اخر الاخبار

ثلاثة اعوام مضت على انتفاضة تشرين المجيدة، جعلت الشهداء والجرحى والمغيبين رموزا وطنية وانسانية شامخة في التأريخ العراقي، ثلاثة أعوام تتجدد فيها مطالب العراقيين ذاتها التي انطلقت من أجلها، وأضيف اليها لاحقاً وأهمها محاسبة قتلة المتظاهرين والجهات التي تقف خلفهم. وتدعونا هذه الذكرى للمراجعة واستخلاص الدروس والاستفادة منها في أي حراك جماهيري قادم.

كانت انتفاضة 2019 تعبيرا صارخا عن رفض الظلم وانعدام العدالة الاجتماعية، بسبب المحاصصة واستشراء الفساد بأنواعه وسوء إدارة أزمات البلاد المتعمقة بكل اشكالها الاقتصادية والخدمية والتعليمية والأمنية وغيرها، فالاحتجاجات مستمرة منذ الانتفاضة وبأشكال مختلفة مطلبية وقطاعية وتخصصية، رغم توالي محاولات الأحزاب المتنفذة ومليشياتها لقمعها.

من أبرز ما تميزت به انتفاضة تشرين إضافة إلى طابعها الشبابي العام، هو انضمام فئات اجتماعية اخرى فيها، أوجدت لها مكاناً في سوح الاحتجاج في المحافظات، ونصّبت خيماً لها وقامت بدورها المطلوب في الانضمام إلى الانتفاضة، ويشمل هذا:

1- النقابات المهنية بتنوعها المعروف، التي اشتركت بحضورها الواسع في التظاهرات وسوخ الاحتجاج.

2- إضافة إلى بروز دور واضح لمشاركة المرأة بشكل أكثر سعة وتنظيم من المساهمات السابقة منذ احتجاجات2011 خاصة في محافظات وسط وجنوب العراق، وفي النجف كان للنساء خيمة خاصة بهن اسميناها (خيمة المرأة ثورة)،

3- وكذلك فئة طلبة الجامعات الذين كانوا يقدمون دعماً معنوياً كبيرا عند دخولهم بمجاميع كبيرة إلى ساحات الاعتصام بزيهم الجامعي.

لقد نجحت انتفاضة تشرين في اسقاط حكومة عادل عبد المهدي، بثمن غالِ جداً، لكنها لم تنجح في تغيير البرلمان والدستور، وإزاحة الفاسدين واستعادة "وطن". وأحد أهم اسباب ذلك هو عدم تنسيق وتوحيد روئ قوى تشرين المختلفة، ويدل على ذلك نتائج الانتخابات الأخيرة، والتي رغم تدني نسبة المشاركة فيها، فقد أفرزت أن الأصوات التي حصل عليها "المدنيون والمستقلون" كانت عالية بحيث تمكنهم من الحصول على عدد أكبر من المقاعد لو أحسنوا توزيع مرشحيهم على الدوائر الصغيرة في المحافظة الواحدة.

أمامنا الآن عمل كبير، يتمثل بإيجاد جبهة موحدة جديدة بديلة لأحزاب السلطة وقوى المحاصصة والفساد، جبهة قوى التغيير الحقيقي، القوى المدنية الديمقراطية والقوى التشرينية هي البديل الحقيقي للشعب العراقي، وايضا اجبار الحكومة وقوى السلطة على التغيير الحقيقي من خلال اجراء انتخابات مبكرة، مع ايجاد اجواء انتخابية ايجابية من قانون انتخابي عادل ومفوضية انتخابات مستقلة حقيقية وحصر السلاح بيد الدولة وتطبيق قانون الاحزاب.

ويندرج النشاط التشاوري والتنسيقي بين أطراف الحراك المدني، كخطوات صحيحة في العمل المستقبلي للتغيير وتوحيد الصفوف والمشاركة بالانتخابات القادمة ان حصلت، ومن أجل تعزيز جبهة الضغط الشعبي والحراك الاحتجاجي لتحقيق مطالب الشعب في التغيير والسير نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي ستحقق للشعب العدالة الاجتماعية وتؤمن الحياة الحرة الكريمة.

----------------------------

* سكرتيرة رابطة المرأة العراقية في النجف

عرض مقالات: