اخر الاخبار

بعد انبثاق ثورة الرابع من تموز وتحقيق الاستقلال الناجز شعر العراقيون ولأول مرة في تأريخهم المعاصر أن العراق للعراقيين جميعا بعد ما كان نهبا وتسلطا من قبل الاحتلال و الاقطاع وأن السلطة منهم واليهم في بلد موفور الخيرات وتحقيق الانجازات الاسطورية .الخروج من حلف بغداد وقانون الاصلاح الزراعي وتأميم النفط  والانجازات التي لا تزال شاخصة إلى يومنا هذا ..كل ذلك لم يرق لأولئك العملاء وللاحتلال وبعض دول الجوار فباتوا يحيكون المؤامرات والاصطفاف المشبوه لاغتصاب ثورة الشعب ..وكان لهم... وتحققت مآربهم في ذلك اليوم المشؤوم والايام الدامية التي عاشها شعبنا بمرارة وحرقة والم ومعاناة. وقد عانى الحزب شأن غيره من القوى الوطنية الكثير من الاضطهاد والملاحقات المريرة التي بلغت حد اعدام قادته وتصفية رموزه والالاف من كوادره واعضائه سواء كان ذلك في عهد الاحتلال والحكم الملكي او في ظل الدكتاتوريات المتسلطة على رقاب الشعب بلا هوادة وخاصة على أيدي جلاوزة النظام العفلقي،  وأفلح بفعل ما استخدمه من اساليب الارهاب الدموي الفظيع واساليب الدعاية المظللة .ولكن بفضل وحدته التنظيمية وصلابة رفاقه وصمودهم اللامتناهي ودعم الجماهير الشعبية والتضامن الاممي له ..استطاع ان يجتاز كل المحن بشجاعة وفداحة.. . مقدما أغلى التضحيات والتفاني والصمود والاصرار على صوَن المبادئ والدفاع عنها بضراوة.. عبر تقديم رتل كبير وعظيم من الشيوعيين البواسل الذين مجدوا شعبهم وحزبهم (حزب الطبقة العاملة) بتضحياتهم الجسام بأعز ما لديهم هو الشهادة وأثبتوا للعالم ولجلاديهم بان (الشيوعية اقوى من الموت.. واعلى من اعواد المشانق) وبإصرارهم على ثبات مبادئهم التي صاغها المعلم الاول (فهد) لن تنال قوى الظلام والارهاب منهم لآن تضحياتهم تجسد ارادة الجماهير وضمير الشعب الكادح....... في مثل هذه الأيام قام نفر ضال من الظلاميين وبمساعدة الاجنبي ومجيئهم بالقطار الامريكي حسب اعتراف قادته ومباركة ودعم حكام العرب الاقزام استطاعوا ان يسرقوا الثورة وانجازاتها العظيمة من الشعب الذي تنفس الصعداء. واحالوا البلاد إلى ظلام دامس وركام وجحيم المعاناة حيث كان شعارهم الهمجي ابادة الشيوعيين والمناضلين الوطنيين، وانصارهم، ومن يأويهم فامتلأت السجون والمعتقلات بالمناضلين من الرجال والنساء والاطفال ومن كافة الاعمار وأعدم الكثير من مناضلي الحزب الشيوعي العراقي، والابرياء من كافة فئات الشعب ومورست بحق المعتقلين كافة اصناف التعذيب والتهديد، والترهيب، والابتزاز، والاغتصاب. 

