اخر الاخبار

من منا نحن الشبيبة اليافعة في عقد السبعينيات أن ينكر او لا يعترف على دور الصحافة الشيوعية في عقد السبعينيات من القرن الماضي في بلورة وعيه وأدراكه بأغنى القيم الإنسانية العظيمة تلك الجريدة التي غرست فينا حب الشعب والوطن والناس الكادحين الطيبين من الفقراء المعدمين وولجنا من خلالها دروب النضال حاملين راية الناس في بناء وطن حر وشعب سعيد، وما أجمل ما مشينا به تحملنا الصعاب والمعتقلات وأقبية الأمن المظلمة التي كانت محاجرها مكان للتعذيب والموت البطيء فكانت الشهادة وعدم الاستسلام بمواقف بطولية فذة .

طريق الشعب تلك الجريدة التي كنا نتسابق ونحن نجلس مبكرا للذهاب إلى الاكشاك والمكتبات لنقتني نسخا منها وبكل شوق ولهفة نغوص في صفحاتها الأولى بمانشيتها الكبير باللون الأحمر وهي تظهر الحدث الأبرز لذلك اليوم الذي تصدر به ثم أسماء هيئة التحرير وصاحب الامتياز ومدير الإدارة مثبتة في أعلى الصفحة الاولى وشعار الحزب المطرقة والمنجل وعلى يسار الصفحة المقال الافتتاحي الذي يوجز لك وبمهنية وإمكانية عالية الواقع السياسي للبلاد، ونتابع الصفحات تباعا الثانية شؤون دولية وأخبار عالمية تنقل لك وبحرفية ما يدور في العالم من تطورات واحداث ومواقف، ثم الصفحة الثالثة تتابع الشؤون المحلية وبتقارير مكثفة عن مطالب الناس وهمومهم اليومية وهكذا نسير مع باقي الصفحات مثل صفحة (المرأة) والتربية والتعليم وصفحة العمال وكذلك صفحة الفلاحين وصفحة الطلبة والشباب ثم الصفحة الثقافية والتقارير الدولية ثم صفحة الشعر الشعبي لكبار الشعراء وهي تنشر قصائدهم التي لا يزال بعضها خالدة لغاية اليوم، وبعدها الصفحة الرياضية التي كان يشرف عليها صحفيون من الوسط الرياضي لهم باع طويل في الصحافة الرياضية، ثم الصفحة الاخيرة للمنوعات والفنون والأخبار السريعة وكانت كل خميس تنفرد بأخبار خاصة للطفولة تحت شعار وبمانشيت أحمر كبير (مرحبا يا أطفال) للعم حسان وكان الأطفال يتابعون الصفحة وبشوق كبير وهم يحلمون برؤية العم حسان الذي كان يخاطبهم ويداعبهم تربويا بلغتهم الجميلة.

طريق الشعب جريدة الناس جميعا كانت الصحيفة الأولى التي تنفذ من الاسواق بطلب كبير عليها وهذا ما دعا السلطة الدكتاتورية للحد من نشاطها بالتضيق على الحريات العامة ومنها منع دخول الصحف إلى المدارس والكليات وباقي مؤسسات الدولة نتيجة شعورهم بالإقبال الكبير على جريدة طريق الشعب، وبدأ الخناق والتضيق على كوادر وهيئة تحريرها واعتقال البعض ومغادرة الآخرين خارج الوطن وقد استشهد الكثير من كادر الجريدة في أقبية الأمن المظلمة ورحل الكثير كمدا نتيجة السياسة الرعناء للدكتاتورية المجرمة التي ضيقت على فسحة الديمقراطية التي كانت يوما سائدة فهاجرت العقول النيرة وأغلقت الجريدة عام ١٩٧٩ لتترك فراغا فكريا وثقافيا كبيرا وانحدر مستوى الوعي بعد ان أطلق الدكتاتور حملته الإيمانية إلى مستويات بائسة ودخل في حرب لا جدوى لها بعد ان تنازل عن اتفاقية عام ١٩٧٥ وخاض حربا خاسرة مع إيران وعانى الشعب المعاناة الكبرى بعد دخول الكويت من حصار فرضه الدكتاتور على الشعب نتيجة سياسته الخاوية وعنتريته الفارغة وتكبد الشعب حصارا قاسيا أدى بالأخير إلى تسليم البلاد إلى القوى الخارجية لتتقاسم ثرواته نتيجة سياسة المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت .

طريق الشعب لاتزال تحمل قيم تلك المبادئ العظيمة التي حملها الرواد من كبار الصحفيين العمالقة وهي تصدر بهيئة تحرير كفؤءة وكادر مهني متمكن وهي تتقدم الصحف الاخرى بكمية أعداد صدورها في الوقت الحاضر نتيجة انحسار الصحافة الورقية في عموم العالم.

طريق الشعب جريدة الناس الطيبين الوطنين المخلصين لشعبهم والمدافعين عن حقوق الناس الكادحين المعدمين نتيجة سياسة المحاصصة والفساد وتبقى صوت الشعب الذي لا يسكت بل يعلو إلى السماء عاليا من أجل تحقيق التغير المنشود في بناء دولة (المواطنة) الدولة المدنية الديمقراطية الضامن الحقيقي للإنسان في حياة حرة كريمة وليس منة من أحد ابداً.