة، ويشكل هذا التوجه المسار الحقيقي نحوالتجديد والتحديث في مجال النظرية والممارسة واستنباط الحقيقة من الواقع، ويفضي بالتالي الى ايجاد اشكال جديدة للوصول الى جماهير واسعة، والمضي بخطوات حثيثة لتحقيق مهمتين مركزيتين مترابطتين. مهمة توطيد وترسيخ وحدة الحزب ومهمة تفعيل علاقة الحزب بالجماهير.

ويبقى تحقيق هاتين المهمتين في اطار تحديد المرحلة التاريخية لنضال حزبنا والتناقضات والصراعات السائدة في المجتمع ورسم مهام المرحلة وصياغة مشروعنا للتغيير الاجتماعي وتحديد الحامل الاجتماعي للتغيير، وايصال أداء عملنا الحزبي ومنظماته الفاعلة الى المستوى المناسب لاداء تلك المهام النضالية.

ولأداء تلك المهام النضالية نحتاج الى تنظيم من نمط جديد. تنظيم بعيد بشكل واضح عن نمط تنظيمات الاحزاب البرجوازية. وهذا يعني الابتعاد عن العفوية و الارداوية، والرغبة الذاتية والتخبط غير الممنهج والبقاء في دائرة الانغلاق ضمن العلاقات ذات الطابع المحلي والوقوع في دائرة حب الظهور، ونزعة افشاء خصوصيات الاجتماعات الحزبية وما يدور فيها، والاستخدام السيء لشبكات التواصل الاجتماعي وتشويه الحقائق والاحاديث التي لا تنم عن مسؤولية حزبية واعية. ان تلك الظواهر الشاذة المشارة لها لا تتفق مع ابجديات العمل التنظيمي غي حزب اختار طريق الاشتراكية.

ان تنظيماً من نمط جديد يحتاج الى ضبط حزبي واع، يستند في الممارسة الى التظام الداخلي للحزب، ولا بديل عن الضبط الحزبي لتوطيد العلاقة الجدلية بين الفكر والممارسة لتجنب الثرثرة والغرور والتردد. ان الضبط الحزبي تعبير عن الارادة الجماعية لاعضاء الحزب والاساس المبدئي للعلاقة الحزبية بين القادة والكوادر واعضاء الحزب والأساس الوطيد لعلاقة منظمات الحزب بالجماهير.

أتها الرفيقات، ايها الرفاق!

لقد حدد الحزب في التقرير السياسبي الصادر عن المؤتمر السابع للحزب المهام النضالية في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها مجتمعنا الكوردستاني. وقد اشرنا الى المهام الوطنية الكوردستانية والمهام الطبقية والمهام المتعلقة بالحريات الاساسية وحقوق الانسان بشكل عام. ولا تستكمل هذا المهام دون الكفاح من أجل العقلانية والتنوير والدفاع عن قيم الحداثة وحقوق النساء ومواجهة الهجمات الظلامية للسلفيين وحملة الفكر المحافظ ضد التمدن والمساواة الجندرية وحقوق النساء. ان تلك الهجمات تشكل انتهاكاً واضحاً للحريات الشخصية وحرية الافراد وتهديداً للحريات العامة في المجتمع، وهي تشكل نهجاً يسعى الى فرض نمط سلفي رجعي على المجتمع الكوردستاني، ولابد لمنظماتنا الحزبية أن تكون لها الحصانة الفكرية اللازمة والكافية لمواجهتها.

كما لا بد أن نشير بأن العقل الجماعي للحزب في اطار تقييم مرحلة النضال الحالي والتوجه لتوطيد علاقة حزبنا بالجماهير، يتطلب الانفتاح المبدئي لكافة منظمات حزبنا في التعامل والعلاقة التنظيمية وتلك المتعلقة بالجانب الاختصاصي مع القوى والشخصيات اليسارية الكوردستانية، والتنسيق مع القوى الديمقراطية والتقدمية العراقية، ونرى بأن توطيد العلاقة النضالية واستمرارية التنسيق والعمل المشترك مع الحزب الشيوعي العراقي، يمثل الاساس الوطيد لانجاح هذا التوجه.

ان العمل اليساري المشترك في كوردستان وتوسيعه جماهيرياً، تعبير عن الهوية الطبقية لحزبنا المعبر عن مصالح الطبقة العاملة والكادحين وشغيلة اليد والفكر والفلاحين والمهمشين، وبالأخص الفئات المهمشة من الشباب والنساء، ولابد أن نتعامل مع مفردات هذا النضال في سياق ايجاد أشكال مبدعة لتفعيل النشاط الجماهيري والنضال من أجل العدالة الاجتماعية والمساواتية.

ولا تستقيم هذه المهمة دون الالتفاتة الى وجهة توطيد منظمات الحزب وتفعيل نشاط أعضاءه في مجال منظمة البيشمركة القدامى والسجناء السياسيين وتوطيد الصلة مع عوائل الشهداء، وانتهاج سياسة الانفتاح والتفاعل والعمل ضمن نقابات العمال والمعلمين والمحامين ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات النسوية، وبالشكل الذي يكون باستطاعتنا أن نطرح برنامجا بديلاً عن برامج القوى الليبرالية سواء في السلطة أوالمعارضة والقوى السلفية وأحزاب الاسلام السياسي. ويتطلب هذا الامر التأكيد على برنامجنا وكوننا حزباً للمعارضة الديمقراطية اليسارية العلمانية، وانعكاس هذا التوجه في خطابنا السياسي.

أيتها الرفيقات المناضلات ، ايها الرفاق المناضلين!

ان المحطة الأخيرة في حديثي لكم، تتعلق بانتخابات اقليم كوردستان والمزمع عقده عام 2023. ان هذه القضية تستوجب تفعيل منطماتنا الحزبية وتنشيط عمل أعضاء الحزب في الاتصال بالجماهير لايصال موقف حزبنا وخطابنا السياسي واعتبار العمل البرلماني شكلاً مهماً من أشكال النضال، واعتبار تواجدنا في السلطة التشريعية محطة نوعية لنضالنا السياسي في الدفاع عن مصالح الجماهير ومن خلال ربط النضال البرلماني بالأشكال الاخرى للنضال الجماهيري. ولا بد أن نهتم في هذا المجال بالتنسيق والعمل المشترك مع القوى والشخصيات اليسارية الكوردستانية والعمل المشترك مع الحزب الشيوعي العراقي في المناطق الكوردستانية الواقعة خارج اطار ادارة اقليم كوردستان حالياً في انتخابات مجلس النواب العراقي وانتخابات مجالس المحافظات في تلك المناطق. 

وتتكامل هذه الوجهة مع استمرارية نضالنا عبر نشر الفكر اليساري والدفاع عن الحريات الديمقراطية والحفاظ على هيبة كوردستان ونضالنا الوطني الكوردستاني الذي يتطلب التوافق والدمج  بين كافة أشكال النضال المدني الديمقراطي السلمي.

وأخيرا فأن من واجبنا أن نتعامل بشكل ايجابي مع المداخلات والاملاحظات المقدمة حول التقارير المعدة للكونفرنس، وأن نستفيد من مجمل الملاحظات والانتقادات التي أبداها رفيقاتنا ورفاقنا حول تلك التقارير، والعمل على اغناءها، وعبر تضمين تلك الملاحظات بما يوافق وينسجم مع مقررات المؤتمر السابع لحزبنا الشيوعي الكوردستاني.

لتتكلل أعمال الكونفرنس بالنجاح!

عاش حزبنا الشيوعي الكوردستاني أميناً على مصلحة الشعب، ومدافعاً عن حقوقه وحرياته الاساسية.