اخر الاخبار

ربما يكون من باب التجني والقفز على الحقيقة الاكتفاء بالقول إن "طريق الشعب" صحيفة سياسية ناطقة باسم حزب عريق، يقال عنه بحق إنه عميد الأحزاب الوطنية العراقية وهو الحزب الشيوعي العراقي. لقد تعدت طريق الشعب حدود الحزبية الضيقة وحتى حدود السياسة بكل مفرداتها التقليدية لتصبح واحداً من الصروح الرصينة التي تؤرخ لتاريخ مديد يمتد لتسعين عاماً، تاريخ بالغ التنوع مثلما هو بالغ التعقيد كانت فيه طريق الشعب ليس فقط الراصد والمراقب، بل والمحرك والمؤثر في مجرياته وتقلباته وانعطافاته الحادة.

إن مراجعة بسيطة لتاريخ طريق الشعب تريك بوضوح بالغ أن هذه الصحيفة خطت خلال سني عمرها التسعين طريقاً واضحاً كانت فيه قضايا الوطن والشعب في الصميم من موضوعاتها المختلفة، التي عكست إلى جانب هموم الناس وقضاياهم اليومية شؤون الوطن الجيوسياسية، راسمة خارطة طريق واضحة لمصيره ومستقبل مكوناته المختلفة، مستندة بذلك إلى أرقى ما توصل إليه الفكر الإنساني الحر من مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية.

ونحن بصدد الاحتفاء بتسعينية "طريق الشعب" لابد من الإشارة إلى أن هذه الصحيفة المتفردة شكلاً ومضمونًا جسدت المعاني العميقة للصحافة الملتزمة وعانت جراء ذلك الأمرين من تعسف الأنظمة الرجعية والدكتاتورية المتعاقبة مراقبة وملاحقة واضطهاداً، وكانت رفيقًا ملازمًا للمناضلين سواءً في بيوت الفلاحين بأعماق الريف أو في قمم الجبال وقواعد الأنصار الشيوعيين، الأمر الذي ترتب عليه تقديم كوكبة من المناضلات والمناضلين المكلفين بإيصال "طريق الشعب" إلى بيوت الفقراء ومحبي الحرية في ظروف العمل السري القاسية.

لقد تتلمذت على صفحات "طريق الشعب" مجاميع من خيرة الصحفيات والصحفيين تجاوز تأثيرهم حدود الوطن ليصبحوا علامات فارقة في الصحافة العربية والعالمية الإنسانية المرموقة، فمثلما "خرج جميع عمالقة الأدب الروسي من معطف غوغول" على حد قول الروائي الروسي الكبير دوستويفسكي، خرج عمالقة الصحافة العراقية الملتزمة من صفحات "طريق الشعب" وبيوتها السرية لتغدو "طريق الشعب" بحق أكاديمية للعلوم السياسية والاجتماعية.