اخر الاخبار

نشأت الشهيدة ام سعد وسط عائلة لم تكن بعيدة عن العمل السياسي وعن الحزب الشيوعي العراقي. فقد كان اخوها عباس على صلة مع الحزب الشيوعي العراقي وبعض أخوالها كذلك. وقد كان والدها يشجعها ولم يقف بوجه نشاطها الذي كانت بداياته الفن والتمثيل، اذ يؤكد المتابعون للنشاط الفني في الديوانية انها اول فتاة تصعد خشبة المسرح.

رشّحت للحزب وكان عمرها اربعة عشر عاما فقط استثناء من ضوابط النظام الداخلي للحزب. وقد كان لها نشاطها القيادي في رابطة المرأة العراقية بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 بعد انقلاب شباط الفاشي صدر بحقها امر قبض فتم نقلها الى اخوالها الجنابات في سوق شعلان في قضاء ابي صخير.

الشيخ داخل ال شعلان شيخ ال ابراهيم في المشخاب كان نجله الاكبر من قادة الحرس القومي في القضاء، وكان يعرف بأمر القبض الصادر بحقها, اتصل بأخوالها طالبا منهم نقلها الى داره هو بالذات، وسيوفر لها الحماية والملاذ الامن, وهذا ما حصل فعلا، حتى مجريات الامور في تشرين 1963.

عادت الى الديوانية فاعتقلت عام 1964 وواجهت الجلادين بصلابة وتحد مثيرين للإعجاب، وقد مجدت اذاعة الحزب في حينه موقفها الشجاع في مواجهة الجلادين.

اواخر عام 1968 بعد اطلاق سراح الرفيق الراحل ابو هشام – محمد حسن مبارك - واستلامه مسؤولية منظمة الحزب في محافظتي المثنى والقادسية وباقتراح منه، توجهنا سوية هو وانا الى الديوانية لبناء منظمة بديلة عن منظمة الحزب التي التحقت بالقيادة المركزية عام 1967 فكانت الشهيدة في مقدمة من التحقوا بالعمل، وهي كانت قد رفضت الالتحاق بالانشقاقيين، وقالت لهم سياتي اليوم الذي يبحث فيه الحزب عني ويتصل بي. واتذكر ان الرفيق ابو هشام قال لي بعد اول لقاء لنا معها في دار الرفيق الراحل شيخ عشيرة ال احمد – عبد الامير فرحان – “سيكون لهذه الرفيقة شأن كبير في حياة الحزب الشيوعي العراقي”. وهكذا كان.

شباط عام 1970 تم تعيينها معلمة في مدرسة سومر بناحية سومر، التابعة لقضاء عفك وقد تكفلت قيادة منظمة مدينة الديوانية ومتابعة العمل في مدينة السماوة اثر الاعتقالات التي بدأت في 30-31 اذار 1970 ولم تتوقف الا نهاية الشهر العاشر من العام 1971، حين تم اعتقالها اثر اعتراف عليها، ورد من احد من اعتقلوا في مدينة الديوانية، على انها مسؤولته الحزبية، وتم نقلها الى الامن العامة فتقرر اطلاق سراحها، وعادت الى التعليم حتى اواخر عام 1978 حيث غادرت الديوانية للاختفاء في بغداد صحبة اسرة الفقيد محمود عوض التي غادرت الحلة لتسكن بغداد، بعيدا عن انظار الاجهزة القمعية .

اعتقلت في الشهر الخامس من عام 1979 في دار احد اقاربها وتعرضت الى التعذيب الوحشي في الامن العامة، واودعت في سجن النساء في الزعفرانية حتى نهاية الشهر الثامن، حيث اطلق سراحها لشمولها بالعفو الذي اصدره المقبور صدام، اثر استقالة البكر وتنصيبه رئيسا للجمهورية رسميا، واعيدت الى وظيفتها في تربية الديوانية حتى اواخر عام 1980 اذ اختفت بعد ان استلمت انذارا مبكرا حيث توجهت الى بغداد لتقيم مجددا مع اسرة الفقيد محمود عوض.

في الشهر الخامس من عام 1985 تم كبس الدار التي يقيمون فيها، وكانت في مدينة الشعب ببغداد، وتعرضوا جميعا الى التعذيب الوحشي، وبعد مرور عام كامل، قدموا الى محكمة الثورة ليصدر حكم بإعدامهم جميعا نساء ورجالا باستثناء الرفيق صباح محمود عوض لصغر سنه, لاحقاً استبدل حكم الاعدام بالسجن للبعض، وتصديق الحكم على الشهيدة أم سعد والشهيدة رسمية جبر الوزني والشهيد حسين محمود عوض الحكم الذي تم تنفيذه في الشهر العاشر من العام 1986، ودفنوا في مقبرة الكرخ الاسلامية, القسم المخصص للأمن.

بعد سقوط النظام الصدامي عام 2003، وبمساعدة من مدير المقبرة توصلنا الى مكان دفنهم، وقمنا بإخراج رفاة كل منهم، ونقلهم الى مقبرتي كربلاء ووادي السلام في النجف، ومعلوم ان مراسلي الفضائية العربية وصلوا الى المقبرة ونحن نخرج رفاتهم من الحفر التي دفنوا فيها، فقاموا بالنقل المباشر لما جرى ولأحاديثنا معهم الذي بث الى كافة ارجاء الكرة الارضية، وقد علمت من بعض الرفاق الذين يسكنون خارج العراق، انهم قاموا بتسجيل اقراص لكل ما بثته فضائية العربية من المقبرة ذلك اليوم.

الشهيدة ام سعد منذ عام 1972 التحقت بعضوية اللجنة المحلية للحزب في الديوانية ثم التحقت بعضوية لجنة منطقة الفرات الاوسط، وكانت تلك الفترة تقود فرع رابطة المرأة العراقية في الديوانية وعضوة في اللجنة العليا للرابطة وقد ساهمت كممثلة للنساء الشيوعيات في العراق بالمؤتمر النسائي الدولي الذي عقد في الماآتا تموز من العام 1975.

عام 1976 حضرت الشهيدة ام سعد كما حضرت انا وعدد من رفاق منظمة الديوانية المؤتمر الثالث للحزب الذي عقد في مقر قيادة الحزب في ساحة عقبة بن نافع، في بغداد كمندوبين منتخبين من قبل الكونفرنس المحلي لتمثيل المنظمة في المؤتمر.

وببالي ان الشهيدة بعد زواجنا عام 1973 وانجابها لوليدها الوحيد سعد قالت لي ولعدة مرات انها “تعرف جيدا ان عمرها قصير” 

فالمجد للشهيدة ام سعد

والمجد لكل الشهيدات والشهداء

عرض مقالات: