اخر الاخبار

ذات يوم من أيام عام 2008م والقتل في العراق في اشد حالاته حيث كانت خسائرنا البشرية البريئة جراء مخرجات المحاصصة الطائفية التي اجتاحت وطني العراق جسيمة جدا، وكنا نخشى الذهاب إلى بغداد لأن الطريق اليها يمر عبر مثلث الموت التي افترس الصديقين الشاعر أحمد آدم والصحفي نجم عبد خضير. وكانت كتابتنا تصل جريدة طريق الشعب مكتوبة على الورق بخط اليد وإيصالها أمر عسير. في هذا الوقت زارني القاص والناقد جاسم عاصي بعد فوزه بجائزة ناجي النعمان عن نصه الموسوم انزياح الحجاب ما بعد الغياب ليأخذ نسخته التي نشرت تحقيقا عنها واقترح علي أمرا مفاده:

- لم لا تحقق زيارة لقاص جميل يكتب القصة بتميز اسمه طامي هراطة عباس ويعمل في دائرة صحة كربلاء في مركز الامراض الانتقالية.

ولم اُّكذب خبراً حملتُ اوراقي وتوجهتُ صوبَ مكانِ عمله وكان لقاء بطعمَ العسلِ تم نشره في4 ك 2 2009م.

طامي من مدينة يقول عنها:

المحموديةٌ مدينةُ صغيرةَ كانتَ وما زالتْ متعلقة بأثداء بغداد هي طفلتها تلتصق بخاصرتها تلوذ بها ولم تكن يوما مثلثا للموت. لقد منعا من الدخول اليها في ذروة العمليات الإرهابية وطار اللقلق الذي كان يسحرنا ونحن صغار حين نمر عبر الشارع الوحيد وقد غادر عشه فوق خان السبيل.

وفي أمسية من أماسي نادي الكتاب الكربلائي وقد استّضفتُ الناشطةَ المدنية السيدة هناء أدور وكان طامي هراطة عباس أحد الحاضرين وقد رغب في تقديم مداخلة، وعند تقديمي له قفزت السيدة هناء من مكانها، وكأنها عثرت على ضالة لها من واحتضنته وسطَ اندهاش الحاضرين قائلة:

- هل يمكن ان أنسى التاريخ النضالي المشرف لهذا الابن الشيوعي البار ووالده وشقيقاته ابن العائلة الكريمة التي كانت توفر كل مستلزمات الاجتماعات الحزبية السرية في المحمودية، إنه ابن سليل ثقافة يسارية رصينة.

إن كتابات القاص طامي هراطة تتناول مكابدات الانسان العراقي بمختلف مستوياته الفكرية والاجتماعية ضمن زمن سرى لأكثر من ثلاثة عقود. وقد قدم أولى اعماله إلى وزارة الثقافة والاعلام عام 1982 م لتواجه الرفض في الوقت الذي نشرت له مجلة الفكر الجديد قصته الأولى عام 1974 م التي عنوانها خيول فولاذية.

في عام 1984م توقف عن الكتابة ولم يعد اليها الا بعد التغيير عام 2003م وقد أصدرت له وزارة الثقافة مجموعته القصيصة الأولى حاضن الأسئلة، تبعها في العام 2010م الأشياء الناقصة عن دار الينابيع / دمشق، اما المجموعة الثالثة عن دار تموز حملت دورة السبات عام 2011 م، اما في مجال كتابة الروائية فقد انجز روايتين سرير في مومباي عام 2015 وصهر البابا عام 2020م.

عن السرد له وجهة نظر مفادها يتعدد صنوفه.. بالغ التعقيد وأحيانا التفاصيل تصيب النص بالترهل وتشتيت تركيز القارئ وهناك من يحاول تطويع الفلسفة في عمل روائي او قصصي دون مواجهة مخاطر التحول إلى عمل فلسفي باهت. الجدير بالذكر ان عددا من الأساتذة النقاد تناولوا كتابات طامي وقد عبروا عن اعجابهم على قدرته على تركيز الحدث والاقناع منهم الدكتور علي حسين يوسف والأستاذ جاسم عاصي إضافة إلى الناقد شاكر ازريج والشاعر بولس آدم.

عرض مقالات: