اخر الاخبار

مَنْ منّا لا يتذكّر اغنية (يابو بلم عشاري) ويدندن بها في بعض الاوقات؟

ومَنْ منّا لا يترنّم بأغنية (ما جنّك هذاك انته، ولا جنّه ربينه سنين) وتغرورق عيناه بالدموع على حبٍ ضاع في زحمة الايام؟

ومَنْ منّا لا يتذكر أول أوبريت غنائي عراقي قدّمه فنانو البصرة اواخر ستينات القرن الماضي (بيادر خير) وفؤاد سالم و شوقية وهما يغنيان “ياعشكنه فرحة الطير اليرد لعشوشه عصاري” وغيرها؟

لم يكن الاوبريت ـ المسرح الغنائي -  معتمدا في العراق رغم تقديمه في مصر ولبنان من قبل فرق مسرحية كبيرة ومطربين وشعراء وملحنين معروفين، الا في اواخر ستينات القرن الماضي حينما قدّم شاعرنا الفقيد علي العضب  مع عدد من اصدقائه وزملائه فناني ومثقفي البصرة، منهم ياسين النصير، خالد الخشان، حميد البصري، قصي البصري، طالب غالي، فؤاد سالم، وغيرهم، اوبريت “بيادر خير” ليكون قصب السبق للبصرة، ولينتشر كتجربة مسرحية جديدة في عموم العراق.

من “بيادر خير” ظهر فؤاد سالم كمطرب يسجّل اسمه على صفحات التاريخ مبدعا وطنيا حقيقيا، يستحق بجدارة لقب فنان الشعب.

بعد “بيادر خير” قدّم العضب مع اصدقائه البصريين اوبريت “المطرقة” و “انت أمس انت باجر” ثم اوبريت “المعيبر شنّان)”،  وكان ما زال في جعبته الكثير من المسرحيات الغنائية التي تنتظر النور. وبالإضافة للاوبريتات قدم العضب أغاني جميلة كثيرة حفرت كلماتها اخاديد في ذاكرتنا، لكنه لم يُنصَف اعلاميا أبدا بسبب انتمائه السياسي وامتزاج روحه الشفيفة بحب الوطن وناسه الفقراء!

غُيّبت اغنياته في زمن النظام السابق، ولم تُذكر اوبريتاته الاّ نادرا!

وحينما سقطت الديكتاتورية وجاءت المحاصصة ظلّ مهملاً ايضاً لعزوف المسؤولين عن الاهتمام بالفن وبتشجيع المبدعين!

الغريب في الأمر أن الاهمال لا يطال الاّ المبدعين الحقيقيين، أما الطارئون الفارغون المتملّقون المتسلّقون، فتراهم في واجهة الاعلام دائما؟!

وها هو ابو تضامن قد غادر الآن عالمنا، فمن باب الوفاء أن نسلّط الضوء على تجربته الرائعة في مجال الاوبريت الغنائي، والمفروض بنا ان نلتفت الى مبدعينا قبل ان يغادروا هذه الحياة، كي لا نندم لأننا لم ننصفهم احياء؟!  كما ان علينا ان نعيد لهذه الابداعات (المسرح الغنائي) رونقها وننشرها كأعمال فنية كبيرة كونها اول الاعمال المسرحية الغنائية في العراق!

في مناسبة الحديث عن العضب ومنجزه الابداعي اريد ان اقول: إذا لم نلتفت اعلاميا لمبدعينا الكبار اليوم وهم احياء، فلن يلتفت الينا أحد في قادم الايام!

سلاماً لروحك يا ابا تضامن وهي تعبر بالبلم العشّاري الى الضفة الأخرى، باحثة عن السلام والسكينة!

عرض مقالات: