اخر الاخبار

عرفت كامل شياع في تسعينيات القرن الماضي، عندما كنت مسؤولا عن تنظيم الحزب الشيوعي العراقي في هولندا، كان كامل مسؤولا عن التنظيم في بلجيكا المرتبط تنظيميا بمنظمة هولندا، مما جعنا نلتقي شهريا في بيتي وتبادل المعلومات عن النشاطات وكيفية تطوير عملنا، وزرته في بلجيكا مرات وكانت لقاءاتنا ذات طابع ثقافي وسياسي وفكري في آن واحد وكانت إحدى هذه الزيارات مع الرفيق الغالي حميد مجيد موسى، وتعمقت علاقتي الشخصية به وتطورت بسبب اهتماماتنا الأدبية المشتركة. وبعد أن تيقنت من ابداعه وجدتيه وقراءاته الواسعة لكني لاحظته مقلا في كتاباته على الرغم من عمق ما يكتبه وينشره والتي تعد مرجعا وثروة أدبية عميقة ورائعة وتعد مصدرا مهما للدارسين، ولهذا لم يتعود الاختزال إذا اقتضى الموضوع الإطناب لمعالجة موضوعاته بعلمية وفنية عاليتين كنا نتلمس مدى عمقها الفكري والجمالي. وكنا نلتقي في بيت الناقد ياسين النصير عندما يعقد ملتقاه الثقافي والذي يضم نخبة من المثقفين العراقيين والعرب في هولندا ومنهم العالم المصري الدكتور (نصر حامد أبو زيد) وتجري مناقشات علمية كثيرة وقد طرح كامل شياع العديد من المدخلات الرائعة. ولم تقتصر مساهماته على هذا الملتقى بل في كثير من الأماكن الثقافية المنتشرة في عموم مدن هولندا. وأذكر إدارته لندوة خصصت للشاعر الكبير سعدي يوسف في مدينة (لاهاي)، وقد امتلأت القاعة بجمهرة واسعة من المعنيين بالثقافة وكثير ممن حضروا مازالوا يتذكرون تقديمه الرائع للشاعر مبتعدا تماما عن المقدمات التقليدية.

ومن مميزاته كان يجيد عددا من اللغات الأجنبية بسلاسة تامة وأذكر كان يجيد الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والهولندية ولذلك سرني بقناعته أن غالبية الترجمات إلى العربية ضعيفة وبعضها مشوهة لذلك قرر عدم قراءة هذه الكتب إلا بلغتها الأصلية التي يجيدها.

لقد اهتم بدراسة الفلسفة والاجتماع والتراث العراقي وكان عنوان رسالته للماجستير (اليوتوبيا ... معيار نقديّ). كان محبا لوطنه ومهتما بعلاقته مع أصدقائه ومعارفه ولم أسمع يوما أو أرى سلوكا يتناقض مع خلقه وأفكاره ومحبته للجميع بما فيهم المختلف معهم.

   ومع ذلك امتدت يد الغدر والخيانة إلى جسده الطاهر، يوم 23/8/ 2008 وكان عائدا من شارع المتنبي - بما يعنيه من رمزية- مستهدفة نظافته وروحه الطيبة وفكره وثقافته التنويرية، لتمنع سعادة الإنسان في البلد الذي ابتلى بالمجرمين القتلة ليطفؤوا نور العلم والتقدم والحياة الهانئة.

سيبقى كامل شياع رمزا وطنيا، وعلما ثقافيا من أعلام العراق الكبار في قلوبنا وقلوب الأجيال القادمة وعلى مر الزمان.