ان انقلاب شباط الاسود لا يعدو كونه انقلابا تقليديا امريكيا بالتعاون مع دول الجوار والجهات البريطانية ذات العلاقة وخاصة مصر التي قابلت هذا الانقلاب بعين الرضا والارتياح للإجراءات القمعية للإعدامات والتصفيات الجسدية.. كان هدفها الخسيس اغتصاب الثورة ومكاسبها العظيمة. ونجحت بالإطاحة بالثورة الفتية وتصفية رموزها الوطنية وقائدها الشهيد عبد الكريم قاسم والنخب العسكرية التي آزرته وضرب الشيوعيين بضربة ماحقة  ..وتجسدت ضربات الانقلابيين بتعذيب الشعب واذلاله وتجريد العديد منهم من كيانهم وهويتهم الوطنية ..وتحويلهم في مراكز السجون والمعتقلات إلى حيوانات طيعة ..وصفيت قياداته جسديا الذين قادتهم الظروف الاستثنائية إلى اقبية قصر النهاية واقبية الحرس القومي  ومنفى نقرة السلمان ليمروا بتجارب رهيبة ومعاناة قاسية ربما هي الاصعب والاقسى ما يمكن ان يواجهها الانسان العراقي ..وممارسة التعذيب بالتعليق من اليدين من جهة خلف الظهر بأبشع صوره ..ولم يستطع الخروج من تلك الزنازين والاقبية المظلمة الحالكة الا من ينال الشهادة وقتله .. أو دفنهم في قبور جماعية في أماكن مجهولة، وكان منهم من يتمنى الموت تحت سياط التعذيب حتى لا يقع في بئر الخيانة قدر المستطاع امام تلك الاساليب الفظيعة ..بعد ان صار الموت هو المرتجى الوحيد للخلاص من هذه المواقف المشينة للتعذيب ..وكأن المتنبي كان حاضرا (كفى بك ان ترى الموت شافيا...وحسب المنايا ان تكون أمانيا) بحث صار الموت حلم كل المناضلين الذين اوقعتهم الظروف تحت منال ايدي هؤلاء العديمي الانسانية ، وما قام به الانقلابيون فاشيو العصر نموذجا جديدا لوجه الفاشية ..تحولوا إلى حيوانات كاسرة مفترسة تحركهم شهوة القتل والدم والانتقام وتسيطر عليهم الرغبة الشيطانية في التلذذ بالتعذيب والتنكيل والاغتصاب واراقة الدماء..(عمل حزب البعث العفلقي ومشيل عفلق بالذات الذي قدم إلى بغداد في الايام الاولى للثورة على تحطيم جبهة الاتحاد الوطني واثارة الصراعات بين القوى السياسية باسم العمل مع الوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة وشرع في العمل لتدبير المؤامرات ضد الثورة وحكومتها بتأييد من حكام القاهرة بالمال والسلاح ..ووجدت الدوائر الاستعمارية فرصتها للتحرك ولدس عملائها في صفوف الحزب العفلقي وبعض القوى القومية الاخرى ودفعهم إلى تكثيف الهجوم على الشيوعية والشيوعيين )

وعندما وقع الانقلاب الاسود وقف الحزب الشيوعي ضد الانقلاب الرجعي المشبوه وخاض مع الجماهير معارك مسلحة في بغداد وباقي المحافظات وسيطر الفاشيون على الوضع من خلال اجراءاتهم التعسفية وشعاراتهم الزائفة.. وأصدر البعث العفلقي البيان رقم (13) الذي يخول الحرس القومي والبعثيين وأيا من مؤيدي الانقلاب من العناصر الرجعية الموتورة والاقطاع.. حرية ابادة الشيوعيين وأيا من خصومهم بعد ان يتهمونهم بالشيوعية حيث ما كانوا ..وعلى اثر ذلك انطلق الحزب العفلقي في حملة اعتقالات هائلة وشرع بعمليات التعذيب في المعتقلات والمواقف واتخذ من قصر الرحاب (قصر النهاية ) وفي اماكن عديدة من العاصمة اماكن لتعذيب وقتل اعداد كبيرة من كوادر واعضاء الحزب وفي مقدمتهم سكرتير الحزب الشهيد (سلام عادل ) ورفاقه وقادة رموز الثورة ..ومع تلك الاجواء القاسية  صمد الحزب الشيوعي ببطولة وخاض مع الجماهير المنتفضة معارك مسلحة ضد الانقلابيين .والدعوة إلى مقاومته وتنبأ الحزب بان عمر الانقلاب لن يطول كثيرا....وصمد الحزب في تلك الظروف المأساوية   وزاول نشاطه واحتفل الحزب بذكرى تأسيسه (29) في الظروف القاهرة .. في الناصرية مما اثار فضول العفالقة وجن جنونهم وثارت ثائرتهم في ذلك الوقت وكيف وهم قد ظنوا أنهم أبادوا الشيوعيين وارسلوهم إلى السجون والمعتقلات حسب اعتقادهم ....

سيتشرف التاريخ العراقي النضالي ببطولة وبسالة أولئك العظام ووسام شرف للذين تجرعوا مرارة التعذيب والبطش الشنيع وهم يقدمون اروع الشهادة والتضحية تحت سياط جلاديهم من أجل النضال والرفض والخنوع للقتلة المارقين او مساومتهم وستبقى اسماؤهم اللامعة مصابيح تنير دروب السائرين نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والعيش الرغيد في وطن معافى ينعم بالسلام والامان في دولة مدنية ديمقراطية تسع الجميع وفي نضالهم المستمر والتضحيات الغالية قدمها ويقدمها اعضاؤه في شتى المعارك الطبقية والوطنية  ضد الظلم والفساد والطائفية على مر السنين وستظل سلوكيات أولئك القتلة المارقين  وصمة عار تعلو جبين الجلادين عملاء الامبريالية والصهيونية.

عرض مقالات: