اخر الاخبار

القوى اللاعبة في المشهد السياسي العراقي، هي مثل شخص يتطلع إلى نفسه في المرآة، وهو يضع تاجاً على رأسه وصولجانا في يديه، فيتوهم أن صورته كملك ستبقى إلى الأبد، فإذا عادت صورته مثل الأول حين ينزع إكسواره الجديد، يحمّل المرآة السبب، لأنها خدعته وخانت عهدها له، وعليه كسرها بما أوتي من القوة، دون أن يبالي إن ظهر مهشماً مشوها، فاغراً فمه كجرح كبير في وجهه. 

هذه القوى، بسبب هذا التوهم، خسرت ليس شارعها فقط، بل الجمهورالعراقي كله، فنسبة المقاطعة للإنتخابات البرلمانية الأخيرة كانت أكبر بكثير مما كانت تتوقع، وخرجت بأرقام، جعلتها كمن يسير على حقل من الألغام، بل هي تسير فعلا عليه، رغم محاولاتها لترميم نفسها وبيوتها الطائفية والإثنية الكئيبة المتداعية.

وما أشبهها بزوج الرسامة مارجريت كين، في الفيلم الأمريكي الذي أنتج عام 2014.

 ذلك الفنان الفاشل الذي حاول تسويق نفسه من خلال ادعائه بأن أعمال زوجته المبتكرة تعود اليه، مستغلا توقيعها على الأعمال بإسم العائلة (كين)، وقد ظلت لفترة طويلة في الظل، وحين تمردت عليه لأسباب عديدة، وأوصلت المشكلة بينهما إلى المحكمة، طلب القاضي منه حسماً للنقاش أن يرسم أعمالها أمامه، لكنه فشل في رسم أية لوحة من لوحات العيون الكبيرة التي اشتهرت به زوجته.  وهكذا انقلب السحر على الساحر. 

فهذه القوى مجتمعة تعرف حمل السلاح وفرض رؤيتها من خلاله، لكنها تفتقد لبرنامج واضح لإخراج الوطن من أزماته المتعددة، من بطالة وفساد وفقر وإنتشار للامراض، وغياب الدعم للمنتوج الصناعي والزراعي وقلة للخدمات، وضعف للأمن، وزيادة في التدخل الاقليمي والدولي في شؤون الوطن وغيرها. كما أن العديد منها لا يمتلك برامج أو أنظمة داخلية مكتوبة كأحزاب أو كتل متحالفة، ولا أحد يعرف ماهي، وهي بهذا تشبه كثبان الرمل المتحركة في الصحراء، ليس لها شكل ثابت أو قيادة واضحة سوى بعض الأسماء أو الرموزلا أكثر ولا أقل.

وليس لنا سوى إعادة كلمات (أنشتاين) التي تصح على هذه القوى التي أصبحت دولة داخل دولة “أعرف جيدا، أنه من أجل إقامة منظمة ما، لابد وجود واحد بعينه يخطط، ويأخذ على عاتقه المسؤولية كاملة، ولكن لا يجب أن يكون المحكومون هؤلاء تحت الضغط والإكراه عليهم، أن يختاروا بأنفسهم الرئيس”.

عرض مقالات: