جاءت ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا في السابع من أكتوبر (تشرين الثاني) ١٩١٧ لتبشر العالم وشغيلته وكل المحرومين بإمكانية زوال الظلم والاضطهاد والاستغلال، فكانت شرارتها تمثل بالنسبة للشعوب المستعمرة ومنها شعبنا في العراق، منارا في طريق الكفاح الدامي من أجل التحرر والاستقلال والتقدم.

كانت ثورة أكتوبر وتجربة البناء الاشتراكي امتدادا لذلك المسعى الإنساني النبيل المستند لنظرية علمية تقوم على احدث وأرقى معارف الإنسان في شتى الميادين. تلك الثورة التي فتحت أمام الكادحين وكل الشعوب المظلومة طريق الخلاص من الاستعمار والاستبداد والظلم الاجتماعي، وتحرير الإنسان الشغيل من عبودية العمل المأجور ومن قيود الاستغلال الطبقي، وتحرير الجماهير من ظلمات القرون السالفة لتصبح الثقافة والفن والأدب، وكل منجزات العلوم ملكا لأبناء الشعب البسطاء، وجعل حياتهم ومستقبلهم أكثر اشراقا.

لأول مرة في التاريخ جعلت هذه الثورة من دولة كبرى كانت هي نفسها سجنا للشعوب وجلادا للحركات التحررية، أعظم نصير لكفاح الشعوب في سبيل الحرية والاستقلال والتقدم وحصنا للسلام العالمي.

نحن في الذكرى الخامسة بعد المئة لثورة أكتوبر نستمهل الزمن لحظات نقف فيها اجلالا وتحية لهذه الذكرى، ذكرى الثورة التي فضحت اتفاقية سايكس بيكو لاقتسام البلدان، وفككت النظام الكولنيالي ثم انشأت نظام القطبية الثنائية الذي شل أيدي الضواري الاستعمارية ومنعها من مواصلة تنفيذ مشاريعها ومخططاتها لتدمير كفاح شعوب البلدان النامية وتطلعاتها من أجل السلم والحرية والتقدم الاجتماعي. وحل القضية القومية لشعوب روسيا على أساس حق تقرير المصير والتكافؤ في الحقوق في ما بين الشعوب. والحرب الروسية _الاوكرانية اليوم، اضافة لعوامل اخرى هي واحدة من نتائج غياب ذلك الموقف المبدأي الذي تبنته ثورة أكتوبر. ومن منجزات الثورة ايضا هو الحاق الهزيمة بالفاشية الهتلرية.

رغم ما بذلته الدول الاستعمارية والرأسمالية عموما لوأد هذا الوليد ، ورغم ما ابتكرته من وسائل واساليب لمكافحة الشيوعية ، رغم كل ذلك وجدت افكار أكتوبر صدى لها عند الشعوب المضطهدة ، ورغم ما حصل من انهيار وتفتت الاتحاد السوفيتي ، وهو مهد ثورة أكتوبر ، ومحاولات الدوائر الرأسمالية في بث روح الإحباط في جدوى النضال من أجل تحسين ظروف العمل للشغيلة والكادحين واستحصال الحقوق المهضومة للشعوب ، تبقى مبادئ أكتوبر تنير درب الشعوب والمحرومين لمواصلة كفاحها وهي تتلمس طرقا وأساليب جديدة للنضال والسعي لتحسين شروط الحياة وظروف العمل ونيل الحرية بعيدا عن أفكار التطرف والعنف خاصة في ظل أنظمة حكم الرأسمالية المتوحشة.

وفي العراق حيث التحديات الجمة، نواصل العمل والنضال من أجل العراق الجديد الذي يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تسودها العدالة الاجتماعية، مستلهمين من افكار أكتوبر وواقعنا الملموس الدروس والعبر.

عرض مقالات: