اخر الاخبار

مع اقتراب الساعات الاخيرة لانتهاء عام 1979 واستقبال العام الذي يليه، انقض الاوباش القتلة المتعطشون للدم، على زهرة من زهور الوطن والحزب الشيوعي العراقي النقابية سناء السوداني. اربع واربعون عاما انقضت منذ تغيبيها من قبل النظام الدكتاتوري المباد وما زالت روحها تمدنا بالعزم والاصرار على مواصلة دربها والكفاح من اجل وطن حر وشعب سعيد.

المناضلة سناء السوداني من مواليد 1956 خريجة اعدادية الصناعة قسم الكهرباء، تدخل قلب كل من يتحدث معها لطيبتها ومعرفتها وثقافتها، وكيف لا وهي التي تربت في بيت سمته الوطنية وسيرة افراده النضالية حافلة بالكفاح والانسانية والاعتقالات والتعذيب، بيت علم ومعرفة هي حفيدة المناضل الشيوعي الشيخ حسين الساعدي وحفيدة الشاعر الشيخ كاظم السوداني وبنت المناضل الشيوعي عبد المحسن وخالتها المناضلة نجية الشيخ حسين الساعدي احدى مؤسسات رابطة المرأة العراقية.  انتمت الشهيدة سناء الى صفوف الحزب من خلال اتحاد الطلبة العام وهي في اعدادية الصناعة وبعد تخرجها وتعينيها في وزارة الزراعة انتمت الى اتحاد نقابات العمال، وخلال عملها النقابي في الوزارة تعرضت الى المطاردة والاستدعاء المستمر من قبل الامن، الا انها لم تهابهم بل كانت اكثر اصرارا على النضال والعمل النقابي وتحريض العمال وتثقيفهم للمطالبة بحقوقهم، وان لا يسكتوا عن سلب ارادتهم من قبل النظام الدكتاتوري البعثي، ولتحثهم على الانتماء للجان النقابية ممثلهم الشرعي، وشكلت لجنة نقابية نشطت من خلالها في الوقوف بجانب العمال العراقيين والعمال العرب والجنسيات الاخرى الذين كانوا يعملون معها، لم تكن حدود الدول الجغرافية حاجزا لها فهي مؤمنة بالاممية وشعار ياعمال العالم اتحدوا.

هذا النشاط ازعج الامن واخذوا يكنون لها العداء ووضعوها تحت المراقبة، حتى انها كانت بذكائها تستطيع الافلات من مراقبتهم، واذكر انها يوما كانت من المفترض ان تلتقي في دارنا مع اخي طيب الذكر النقابي ناهض الشيخ علي في منطقة المأمون (دور عمال النسيج) لعقد اجتماع معه والتداول حول امور اللجان النقابية، فكان يتبعها شخصان وادركت بفراستها انهم من رجالات الامن، وبحكم القرابة التي تربطنا اخبرت والدي بذلك وانا واقف بجانبهم، فقال والدي ساذهب لهم وابرحهم ضربا بحجة معاكستك، الا انها رفضت خوفا لاعتقال والدي من قبلهم، وقالت من الافضل ان يذهب عامر والمقصود انا وكنت حينها بعمر العاشرة مع اصدقائه وطردهم بحجة انهم غرباء عن الحي، وبالفعل جمعت اصدقائي في الحي وقمنا بطردهم وهم مذهولين ولا يستطيعون الرد علينا لصغرنا،

لم يقتصر نشاطها مع العمال فقط، بل كانت تعمل مع التنظيمات النسوية في رابطة المرأة ولها دور في تثقيف النساء وخاصة الشابات بعمرها بحقوقهن، وضرورة ثورتهن على الاعراف والتقاليد التي تجعل منهن مجرد سلعة، وهذا ماجعل الشابات بل حتى النساء كبيرات السن من الاقارب والمعارف التعلق بها وانتظارها في جلساتهن للاستماع الى احاديثها عن المرأة ودورها في التغيير. اما نحن الصغار كنا نعشقها ونحب حكاياتها المقرونة بحب الوطن والانسان، كانت تهدي لنا القصص واقلام التلوين لتحثنا على القراءة والرسم.

دعيت مرات عديدة للاستجواب من قبل المنظمة الحزبية في منطقة سكناها في حي الخضراء، وكذلك اعتقلت من قبل دوائر قوى الامن، الا انها لم تهابهم وكانت قوية، واثرت بعد اشتداد الملاحاقات والاعتقالات لاعضاء الحزب الشيوعي العراقي في بداية عام 1979، البقاء في الداخل رغم ضغوطات الاهل عليها للسفر خارج الوطن، الا ان القتلة لم يمهلونها كثيرا واعتقلت في نهاية العام لتغيب منذ ذلك التأريخ، ويمتزج جسدها الطاهر بتربة الوطن ولتصبح منارا للشعب

لم ينس رفاقها في الحزب وبالخصوص في المحلية العمالية من اطلاق اسم الشهيدة سناء السوداني على احدى خلاياها تخليدا لذكراها ونضالها وعملها النقابي.

المجد والخلود للشهيدة سناء ولشهداء الحزب الشيوعي العراقي.

سلاماً: حماةَ الغدِ الهادر ِ، مفاتيحَ مستقبلٍ زاهرِ

سلاماً: على المعدنِ النادرِ، تأبّى على عَصْرِةِ العاصرِ

سلاماً: على جاعلين الحتوفْ   جسرا الى الموكب العابر .....(شاعر العرب الكبير الجواهري)