اخر الاخبار

انقل لكم صورتين واحدة قبل الاحتلال وعلى لسان الكاتب الهولندي مارك جيلت الصحفي الهولندي الذي زار العراق في تسعينيات القرن الماضي ونشر مقاله الساخر في جريدة (الخمين داخ بلاد) اليومية في 17/ 10/ 1995 ضمن مجموعة مقالات عبرت عن انطباعاته الشخصية وآرائه نتيجة المشاهدة اليومية أثناء مهزلة الانتخابات، وشهد بنفسه الأوضاع المعيشية المتردية، والدمار الشامل في كافة المجالات، و”الديمقراطية” على طريقة النظام الدكتاتوري.

بدأ مقاله بمقتطفين من تصريحات غير واقعية لعزت إبراهيم الدوري وإبراهيم الدليمي رد عليها بما يخالفها في الواقع الذي تلمسه بسهولة رغم التضليل.

 يقول الكاتب: مدينة صدام التي يعيش فيها مليون ونصف انسان من الطائفة الشيعية. يعاني ابناؤها من الفقر، وإنها تشبه مخيمات الفلسطينيين في غزة، تنبعث من أزقتها وشوارعها روائح كريهة؛ الأطفال يتسولون، والآباء يشربون الشاي، ويلعبون الدومنا ويدخنون الناركيلة، لأنهم بدون عمل، وبمكابرة يدعوننا للضيافة، وعند استجوابهم من قبل الصحفيين، كانوا بصعوبة يبوحون بما يعانون من شظف العيش بسبب الأزمة الخانقة. وحسب تقديرات إحدى العاملات في الأمم المتحدة أن هناك 4 مليون مواطن يعانون من نقص جدي في التغذية أي خمس الشعب العراقي. فضلا عن 3 مليون طفل أعمارهم أقل من خمس سنوات و6 مليون من الحوامل والأمهات والعجائز وكل هؤلاء لا معيل لهم.

إن صدام لا يريد أن يساعد هؤلاء من أمواله السرية التي تقدر بمليارات، المهم بالنسبة له؛ الويسكي، الكونياك، السكائر الأمريكية، والدجاج المجمد، وأن يصرف مليار دولار لتوسيع قصره، وأن ينعم مع صفوته، لذا لا يهمه فك الحصار.

هو لا يريد أن يعطي شيئا للشعب الكردي من المساعدات الإنسانية، كل ذلك دليل على أن صدام لا يحب شعبه.

كذلك لا يريد أن يبيع النفط عبر تركيا بمقدار 1.6 مليار دولار يمكن أن تصرف على الدواء والغذاء بإشراف الأمم المتحدة بحجة انتهاك للسيادة الوطنية، وهذه حجة غريبة لأنه هو من فرط بالسيادة الوطنية ووافق على اقامة المنطقة الآمنة ومنع طيرانه من التحليق شمال خط العرض 36 وجنوب خط العرض 32، وموافقته على تدمير الصواريخ، والمعدات الحربية وازالة أسلحة الدمار الشامل”.

هذا الواقع في العراق في زمن دكتاتورية صدام وهي شهادة من صحفي محايد رأى الوقائع بأم عينيه، وهذا رد على من جعلتهم الأوضاع في ما بعد سقوط النظام البائد يحنون إلى نظام أتعس من النظام الحالي والمقارنة بسيطة: القتل للمعارضين كان علنا وتبلغ عائلة المغدور بمصير ابنها أما اليوم يقتل المعارض بدم بار وتحت العباءة ودون أن يعرف مصيره. الرشوة موجودة في العهدين وباختلاف كبير، كانت سرية وقليلة والآن باهظة وعلنية وتكاد أن تكون عامة ولا تمر معاملة دون رشوة. وخاصة المعاملات التي فيها اشكالية، القوانين مصاغة على مقاييس المتنفذين وهذه مشتركة بين العهدين وزادت كثيرا في النظام الحالي الذي شمل جميع مرافق الحياة. لا رحمة ولا ترحم على العهدين وعلى شعبنا البحث عن البديل الحقيقي الذي ينقذنا من هذه الحكومات المتعفنة إلى نظام عادل يوفر الحياة الكريمة لأبناء الشعب والوطن عبورا على كل الأساليب المماطلة والمخادعة؛ من المحاصصة الطائفية والإثنية. التي لم تعد سوى شعارات فارغة، فلا أحد من الحكام يمثل طائفته أو قوميته انما يمثل مصالحه أو مصالح حزبه أو من يعمل لصالحهم، من دول الجوار أو من دول أخرى عالمية تهمها مصالحها. وما يختفي وراء هذه المشاريع من نهب وبيع للثروات الوطنية دون خوف أو وجل محروسين بنظام فاسد، نهاب، ظالم سوف لن يترك فضيلة واحدة يحن إليها أي بسيط، أو ساذج بعد سقوط نظامهم، مها كان البديل سيئا، كما يقول الآن بعض السذج في موقفهم من النظام الدكتاتوري السابق، والحنين إليه. وتفضيله على النظام الحالي الذي يشترك مع سابقه بكثير السيئات بل اجتازه بخطوات واسعة.

وهذا ما أيقظ أكثر من 80 في المائة من الشعب العراقي وهي النسبة التي قاطعت الانتخابات، ومنها من قاوم وقدم التضحيات الجسام للخلاص وما زال يقاوم من أجل التغيير المطلوب مما دفع الكثير من قوى التغيير تنظيم صفوفها ورسم البرامج البديلة لبناء عراق جديد تتحقق فيه العادلة الاجتماعية والتقدم في كافة المجالات.

عرض مقالات: