منذ أواسط ستينات القرن الماضي أو قبلها بقليل صدر في العراق أول قانون للرعي وحماية المراعي الطبيعية المرقم ١٠٦ لسنة ١٩٦٥ الملغى وبعده جاء القانون ٢ لسنة ١٩٨٣ الساري المفعول. ومن الأسباب الموجبة لصدور هذه القوانين، ذكر أنها لمساعدة العشائر الرحالة على الاستقرار بواسطة زيادة انتاج العلف في المراعي الطبيعية وتشجيع ذلك في الأراضي الإروائية التي تكون مكملة لها وكذلك أن الإجراءات التي سيتخذها الوزير ستمكنه من إيجاد توازن جيد بين عدد الحيوانات وقابلية المراعي الطبيعية على الانتاج وبهدف الحصول على أكبر فائدة دائمة للأفراد.

وجرى  تحديد خط لهذه المراعي في بعض المناطق سمي بخط الرعي ومناطق الخط الكويتي وهذا في  بادية الأنبار والموصل والنجف والمثنى على أن لايجوز التجاوز عليه وابرام عقود زراعية لشركات أو  أفراد، إلا أنه ومع الأسف الشديد نرى في أكثر من محافظة مثل المثنى والأنبار تم ابرام عقود مع شركات لجهات متنفذة  وبمساحات واسعة تجاوز المليونين دونم في المثنى و مليونين ومثلها في بادية  في الأنبار وهذا ترك أثره السلبي  علي مربي الأغنام في هذه المناطق وحرمهم من التجول والرعي فيها ما دفعهم إلى الهجرة إلى دول الجوار أو الذهاب إلى المدن وبيع حيواناتهم بأبخس الاثمان .

وهنا يصبح من الطبيعي والحال هذه أن يقوموا بالاحتجاج على ذلك حيث أن تلك الإجراءات غير المدروسة أثرت على تربية الأغنام والمواشي في هذه المناطق والتي يبلغ تعدادها أكثر من مليوني رأس من الأغنام عدا الإبل التي بدأت اعدادها بالتناقص والانقراض وسبب ذلك انحسار المساحات الرعوية.

 إن على الحكومة ووزارة الزراعة الاهتمام بالثروة الحيوانية والمراعي  الطبيعية وتنمية الغطاء النباتي فيها كما ورد في القوانين، وأيضا يتوجب  عليها وقف هذه التجاوزات غير  القانونية على المراعي الطبيعية وتطبيق قانون الرعي وحماية المراعي الطبيعية والتعليمات والأحكام الصادرة بعدها، حيث ورد في المادة الثالثة / الفقرة الثانية من القانون رقم ٢ لسنة ١٩٨٣ ما يأتي : تعتبر جميع الأراضي الزراعية الديمية الواقعة جنوب الخط الحدي للمراعي المعين بموجب هذا القانون مخصصة لأغراض الرعي وتنمية الثروة الحيوانية ولايجوز استغلالها بالزراعة او استثمارها في غير هذا المجال إلا ما أستثني منها بمقتضى أحكام هذا القانون.

إن عموم الثروة الحيوانية في خطر محدق وأعدادها تتناقص يوما بعد يوم وهو ما يفاقم مشاكل توفير الأمن الغذائي في العراق ويعرض هذه الثروة إلى هزات كبيرة ويدفع بها إلى المزيد من السوء. مطلوب وبإلحاح سرعة الحركة لحماية المراعي الطبيعية وتطويرها وتوفير حماية للإبل والأغنام في هذه المناطق والحفاظ على طابعها الرعوي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مهندس زراعي استشاري