اخر الاخبار

كنت بين الرابعة عشرة والخامسة عشرة من عمري أتردد مع بعض أصدقائي على المركز الثقافي السوفيتي في شارع أبي نؤاس، حيث كانت الأجواء مفعمة بالنشاط الثقافي المتنوع بين المسرح والندوات الثقافية، وبعضها كان يوفر إمكانية الاستماع إلى شخصيات سياسية وعلمية متنوعة منها من يتحدث عن العلاقات التجارية والسياسية بين العراق والاتحاد السوفيتي، او شؤون المسرح والسينما والأدب.

هذا الشغف للمعرفة الذي اجتاح كياني بالأدب والثقافة، دفعتني اليه القراءات المتنوعة للأدباء الروس والفرنسيين والإنجليز التعرف على الشخصيات الملهمة مثل مكسيم غوركي جاك لندن فكتور هوجو  ولينين، وأسماء كبيرة مثل ماركس وإنجلز وغيرهم، كان يثير فضولي ويدفعني إلى البحث أكثر  للمعرفة، لكن كان ينقصني التوجيه السليم، فكنت بحاجة إلى من يأخذ بيدي وفي هذا الاتجاه وجدت جريدة طريق الشعب الغراء التي أنارت الطريق أمامي ووضعتني على الدرب الصحيح وعرفت من خلالها دروب الكفاح في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد وتعمق ذلك بعد انضمامي الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي.

حين بدأتُ العمل في سن السادسة عشرة، في معمل الألمنيوم "عبد الحميد الصفار" لصناعة الأواني المنزلية في بغداد الجديدة، حيث كانت هناك مجموعة من المعامل المحيطة، منها معمل الشخاط، معمل السخانات، معمل للنسيج، معمل للثلج ومعامل صغيرة أخرى، ومن حسن حظي أن احتضنتني مجموعة من العمال الشيوعيين الأفذاذ، ومن بينهم الشهيد أبو نصير (عبد الكريم أحمد)، إذ حظيت باهتمامهم، وتبين لي لاحقا أن معمل عبد الحميد الصفار كان قلعة لمجموعة من المناضلين الشيوعيين الذين كنت أستمع إلى أحاديثهم أثناء فترة الغداء عن الاستغلال، السيادة الكاملة للبلاد، الحرص على ثروات الوطن وعن النزاهة وأداء العمل والانضباط.

وكانت اللحظة التي وصلت فيها لي جريدة طريق الشعب أشبه بلحظة من يلتقي بحبيبته لأول مرة، بين المكائن تدس قطعة ورقية ملفوفة بعناية في يدي، أحتضنها وأضعها في جيبي، وأنتظر لحظة مطالعتها وحين حدث ذلك رأيتها صادقة في كل ما تذهب إليه من معالجات، حين تتحدث عن جرائم سلطة البعث، وعن الظلم الذي تتعرض له الطبقة العاملة، وحجم الاستغلال الذي يمارس ضدها، كما أنها تتحدث عن الثروة الوطنية التي تتعرض للهدر عمدا، وعن أهمية توزيع تلك الثروة بشكل عادل على الشعب والقضاء على الفقر ليتمتع الجميع بحياة حرة كريمة.

هذا إلى جانب الحديث عن الأوضاع السياسية في المنطقة والعالم، إن جريدة طريق الشعب هي مدرسة تعلمت منها وخرجت أجيال، لا بل إنها أكاديمية لها الفضل في نشر العلم والثقافة الوطنية الحقة، هي الشعلة التي تنير الطريق وهي الناطقة باسم العمال والفلاحين، نساء ورجالا، وكل شغيلة الفكر واليد.

ألف تحية وإجلال لجريدة طريق الشعب الغراء، وهنيئا لنا ولها بمناسبة عيد الصحافة الشيوعية.