اخر الاخبار

ولد الشهيد سلمان داود لعائلة فلاحية فقيرة، في ناحية القوش في ٩/٦/١٩٤٨، وكان تسلسله الثاني بعد شقيقته (سلمى)، التي تكبره بعامين.

بعد سنوات قليلة من ولادته قررت عائلته، نتيجة لظروفها الاقتصادية الصعبة، ترك ناحية القوش والانتقال لمدينة الناصرية، حيث اشتغل الوالد في البداية في بيع الكبة، التي تجيد صنعها زوجته! وبعد فترة ترك بيع الكبة وفتح في سوق الناصرية محلاً لبيع المشروبات الروحية.

سلمان وإخوته وأخواته كانوا يدرسون في مدارس الناصرية، وكانوا يتفوقون في دراستهم متنقلين من صف لصف ومن مرحلة لمرحلة أعلى.

بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام ١٩٥٨، كان سلمان قد تجاوز العاشرة من عمره، وقد نجح بتفوق للصف الخامس الابتدائي، وكان المد اليساري واضحاً في شوارع مدينة الناصرية ومعظم مدن العراق، وفِي عائلة سلمان نفسه، اذ كان أبوه وأمه غير بعيدين عن الميل لليسار والحزب الشيوعي.

في الناصرية كان الشيوعي المعروف (كاظم شناوة) قد افتتح عام ١٩٥٩مكتبة سماها (الوعي التقدمي) وفِي هذه المكتبة تباع وتوزع صحيفة الحزب الشيوعي العراقي (اتحاد الشعب)، الى جانب الكتب والمجلات التقدمية واليسارية الاخرى. وقد فكر السيد كاظم شناوة أن يعتمد على الأطفال في توزيع صحيفة (اتحاد الشعب)، وبالفعل تطوعت مجموعة من أطفال العوائل التقدمية لهذه المهمة، وكان سلمان داود واحداً منهم، وكانت تلك المهمة أول علاقة لسلمان بالحزب الشيوعي العراقي، والتي لم تنفصم حتى لحظة استشهاده!

في أواسط الستينات نضج سلمان وكبر، فعمل في اتحاد الطلبة العام، وفِي عام ١٩٦٧ وكان سلمان في كلية الهندسة وفِي التاسعة عشر من عمره، فترشح للانتخابات ممثلاً عن الاتحاد ففاز بأعلى الأصوات.

وكان طوال دراسته في الكلية في بغداد، وبعد تخرجه وتعيينه يلتقي مع أبناء مدينته الناصرية في مقهى (حميد) في شارع الأمين قرب تمثال الشاعر الرصافي.

وبعد تخرجه من كلية الهندسة تعين كمهندس ري في دائرة ري بغداد في الصالحية قرب جسر الأحرار، لكنه لم يستمر طويلاً في وظيفته اذ قرر في عام ١٩٧٤، السفر الى هنكاريا لإكمال دراسته العليا في هندسة الري، وفِي هنكاريا عمل في جمعية الطلبة العراقيين، وأصبح سكرتيراً للجمعية حتى تخرجه، وبعد نيله درجة الدكتوراه توجه للجزائر وعمل أستاذاً  في جامعة قسطنطينة، ومنها قرر أن يساهم في حركة أنصار الحزب الشيوعي في كردستان، وبالفعل قدم الى سوريا، وفِي مدينة (ديرلوك) الحدودية التقى سلمان بمجموعة من رفاقه الشيوعيين القادمين من الجزائر واليمن ومن عدد من البلدان الأوربية، والذين يريدون مثله التوجه الى كردستان والانخراط في صفوف الانصار.

في ليلة الرابع والعشرين من ايلول ١٩٨٢، تحركت المفرزة المتكونة من(٣٢) نصيراً من مدينة ديرلوك، باتجاه الأراضي التركية، وبعد عبور المفرزة للطريق الدولي الذي يربط تركيا بالعراق، انطلقت رصاصة مذنب فسفورية أعقبتها على الفور أنوار كاشفة، مع رشقات رصاص غزيرة، ومن أكثر من جهة، وبعد أن هدأت  زخات الرصاص قليلاً، صرخ آمر المفرزة (انسحاب) فانسحب الرفاق لمختلف الاتجاهات متجهين الى (ديرلوك) التي قدموا منها، وحين وصلوها بعد ساعات من الانسحاب اكتشفوا أن ثلاثة رفاق منهم لم يصلوا بعد وهم (سلمان وبهاء ويونس)، وتوجس الجميع خيفة من أن يكون الرفاق الثلاثة قد أصيبوا! وبالفعل علم الرفاق في اليوم التالي أن الرفاق الثلاثة قد استشهدوا، وأن الجندرمة الأتراك قاموا بدفنهم في الأراضي التركية، ولازالت قبورهم في مواقعها هناك للآن.

المجد والخلود للشهيد البطل الدكتور سلمان داود جبو ولرفاقه الشهداء الأبطال .