اخر الاخبار

ليس كابوسا حين ينام العراقي أو يستيقظ يجد أطفال المدارس يفترشون الأرض في بيوت طينية أو مدارس آيلة للسقوط، وأن الأدوية التي يحصلها عليها من الصيدليات أكثرها مغشوش أو منتهي الصلاحية، والمستشفيات طاردة للروح، وأن الماء أو الكهرباء في خبر كان محذوف وتقديره الفساد المستشري، وأن التصحر والجفاف يأكل المساحات الخضراء ويطرد المزارعين، وتكون المصانع مشاريع غبار التضليل، والأتربة والمزابل ضيفا دائما على البيوت والبشر، و(خنجر غسل العار)  يلاحق النساء، ولازال يعد أحلام يقظة الإهتمام بالجامعات والمسارح ودور العرض والمكتبات العامة والمبدعين، وسرقة المال العام أصبحت أفلاما مكررة ومملة، والركض وراء حاويات النفايات فلكلورا شعبيا، والأسعار المرتفعة ترفع تحسرات الجائعين والعاطلين عن العمل في بلد النفط والوفرة المالية، والعشوائيات أصبحت هي القاعدة، وحتى أكل السجناء يخضع للمساومات والتلاعب، والحصة التموينية فاكهة التندر لأنها لاترى في العين أوالعقل.

وبكائيات واستنكارات ضد التدخل الخارجي من قصف وتوغل في العمق العراقي، هي  تمويه يفعله المسؤولون لحفظ ماء وجوههم.

فأي شيء لا يدعو إلى رفض ضد هذا الواقع المزري، واليوم تبرز أهمية الاتنفاضة ومنها إنتفاضة تشرين  فهي ليست مظاهرات شعبية ورفع الشعارات، ومواجهات بين المواطنين ورجال السلطة فقط، بل هي أيضا، منعطف عميق في وعي المواطن  يمكن أن يتحول إلى ثورة عارمة، تأتي  بالبديل الوطني الديمقراطي الذي يحقق العدالة والمساواة ويلبي احتياجات المواطن وتطلعات الوطن بالديمقراطية والحرية وكرامة الإنسان ورفع شأنه المادي والروحي، بالإضافة إلى استقلال القرار الوطني، ويزيح القوى والكتل المتحكمة الناهبة لثراوته ومقدراته من سدة الحكم.

وبالمقابل تعمل قوى الظلام المتسيدة بأنواعها وأشكالها، إلى كافة الأساليب من قمع وتضليل وإغتيالات وأختطافات ومعتقلات سرية، بالإضافة إلى تقديم المسرحيات على الاختلافات أنواعها في الفضائيات والصحف الصفراء بهدف إيجاد ضجيج يعلو على صوت المنتفضين والمطالبين الحقيقيين بتحسين الاوضاع.

 كما تستغل المناسبات (وما أكثرها) من أجل إلهاء المواطن بها، كنوع من التسكين من أوجاعه وهي لا تعد ولا تحصى.

والصراع الضاري المستتر والمعلن بين الشعب والقوى الحاكمة، هو صراع بين قوى الحياة والموت، المنتفضون يقولون إنهم يريدون وطنا، ويطالبون بسلمية، برحيل الفاسدين وتقديمهم إلى المحاكمة، بينما تعمل قوى الموت على وضع الحواجز، وتأمر رجالها وميلشياتها بقتل المواطن الأعزل بالرصاص الحي والدخانيات والقذائف، ومن ينجو من الناشطين من الحراك المدني تتكفل مصيره قوى الجريمة المنظمة باغتياله، بتواطؤ مفضوح مع حواجز الأمن، ثم تسجل الجريمة ضد مجهول أو (الطرف الثالث).

 وحين تسأل أي مسؤول حكومي عن أسباب إستهداف العزل وخصوصا الشباب والذين لم يبلغوا حتى سن الرشد، يتركك ويمضي، لأنه لا يريد أن يكرر مقولة الحجاج إن في قتل المواطن البرئ إصلاح للأمة!

 أذن كيف الإنتصار في معركة ضد قوى تملك كل أدوات القمع والمال وسبل الخداع وتسندها قوى اقليمية ؟

تجارب الشعوب ومنها العراق تشير إلى أن (دار السيد) غير مأمونة، مهما كانت وسائل قمعه وخداعه، فالرصاص لن يستطيع أن يثقب أرادة الشعب، وهو مهما زاد لن يستطيع أن يمحوه.

المعركة على الأبواب، بين قوى شعب وأعدائه، ولن يخدع المواطن مثلما كان بالشعارات الزائفة، (حب الوطن، وحب المذهب، وخدمة المواطن وغيرها)، فرائحة فساد المسؤولين الكريهة تسد مسامات الوطن. كما لن يخدع المواطن بالتعويل على تطوير ما يسمى (العملية السياسية) لأنها مفصلة على مقاس قوى الفساد والمحاصصة والطائفية وتتوافق مع مصالح إقليمية ودولية، ولأنها أيضا، أوصلت البلاد والعباد إلى طريق مسدود، منذ عام2003 ولحد الآن.

 ومعروف أن المراقبين يرون أن العملية السياسة إنتهت صلاحياتها، وأن الأمر لا يحتاج سوى إعلان عن وفاتها، فالقوى المتحكمة حسب تقرير بلاسخارت تعمل ضد مصلحة الشعب، ولا يهمها أن تقدمه إلى (المذبح) من أجل بقائها.

 إن التعويل كبير على قوى الإنتفاضة الصلدة، وإمكانية إستقطابها كل المحرومين والمضطهدين والقوى الصامتة، فإذا تحققت ذلك، حين ذاك، ستزلزل الأرض زلزالها وتجرف ضفاف القمع والخنوع ومنطقتهم المحصنة!

ونسمع صياح المسؤولين (ضمني بسدج يا خاله) قبل رميهم في براميل القمامة.

عرض مقالات: